إسرائيل.. والتأثيرات النفسية للاحتلال

00:19 صباحا
قراءة 4 دقائق

الدراسات السياسية الدولية للشخصية الإسرائيلية بناء على عمليات القتل الجماعى لجميع السكان بما فيهم السيدات والأطفال، بدأت تحرك بحوث علماء النفس، بعيداً عن الاعتبارات والقواعد السياسية وفي تشخيص علمي للشخصية الإسرائيلية.
إحدى أبرز المؤسسات الدولية اهتماماً بهذا الجانب هي التي تعرف في بريطانيا بأكاديمية أوكسفورد Oxford Academy والمختصة بالطب النفسى، واهتمامها بما توصلت إليه من أن الشخصية الإسرائيلية تحركها دوافع نتجت عن إصابتها بالمرض النفسي، والذي ظهر بشكل لافت للانتباه في عيون المختصين عالمياً بهذه السلوكيات، والتي كان لنتنياهو دور كبير في إظهارها على هذا النحو، وهو ما يعكس تصرف حكومة نتنياهو مع الدول الأخرى، بمفاجآت للجميع في المسائل المتصلة بالسياسة والحرب بما يخالف معايير العلاقات الدولية والقوانين التي تحكمها.
حملت دراسة أكاديمية أوكسفورد عنوان «النتائج السيكولوجية الناتجة عن احتلال الأراضي الفلسطينية وانعكاساته سيكولوجياً على المجتمع الإسرائيلي».
وتهتم الدراسة بالخوض في تأثيرات الاحتلال على التفكير والسلوك، والمدفوع بحالة الصحة النفسية التي تنشر الاعتقاد بأولوية ممارسة العنف بحق الفلسطينيين، وأن الاحتلال في حد ذاته تسبب في تعريض أفراد المجتمع الإسرائيلي من جميع الأعمار لصدمات انعكست عليهم بالانجرار إلى تصرفات وسياسات كان رد الفعل هو الناتج لها. ثم إن الاحتلال يدفع المحتل بالضرورة نحو ممارسة العنف ضد الفلسطينيين، ويقود إلى قمع الخاضعين تحت الاحتلال، فالمحتل تتملكه باستمرار مخاوف من رد فعل الفلسطينيين على سلوكه العدواني، وهو ما أدى إلى نشوء أنماط جديدة من السلوك العدواني داخل المجتمع الإسرائيلي، بل إنه أفرز عداوات داخل دولة الاحتلال بين إسرائيليين وبعضهم بعضاً، كما أن نتنياهو حرص على إيجاد مناخ من الحروب، من شأنه – حسب اعتقاده بأنه سيوقف العداوات الداخلية، بين الإسرائيليين وبعضهم بعضاً، واستشهد المحللون بما أعلنته شبكات إسرائيلية بأن نسبة المصابين نفسياً بلغت 72%، كما توقعت صحيفة «إسرائيل هيوم» ارتفاع أعداد المعاقين نفسياً.
هنا تبرز مقولة مؤرخين إسرائيليين من أن حكومات دولة إسرائيل تفضل أجواء الحرب على فرص السلام، فقد أقامت فلسفة وجودها على وجود «العدو»، والذي يضمن لها – حسب رؤيتها – كبت الصراع الداخلي بين الإسرائيليين وبعضهم بعضاً، ولسان حالها يقول «لو لم يوجد العدو لأوجدناه».
وكشفت كثير من الدراسات أن الإسرائيلي يحمل هذه الظواهر والسلوكيات في أعماق فكره وفهمه للأمور حتى من قبل هجرتهم إلى فلسطين، وحين كانوا في أوروبا يعيشون في حارة اليهود «غيتو»، ثم ما أضافت إلى مشاعرهم مذابح الهولوكوست، ما خلق لديهم رد فعل مَرضيّاً بالانتقام من طرف لا دخل له فيما جرى لهم، وكانت النتيجة المُرضية أنهم صبّوا كل آيات الانتقام على الفلسطينيين، وكأنهم يطفئون سطوة سلوكيات هتلر على مشاعرهم.
بخلاف الدراسة العلمية لأكاديمية أوكسفورد، أخذت تظهر مراكز دولية بعضها في أمريكا، والبعض داخل إسرائيل نفسها، تركز على الجانب النفسى في السياسة الإسرائيلية.
فمثلاً نشر مركز أبحاث السلام في الولايات المتحدة دراسة بدأت بالقول بأن فترة وجود الاحتلال الأجنبي لدولة أخرى، تترتب عليها تداعيات نفسية قوية، وكان عنوان الدراسة «التداعيات السيكولوجية الاجتماعية للاحتلال الإسرائيلي لأراضي الفلسطينيين».
وهناك كتاب صدر بعنوان «الحالة النفسية في إسرائيل» نشرته دار روتيلبرغ تأليف ريبيكا كاجوبي، وهي رئيسة برنامج الطب النفسى في تل أبيب، وقد عملت وقتها بوزارة الصحة الإسرائيلية، وكانت مسؤولة عن الدراسات النفسية بجامعة تل أبيب، تقول المؤلفة إن إسرائيل دولة صغيرة في الشرق الأوسط، وإن غالبية سكانها من المهاجرين من أوروبا، والتي بدأت هجرتهم من قبل الحرب العالمية الثانية، وكان جزء كبير منهم من الناجين من الهولوكوست، وما أعقبها من هجرات من شمال إفريقيا، وجنوب أمريكا، ثم من إثيوبيا وروسيا، والنتيجة هي تجمع خليط من سكان متعددي التفكير والنزعات النفسية للعيش معاً في دولة واحدة، بحيث تشكلت منهم دولة تضم خليطاً من السكان متعددي النشأة والتفكير، والماضي المؤثر على كل منهم، وهو ما ظهر في توترات ونزاعات مستمرة فيما بينهم، كان قادة الدولة يطفئون نيرانها بالحروب المستمرة من حرب إلى أخرى.
في نفس المسار نُشرت دراسة بعنوان «عواقب النتائج السيكولوجية على المجتمع الإسرائيلي نتيجة احتلال الأراضي الفلسطينية» وتبحث الدراسة في تأثيرات الاحتلال على التفكير والسلوك الأخلاقي، والصحة النفسية والعنف في المجتمع الإسرائيلي، وأن الاحتلال تسبب في تعريض الإسرائيليين من كل الأعمار لصدمات نفسية، مما خلق رد فعل عصبيّ المزاج بين الإسرائيليين، دفعهم إلى العنف سواء فيما بين طوائف منهم أو بين الجنود والمستوطنين نحو الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، ويزيد من دوافع ممارسة العنف للذين تحت الاحتلال، في نفس الوقت الذي تتمكن منهم مخاوف من رد فعل الخاضعين للاحتلال على سلوكهم العدواني، وهنا يستخدم المحتل آليات دفاعية شرسة تتضمن تبريرات لسلوكه.
وبدا أن هذه الجهات العلمية على تعددها قد رسمت بنفس الخطوط، ظاهرة مخيفة تتحرك في الشرق الأوسط.
وقالت أيضاً إن هناك دراسات لعلماء وباحثين إسرائيليين تبرهن على أن المجتمع الإسرائيلي، مصاب بأمراض نفسية استحوذت على تفكيرهم جميعاً، ودفعتهم للتطرف الذي شاهده العالم في ممارستهم للإبادة الجماعية في غزة.

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"