أرض الفرص

00:56 صباحا
قراءة 4 دقائق

عبدالله السويجي

أن يصبح وطنك أرض الفرص، وواحة لتحقيق الطموحات، وفضاء لتطوير المواهب والكفاءات، وصرحاً للحصول على المؤهلات، وبيئة لممارسة الحرية الاجتماعية والعقائدية والاقتصادية والثقافية، هذا يعني أن وطنك حقّق خلال خمسين عاماً فقط إنجازاً عظيماً، وحجز له مكانة إلى جانب الأوطان التي تفوق أعمارها مئات السنين، وهذا يعني، أن تحوّلاً طرأ على الجغرافيا الاقتصادية، وعلى خريطة الأعمال العالمية، وهو أمرٌ، لا يُعد مفخرة فحسب، وإنما إنجازاً يحتوي في داخله مسؤولية ضخمة، تضاف إلى المسؤوليات الجسام، التي تحمّلها أصحاب القرار في وطنك، الذين غامروا حيناً، وجازفوا أحياناً، والمغامرة والمجازفة هنا مفردتان إيجابيتان، تحملان حس الفروسية والإقدام والشجاعة والثقة، والحسابات المدروسة بدقة.

أن يصبح وطنك أرض الفرص، أن تصبح مواطناً مميزاً، تتحمل أعباء الحفاظ على هذا التّفرّد، وأن تجتهد وتبتكر وتبدع باستمرار، ما يحافظ على وطنك في الصفوف الأمامية، وأن تصبح ثرياً وحكيماً ومتواضعاً وقائداً وسفيراً ونموذجاً وقدوة، وهذا يتطلب منك إمكانات تتجاوز القدرات المادية، نحو الإمكانات المعرفية، والعلوم التطبيقية والإنسانية، وأن تصبح مؤسسة إعلانية ودعائية لوطنك، تقدّمه بأرقى الطرق والوسائل وأكثرها جاذبية وتطوراً، ليواصل استقطابه الكفاءات ورؤوس الأموال وأصحاب العقول والعلماء والفنانين والمواهب المتقدّمة والاختصاصيين في جميع نواحي الحياة، وأن تكون قادراً على التفاعل معهم، والتعامل بأرقى معايير العمل والشروط الإنسانية، ولكن لا تقدّم نفسك ملاكاً، وإنما مواطناً يعشق تاريخ وطنه وحاضره ومستقبله.

أن يصبح وطنك أرض الفرص، أن تكون متحدّثاً لبقاً، صاحب مخارج حروف واضحة، فالوضوح هو صنو الصدق، والصدق هو صفاء السريرة، والأخيرة مرآة للنوايا، وكل ذلك يظهر في إطلالتك، حيث الطاقة الإيجابية هي طاقة جذب قد تفوق وسائل جذب الاستثمارات والسياح ورجال الأعمال، هي الطاقة الموحية بالسلام الداخلي، المعبّرة عن الروح المحبة والمرحبة بالجميع، المعترفة بثقافات الآخر وعاداته وتقاليده، والمبتهجة به أيضاً، إضافة إلى ذلك، أن تكون فناناً في مجالك، أي مجال، أن تكون مبدعاً ومتجاوزاً ومقداماً ومؤثراً، تترك بصمتك، وأثراً في النفوس والقلوب والعقول. وأن تكون شاعراً جميلاً يجيد انتقاء المفردة والإيقاع والصورة الشعرية الساحرة، بحيث يترنّم الآخرون بكلماته بعد سماعها.

