عادي
المهرجان يحتفي بذاكرة التراث وإنجازات الحاضر

الحدائق المعلقة تحتضن «درة الساحل الشرقي» بكلباء

19:56 مساء
قراءة 7 دقائق

* عبد الله سلطان العويس: إضافة نوعية إلى أجندة الفعاليات
* برامج تعزز التنمية الزراعية والأمن الغذائي المستدام
* الإضاءة على التنوع البيئي في المدينة من الطيور والخيول
* فعاليات وورش تنقل حكايات البحر والبحارة وصيد اللؤلؤ
تنظم غرفة تجارة وصناعة الشارقة، مهرجان «درة الساحل الشرقي»، خلال الفترة من 24 إلى 26 يناير/ كانون الثاني الجاري، وتحتضنه الحدائق المعلقة، أحد أشهر المعالم السياحية وأبرزها في كلباء، ليمثل منصة تعكس رؤية الإمارة الطموح في تحقيق التنمية المستدامة والمستقبل الزاهر للمنطقة الشرقية.
يسلط المهرجان الضوء على المعالم السياحية الفريدة للمدينة، إضافة إلى تعزيز الثقافة المحلية والحفاظ على التراث الإماراتي الأصيل، حيث يأخذ زواره في رحلة بين الماضي والحاضر، ويدمج بين عبق التاريخ وتراث المدينة العريق، وبين التطور الحضاري الحديث، فمن خلال مساراته وفعالياته الرئيسية يعرض صوراً من الماضي الغني للمدينة، مثل الفروسية، والحرف التقليدية، والصناعات اليدوية، والبيئة البحرية التي تشكل جزءاً مهماً من هوية المنطقة.
ويضيء على الحاضر من خلال فعاليات اقتصادية وزراعية وتجارية تتماشى مع تطلعات المستقبل، مثل السياحية، والأمن الغذائي والزراعة، وهذا التوازن بين الماضي والحاضر، يجعل المهرجان تجربة ثقافية شاملة، ونافذة تتيح للزوار الاطلاع على ماضي المدينة المتألق وحاضرها ومستقبلها المشرق.
تعزيز التنمية
أكد عبد الله سلطان العويس، رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة الشارقة، حرص الغرفة على تنظيم الفعاليات الاقتصادية والتراثية والمجتمعية في مدن ومناطق الإمارة كافة، وتحقيق الموائمة بين هذه الفعاليات وبيئة هذه المدن والمناطق وأنشطتها الاقتصادية والزراعية والتراثية.
وتابع: «من هنا جاء تنظيم المهرجان الذي يهدف إلى تحفيز النشاط الاقتصادي المحلي، ودعم السياحة البينية من خلال إبراز معالم كلباء من حيث موقعها الجغرافي وتنوعها البيئي، إلى جانب ترسيخ الموروث الثقافي الأصيل والحفاظ على مهن الآباء والأجداد».
وتابع: «يعزز المهرجان التنمية المجتمعية، والحفاظ على البيئة، وتعظيم العائد الاستثماري من هذه المهن والصناعات القائمة عليه، وصولاً إلى تحقيق أفضل النتائج التي تنعكس إيجاباً على الواقعين الاقتصادي والاجتماعي في المدينة، عملاً بتوجيهات ورؤى صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الهادفة إلى تعزيز مكانة كلباء كوجهة سياحية وثقافية، ونموذجاً يحتذى به في الجمع بين الأصالة والتطور الحضاري، ما ينعكس في مستهدفات المهرجان الذي يُعدُّ إضافة نوعية إلى أجندة الفعاليات الثقافية والسياحية التي تشهدها الإمارة».
الأمن الغذائي المستدام
تركز مسارات المهرجان على تعزيز التنمية الزراعية والأمن الغذائي المستدام في المنطقة الشرقية، حيث يتضمن عرضاً للمبادرات الزراعية التي تسهم في تطوير هذا القطاع الحيوي، ويمثل فرصة للمزارعين المحليين لعرض محاصيلهم الزراعية التي تشتهر بها المنطقة، مثل الليمون والنبق والزيتون والرمان.
ويتضمن منصات لعرض مجموعة من المنتجات الغذائية التي تسهم في دعم الأمن الغذائي المحلي، بالتعاون مع إدارة الزراعة والثروة الحيوانية ومزرعة مليحة للألبان.
ويعكس المهرجان الجهود المبذولة في الدولة لتحقيق الاكتفاء الذاتي من خلال تحسين الإنتاج المحلي وتطوير التقنيات الزراعية، كما يركز على أهمية أشجار القرم التي تعتبر كنزاً بيئياً ذي أهمية اقتصادية وبيولوجية كبيرة، حيث تعمل على حفظ الشواطئ من التآكل، وتشكل بيئة حاضنة للعديد من الأسماك ذات القيمة التجارية والكائنات البحرية الأخرى، إضافة إلى مساهمتها في تخزين غاز ثاني أكسيد الكربون، كما تكمن أهميتها بقدرتها على التخفيف من آثار التغير المناخي، حيث تلعب دوراً فعالاً في تخفيض الانبعاثات الكربونية.


