النشر في رعاية الحكماء

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

النشر مسيرة حياة، تبدأ بالطفولة وتستمر جيلاً بعد جيل، يرافق الإنسان في تطوره الفكري والثقافي وحياته المهنية والاجتماعية، ويشاركه تحولاته العاطفية والذهنية ويوفر له الإجابات لكل سؤال قد يعترض طريقه أو يستفز مخيلته وعقله. والنشر أيضاً مسيرة أمم، يرافق الشعوب من أجل البناء والتنمية والتقدّم والرفاه، ويتيح لها أدوات القوة والاستقرار وعناصر الثقة والإيمان، كما أنه صناعة حيويّة مركبة للمعرفة، ولهذا يحظى باهتمام الحكماء، فنرى صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، يوفر للناشرين وصنّاع المعرفة أسباب التطور والاستدامة كافة.

بالتزامن مع موعد الدورة الخامسة عشرة من مهرجان الشارقة القرائي للطفل الذي يحظى برعاية صاحب السمو حاكم الشارقة، وقرينته سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، رئيسة المجلس الأعلى لشؤون الأسرة، تبرز أهمية تسليط الضوء على العلاقة بين قطاع نشر حيوي فاعل من ناحية، وجاذبية هذا القطاع لمختلف الأجيال، وبشكل خاص الأطفال.

وعند الحديث عن المسيرة، نستذكر هنا بداية دخول الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، رئيسة مجلس إدارة هيئة الشارقة للكتاب لقطاع النشر، التي كانت بهدف جعل المحتوى العربي أكثر جاذبيةً أمام الأطفال، لتواصل مهمتها بعد ذلك نحو تطوير قطاع النشر بشكل عام في الساحات الإماراتية، والعربية، والعالمية، وتقود جهوداً نوعيّة لرعاية الناشرين وتجاوز تحدياتهم كان أحدثها إطلاق صندوق الشارقة لاستدامة النشر (انشر).

إن إدراكنا في هيئة الشارقة للكتاب لأهمية قطاع النشر يحدد العوامل التي على أساسها نبني خططنا وبرامجنا، ونوجه مسارنا نحو دعم هذا القطاع، فنحن نؤكد في كل مناسبة أن قطاع النشر ليس ممارسة هامشية حالمة معزولة عن الواقع، بل التحام فكري ومعرفي مع هذا الواقع بهدف تعزيز عناصره الإيجابية والنهوض به خدمةً للكل الاجتماعي بدون استثناء. ونحرص أيضاً على توضيح حقيقة أن المطلوب من العاملين في قطاع النشر ليس النجاة في أوقات التحديات الكبرى فحسب، بل التجديد الشامل في المنهج والتفكير والخطط والأدوات مع الاستمرار بالإخلاص لمبادئ النشر.

ومبدأ التجديد والاستدامة في قطاع النشر يحتاج إلى الحوار على كل المستويات، بين الأفراد والعاملين في صناعة الكتاب والمعرفة، وبين التجارب والثقافات المختلفة، فليس هناك حل واحد وجاهز لتحديات الناشرين، لذلك نحن بحاجة للتواصل. ولعل خير مساهمة تقدمها هيئة الشارقة للكتاب من أجل استدامة هذا التواصل هي الفعاليات الثقافية التي تجمع صنّاع المعرفة والمثقفين وصنّاع القرار من مختلف دول العالم تحت سقف واحد، مثل معرض الشارقة الدولي للكتاب، ومهرجان الشارقة القرائي للطفل، ومؤتمر الناشرين الدوليين، ومؤتمر الموزعين الدوليين، ومؤتمر المكتبات، ومهرجان الشارقة للرسوم المتحركة، وكل لقاء أو نشاط نقوم به.

إن عملية إنتاج المعرفة جميلة وحالمة في ظاهرها، لكنها مركبة وحساسة جداً في تكوينها وشروط نجاحها، لذلك هي، كما أسلفنا، بحاجة لرعاية الحكماء، وقيادة المخلصين، وبحاجة للحوار وتجديد المفاهيم والأدوات حتى تبقى حيوية وتعكس في سطوعها ملامح كل من ينظر إليها بحثاً عن إجابات من الأطفال والكبار ومن مختلف الفئات والاهتمامات.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3vb8et96

عن الكاتب

رئيس هيئة الشارقة للكتاب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"