أن يصبح وطنك أرض الفرص، أن تكون مواطناً عالمياً، تعلم كيف تقيم علاقات اجتماعية ودبلوماسية مع الآخر، وتعرف لغة التخطاب، وحل الأزمات، والتعامل مع الأخطار والتحديات، أن تعرف كيف ترد على الحاقدين والحاسدين والناقمين، بلغة ترتقي وتسمو وتعلو، بلغة تمتلك الحجة والبرهان والأرقام والحقائق، وأن تحوّل العداء إلى تفاهم وسلام، والاشتباك إلى هدوء، من دون التخلّي عن شموخك واعتزازك وثقتك بتاريخك وإنجازاتك ورواد الإنجاز وصانعيه، وقادته ومؤسسيه، وأن تخطو بثبات وحذر في حقول الألغام، وأن تكون مساهماً في حل المشكلات التي يعانيها العالم والإنسان المعاصر، وتسهم في تطوير مستويات المعيشة للشعوب المحتاجة.

أن يصبح وطنك أرض الفرص، أن تعيش في وطن شيّد بنية تحتية متطورة تضاهي أخواتها في أكثر عواصم العالم تقدّماً، وأهمها شبكة الطرق الداخلية والخارجية، وتوفير التكنولوجيا المتقدّمة، والتقنيات الحديثة، وخيارات التواصل والاتصال المرنة، وأيضاً، الخدمات السريعة والشفافة والسهلة والدقيقة التي تحفظ أوقات المراجعين والعملاء والمستخدمين، وتنجز كل ذلك بأناقة المضياف، وذكاء المضيف، تستند في كل ذلك إلى إجراءات سريعة ومتطورة، تحكمها قوانين مدروسة بعناية، تضع مصلحة الوطن والمواطن فوق كل اعتبار.

أن يصبح وطنك أرض الفرص، أن تكون قد استكملت الانسجام مع الأفكار العالمية، ومنها الحقوق الفردية والجماعية، حقوق الطفل والمرأة وأصحاب الهمم وكبار السن، هؤلاء هم مرآة المدنية والتحضّر، ومعيار الإنسانية والجمال البشري، وقبل كل ذلك، حق كل من يتنفّس هواء الوطن بالعيش الكريم، وحقه في تحقيق طموحاته في العيش بسلام وأمن واطمئنان، وتوفير هذا الشرط المعنوي يمثّل البنية التحتية الأقوى لجذب الإنسان، فهي القاعدة الجوهرية لكل عمل إنساني، فكري واقتصادي واجتماعي، وهي الوجه البرّاق لمعايير السعادة.

أن يصبح وطنك أرض الفرص، ألا تتوقف عند المسلّمات، وألا تطمئن للإنجاز، فكل شيء له ما بعده، وكل زمن له ما بعده، وهو متغيّر بسرعة قد لا تدركها، فالعين الساهرة ضرورة وحتمية للمواكبة، والإضافة والابتكار وتحسين الجودة. هنالك مستقبل لا يعترف بالشعارات ولا العواطف، إنما بالاستراتيجيات والبرامج والخطط والدقة والحرص، إنه المستقبل المفعم بالتحديات، والتنافس والمفاضلة، الجميع ذاهبون إليه بأسلحتهم الخشنة والناعمة، بقواهم المادية والروحية، بالمعرفة الانتقائية والفكرة المبتكرة، وهو ينتظر الواصلين النوعيين، هؤلاء هم الجديرون بالبقاء في المحطة القادمة، المؤهلون للانتقال إلى ما يليها من محطات، ولا شك أنك من هؤلاء.

أن يصبح وطنك أرض الفرص، أن تكون كل ما ذكرت، متشبّعاً بفخر الولاء ومفخرة الانتماء، مستعداً لكل الاحتمالات، لديك جاهزية عالية لمواجهة التحديات والكوارث، الناتجة عن السلوك البشري، أو الطبيعي، غير مصغٍ للمغرضين والتافهين، مصغٍ لصوت وطنك العالي الشامخ، ووطنك هو القيادة والمواطنون، وكل من يعيش فيه من مخلوقات، وفق مبدأ التسامح والرأفة والمحبة، هذا الإصغاء هو منبع القوة التي ستحملك إلى المستقبل.

أن يصبح وطنك أرض الفرص، أي تكون في دولة الإمارات العربية المتحدة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4ptj243p

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"