هل تسمح بمزيج شطحات اثنيّة، إناسية، فلسفية، ثقافية، وأضف ما طاب لك من المصادر الصناعيّة؟ علّة هذا الطرح، سؤال في منتهى الأهمية، والأرجح أنه لا وجود لسؤال فوق أهميّته: ما هي معالم هويّة الأمّة العربية؟ المتعارف والمتفق عليه هو أن الفلسفة كلها تتلخص في سؤالين: من أنا؟ وما هو محيطي؟ قل: من نحن؟ وما هو محيطنا؟ سيكون الحديث للتحقيق، في سبيل الجمع لا التفريق.
نحصر الموضوع في نظرة ثقافية، بالرغم من تعدّدية مزيج الشطحات، لا ينبغي وضع القلم في قفص الاتهام بعجلة وتسرّع، إذا كان هو نفسه عجولاً في تحميل المناهج دائماً المسؤولية في عظائم الأمور المصيرية، خذ مثلاً: كم نهمّش الشعوب ونخرجها من ساحات الفعل، ونجرّدها من الوعي والإرادة والإحساس بالزمن والأمانة الوجودية، إذا ألغينا كل أدوارها، وخلُصْنا بجرّة قلم إلى أن الأنظمة السياسية هي المسؤولة أوّلاً وآخراً عن كل ما حدث ويحدث للعالم العربي. هل ندري ماذا يعني هذا الاستنتاج المأساوي؟ هل يُعقل أن يكون أربعمئة مليون عربي «كمالة عدد»؟، كائنات سحابيّة تُعيد الرياح الجيوسياسية تشكيلها في كل آن وهي مطواع؟ هل تذكر مقولة بونابرت: «لا توقظوا التنين، فإنه إذا استيقظ زلزل العالم»؟ من يدري؟ فلعله قال أيضاً: «لا توقظوا العالم العربي، فإنه إذا استيقظ زلزل الدنيا»، إنهم يفعلون، ولقد تجاوزت الأحداث الهدوء الذي يسبق العاصفة.
محورنا المفارقات في معالم الهويّة، المعطيات صادمة، وعلى المناهج العربية كلها أن تفكّر في أرخبيل الجزر المنفصلة، فالانسلاخ من الأمّة أقرب المسالك إلى المهالك، في مقاصب الغوائل لا فرق بين ثور أبيض وثور أسود، هوية الفرد تتشكل في الأسرة ثم المدرسة، مسؤولية التربية والتعليم ثقيلة، لأنها بناء طوال ست عشرة سنة.
أيها التربويون: هل الهوية العربية اليوم يتجسد فيها التراث العربي والهوية الإسلامية؟ ما هي منظومة القيم العربية الإسلامية التي توجه سلوكيات العرب اليوم؟ كيف نفسّر انعدام الوزن الوجودي والنضوب الحضاري؟ أليس عجيباً ألاّ يكون لأربعمئة مليون عربي رأي وموقف من المعادلة: دولة مساحتها صفر فاصل واحد% من مساحة العالم العربي، تعلن جهاراً عزمها على تغيير خريطة الشرق الأوسط؟ لماذا؟ لأن مفارقات الهوية العربية، هي أنها ليست على صورة «وامعتصماه»، ولا هي نسخة من الغرب الذي ملأ البرّ حتى ضاق عنه، ومياه المحيطات ملأها أساطيل، وبنى أعلى الممالك على الرماح العوالي، كما أوصى المتنبي.
لزوم ما يلزم: النتيجة الاقتصادية: أغلب الظن أن الأمّة ستقتدي بالأسواق، تصحّح نفسها بنفسها.
[email protected]
https://tinyurl.com/25zrv5cf