الأسرة وبناء الإنسان

01:14 صباحا
قراءة دقيقتين

إن استحداث وزارة الأسرة مؤخراً، يُعدّ بلا شك خطوةً تاريخية تعكس رؤية قيادتنا الرشيدة، لبناء مجتمع متماسك وقادر على مواجهة تحديات العصر، فالأسرة لم تكن يوماً مجرد وحدة اجتماعية صغيرة، بل قلبٌ نابض يحدّد مدى استقرار المجتمعات ونموّها.
ولكن لماذا وزارة الأسرة؟ وما الجوانب التي ترتكز عليها؟ وماذا عن انعكاساتها على المجتمع؟ وكيف ستكون الشراكات مع مؤسسات الدولة، لتحقيق الأهداف المنشودة؟
تشكل الوزارة الجديدة جزءاً أصيلاً من استراتيجية الإمارات؛ إذ تُركّز على تعزيز جودة الحياة، وتكريس قيم الترابط والتكافل، فمع تنامي تحديات الأسر اليوم، مثل الضغوط الاقتصادية، والتغيرات الاجتماعية، وأثر التكنولوجيا في العلاقات، أصبحت الحاجة ملحة إلى وجود جهة حكومية متخصصة قادرة على تطوير سياسات وبرامج تواكب هذه التحولات.
نعتقد أن رؤية وزارة الأسرة تشتمل على جوانب عدة تحاكي المجتمع بعمق أكبر، أبرزها تحقيق التوازن بين الأسرة والعمل، وتعزيز التوعية المجتمعية، وإعلاء قيم الحوار، والتفاهم بين أفراد الأسرة، ورصد التحديات وإيجاد حلول ناجعة لها، فضلاً عن تعزيز الوعي المالي للأسرة، بمبادرات توعوية وبرامج تدعم الإدارة المالية السليمة للأسر.
تشكل الشراكات المجتمعية مساراً مهماً في عمل الوزارة، لتحقيق أهدافها ورسم مستقبل الأسرة الإماراتية، ومن المتوقع أن تتعاون مع المؤسسات التعليمية لتعزيز دور المدارس في التربية الاجتماعية وترسيخ القيم الأسرية، ومع المؤسسات الصحية لضمان تقديم خدمات صحية ونفسية للأسر، فضلاً عن دعم جمعيات المجتمع المدني وإشراكهم في صياغة السياسات والمبادرات.
تمثل وزارة الأسرة خطوة محورية ذات تأثير طويل الأمد؛ إذ يُسهم وجود جهة متخصصة بشؤون الأسرة في إحداث تحول نوعي بالمجتمع الإماراتي، وتشمل أبرز الآثار المتوقعة تعزيز التنشئة الإيجابية للأطفال، ورفع معدلات السعادة المجتمعية، ودعم الاستقرار الأسري كإحدى ركائز جودة الحياة التي تسعى الإمارات لتحقيقها، وتعزيز التكافل بين الأجيال.
يعكس إنشاء وزارة الأسرة أولويات القيادة الرشيدة التي تدرك أن بناء الإنسان يبدأ بالأسرة، ويُظهر هذا القرار أن الإمارات تركز على بناء مجتمع متماسك يقدّر ويحمي قيمة الأسرة، ومن خلال هذه الخطوة، فقد وضعت الدولة الأسرة في صميم رؤيتها المستقبلية، ما يجعلها نموذجاً رائداً في عالم متغير.
في الواقع، إن ما يميز الإمارات دائماً هو قدرتها على تحويل المبادرات الوطنية إلى نماذج عالمية، ومع تطور عمل وزارة الأسرة، قد تصبح تجربتها مرجعاً للدول الأخرى، فهي ليست مجرد استجابة لاحتياجات الحاضر، بل استثمار استراتيجي لبناء مجتمع متوازن ومزدهر للأجيال القادمة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mta8shnd

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"