القرم والحفية
تعتبر محمية أشجار القرم والحفية في كلباء من المناطق الغنية بتنوعها الحيوي، وتعد غابة أشجار القرم في خور كلباء، واحدة من أقدم وأهم غابات القرم في شبه الجزيرة العربية، وتُعتبر محمية طبيعية فريدة، وتمتاز باحتوائها على العديد من النظم البيئية الخصبة، تتمثل في البيئات الساحلية لأشجار القرم والمستنقعات والسبخات الملحية والطينية، وتلعب دوراً رئيسياً في توفير البيئة الملائمة لتكاثر أنواع من الكائنات الحية، ما يجعلها محوراً رئيسياً في تعزيز الوعي البيئي، وتشجيع الحفاظ على هذه البيئة الطبيعية.
ويحرص المهرجان عبر فعالياته على تزويد الزوار بالمعلومات الضرورية حول كيفية حماية وتنمية هذه الأشجار التي تُعدُّ ركيزة مهمة في الحفاظ على التنوع البيولوجي والبيئة البحرية المستدامة.
تراث الأجداد
يستعرض المهرجان، بالتعاون مع هيئة الشارقة للثروة السمكية مجموعة من الأنشطة والفعاليات التي تعكس علاقة الإنسان بالبحر، وما تحمله هذه العلاقة من قصص وحكايات وتجارب، تروي حياة الأجداد الذين كانوا يبحرون عبره للصيد والتجارة، وارتبطت مهنهم بشكل وثيق بالمحيط، ومن بين هذه الحكايات، تتحدث الروايات عن تلك الأيام التي كان فيها البحر مصدر رزق وعيش، للعائلات التي تعتمد على صيد الأسماك واللؤلؤ.
ورش تعليمية
يتضمن المهرجان ورش عمل تعليمية تتيح للزوار تجربة عملية في صناعة أدوات الصيد التقليدية، مثل الشبك والخيوط، وصناعة القوارب التي كان يستخدمها أجدادنا في رحلاتهم البحرية.
وتعتبر هذه الورش فرصة لتعريف الأجيال الجديدة بتاريخ هذه الصناعات وكيف كانت تُصنع يدوياً في السابق باستخدام مواد طبيعية موجودة في البيئة المحيطة، ومن خلالها يكتسب الزوار معرفة قيمة عن تقنيات الصيد القديمة التي كانت تعتمد على البراعة والتقليد، وأهمية الحفاظ على الموارد والبيئة البحرية مثل الأسماك والشعاب المرجانية، بما يسهم في استدامة الحياة البحرية لأجيال قادمة.
أهم العالم البيئية
يسلط المهرجان الضوء على مركز كلباء للطيور الجارحة الذي يعتبر أحد المعالم البيئية البارزة في الدولة، ويضم مجموعة من الطيور، بما فيها المقيمة، والمهاجرة التي تزور المنطقة في مواسم هجرتها، ومن أبرزها التي توجد في المركز الصقور بأنواعها، والنسور، والبوم، والباز، والشاهين، والعقاب، وغيرها الكثير.
يتيح المهرجان للزوار فرصة التعرف من كثب على هذه الطيور من خلال مجموعة من الفعاليات والمحاضرات التثقيفية التي تنظم بالتعاون مع مركز كلباء للطيور الجارحة، وتهدف إلى استعراض الأنواع الجارحة التي تعيش في المنطقة الشرقية، وتقديم معلومات دقيقة حولها، سلوكها، وطبيعة حياتها البرية.
وتشمل المحاضرات أيضاً أهمية هذه الطيور في الحفاظ على توازن النظام البيئي، كما تتناول كيفية العناية بالطيور الجارحة والحفاظ على بيئتها الطبيعية، إضافة إلى عرض أساليب تربيتها، والتدريب على الطيران والصيد، وهي رياضات تقليدية قديمة تُمثل جزءاً من التراث الإماراتي الذي يتم نقل معرفته من جيل إلى جيل.
ويهدف المهرجان من خلال هذه الفعاليات إلى تعزيز الوعي البيئي والثقافي حول أهمية الطيور الجارحة في المنطقة، وضرورة الحفاظ عليها وحمايتها، كما يشجع الزوار على تعلم كيفية استخدام هذه الطيور بطريقة مستدامة، مع مراعاة حماية البيئة والحفاظ على الحياة البرية.
الفروسية تراث أصيل
يخصص المهرجان مساراً خاصاً لمنصات بيع مستلزمات الفروسية، حيث يعرض مجموعة من الأدوات والمعدات التي تواكب تطور هذه الرياضة العريقة، بما في ذلك السروج، واللجام، وأدوات العناية بالخيول.
ويهدف المسار إلى تقديم تجربة فريدة للزوار، من خلال تعريفهم بأهمية مستلزمات الفروسية في تدريب واهتمام الخيول، وتاريخ هذه الأدوات التي كانت تُستخدم في الماضي بتصميمات يدوية، ويتيح للمهتمين فرصة التعرف إلى أحدث المنتجات المتخصصة بصناعة مستلزمات ركوب الخيل، والمقطورات، وصناديقها، وحدواتها، والسروج، واللجام، ومكملات وأعلاف غذائية، وملابس وأحذية خاصة.
ويتضمن المهرجان، عروضاً حية لعدد من الأنشطة تتيح للزوار تجربة ركوب الخيل، وتهدف هذه الأنشطة إلى نشر الثقافة الفروسية بين الأجيال الجديدة، وتعريفهم بأهمية رياضاتها التي تعكس الأصالة الإماراتية وتقاليدها العريقة.

