ياقوت الشعر...

00:11 صباحا
قراءة دقيقتين

تمتاز الهوية الثقافية لدول الخليج العربية، وبخاصة الإمارات، بحالة أدبية استثنائية يمكن توصيفها كظاهرة، وهي الحضور القوي للشعر النبطي، وشعرائه واعتباريّتهم الأدبية والثقافية في المجتمع العربي الخليجي، بل، لهؤلاء الشعراء رمزية تراثية عالية في الثقافة الشعبية الخليجية، ويشكّلون في المكان الخليجي وفي مجتمعه بعداً أصيلاً في ثقافة المكان، كما يحظى شعراء النبط بمكانة محترمة في الدول الخليجية على مستويات رسمية وشعبية، وعلى مستوى المؤسسات الثقافية.

الشعر النبطي في الإمارات يكتبه شعراء العمود الفصيح وشعراء التفعيلة وشعراء النثر:.. أحمد راشد ثاني، خالد البدور، أحمد العسم كأمثلةٍ لا حصرٍ، وهذه الكتابة النبطية بأقلام شعراء فصحى هي صورة الظاهرة الثقافية التي تمتاز بها الساحة الثقافية الإماراتية عن باقي الساحات الثقافية العربية التي تظهر فيها مسافة فارقة «إن جاز القول» بين شعراء الفصيح والشعراء الشعبيين، وَيُسَمّون في البلدان العربية شعراء المحكيات المحلية أو الشعبية.

في البلدان الخليجية، وبخاصة في الإمارات لا توجد مسافة فرق أو مسافة فارقة من هذا النوع بين النبطيين والخليجيين أو التفعيليين.. في هذه البيئة الشعرية كل شعر هو امتداد لما يجاوره من شعر آخر، وحين يكتب شاعر قصيدة نثر قصيدة نبطية فهو يلغي أية مسافات أو أية تباعدات بين هذه القصيدة الفصحى وتلك النبطية..

ربيع بن ياقوت، أحد أعلام شعر النبط في الإمارات وفي الخليج العربي بعامّة يحظى باحترام ثقافي ومكانة أدبية رفيعة عند شعراء الفصحى، وشعراء النثر في الساحة الثقافية المحلية، بل، إن شعراء الحداثة أو ما يطلق عليهم هذا الاصطلاح الإشكالي يذهبون، أحياناً، لإقامة قواسم مشتركة بين (حداثتهم) اللغوية، والفكرية، والجمالية، وبين الحداثة الماثلة في شعراء النبط الرموز مثل ربيع بن ياقوت، وراشد الخضر، ومحمد بن علي الكوس، وراشد بن طنّاف، وحمد بن خليفة أبو شهاب.

غاب «إلى الحضور النبطي الشعري» ربيع بن ياقوت. الاسم البلاغي الشعبي المتردد دائماً على ألسنة شعراء الحساسية الأدبية الجديدة في الإمارات، سواء على صعيد الفصحى أو النبط. غاب شاعر اللسان وشاعر المكان، وما يلفت هنا أن ابن ياقوت بدأ مسرحياً إلى جانب سلطان الشاعر، لا بل إن حمد بن خليفة أبو شهاب كانت له أيضاً علاقة بالمسرح، وهي فضاءات فطرية ثقافية إماراتية كانت تبشر بثقافة عربية عالمية للإمارات منذ أوائل خمسينات القرن العشرين، ولقد عاش ابن ياقوت زمن البشارة تلك، ورأى كيف يتحول الشعر، فعلاً، إلى ياقوت حين يكون في مكان الأدب.. مكان الفن والإنسان والحياة..

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yc5adxnd

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"