حدث ثقافي
يشهد المهرجان مجموعة من الفعاليات التي تعزز الوعي الثقافي لدى الأجيال الجديدة، وتشجع الزوار على استكشاف المزيد عن تراث الدولة، ما يجعله حدثاً ثقافياً شاملاً يحتفل بتاريخ المنطقة، ويبرز دورها في الحفاظ على التراث الإماراتي.
ومن أبرز هذه الفعاليات، العروض التراثية الحية من ضمنها الرقصات والأشعار والأهازيج والموسيقى الشعبية، وغيرها من الأنشطة التي تنقل الزوار إلى الماضي الأصيل وتروي حكايات الأجداد.
ويكون للمهرجان نصيب من ورش العمل الحرفية التي تتيح للزوار فرصة تعلم فنون الصناعة اليدوية التقليدية والحرف التي كانت تمثل جزءاً من الحياة اليومية للآباء والأجداد في المنطقة.
ويتضمن مجموعة من الفعاليات الفنية الحية التي تضم عروضاً مسرحية وموسيقية تعكس التنوع الثقافي في المنطقة، ما يتيح للزوار الاستمتاع بأجواء من الفرح والتفاعل مع الفنون، ومن خلال هذه الفعاليات، يتمكن الزوار من التعرف إلى تاريخ وثقافة مدينة كلباء بطريقة تفاعلية، في تجربة غنية بالفعاليات التي تمزج بين التراث والحداثة.
أجواء حماسية
تأتي المسابقات ضمن الفعاليات، لتضيف أجواء حماسية وممتعة للحدث، وتوفر الفرصة للزوار لإبراز مهاراتهم في مجالات متعددة، وتمنحهم إمكانية الفوز بالعديد من الجوائز التي تصل قيمتها الإجمالية لـ 100 ألف درهم.
ومن أبرز هذه المسابقات، أجمل تغطية تصويرية لفعاليات المهرجان، والتي تهدف إلى تشجيع المهتمين بمجالات التصوير والفن على إبراز إبداعاتهم، إضافة إلى تسليط الضوء على الجوانب الثقافية والتراثية التي يعكسها المهرجان، وإبراز المعالم السياحية والتنوع البيئي الفريد الذي تتمتع به كلباء، من خلال إعداد فيديو مدته دقيقة واحدة يعكس أجواء المهرجان.
يتناول الفيديو العروض الثقافية والفنية، والأنشطة الترفيهية والرياضية، التي تجسد العادات والتقاليد المحلية، سواء كانت في الأزياء التقليدية، الحرف اليدوية، أو الأنشطة الثقافية المميزة، إضافة إلى جمال الطبيعة التي تتميز بها كلباء.
وتمتد المسابقة على مدار 3 أيام من 24 إلى 26 يناير/ كانون الثاني الجاري، ومن 4 عصراً حتى 8 مساءً، وتبلغ قيمة جوائزها الإجمالية 30 ألف درهم، حيث يُختار 5 فائزين يومياً.


رؤية طموح
يمثل المهرجان رحلة فريدة عبر الزمن، تجمع بين أصالة الماضي وجمال الحاضر، وتجسد رؤية الشارقة الطموح في تحقيق التنمية المستدامة والحفاظ على التراث الثقافي الأصيل.
ويقدم منصة للاحتفاء بكل ما هو جميل في كلباء، من جمال طبيعي بيئي، إلى تنوع ثقافي مدهش، ما يعكس التزام الدولة، بالحفاظ على تراثها الأصيل وتعزيز مستقبلها، وبين الفعاليات التي تجمع بين التراث والتنمية، تظل كلباء، درة الشرق الساحرة، مرآة تنبض بالحياة والتاريخ، ومصدر إلهام للمستقبل المشرق.
نموذج ملهم
تزهو مدينة كلباء بفضل جهود صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الذي أرسى دعائم التطوير والازدهار فيها، وجعلها نموذجاً ملهماً للجمع بين أصالة الماضي وتطلعات المستقبل، فلا تزال تتواصل المشروعات التنموية فيها، في إطار نهضة حضارية شملت جميع المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، فيما تزينت المدينة بالمشاريع السياحية والبيئية التي أمر سموّه بتنفيذها لتصبح وجهة سياحية مفضلة للسياح والزوار من داخل الدولة وخارجها للاستمتاع بطبيعتها الخلابة، وتراثها الغني ومرافقها السياحية المتطورة.

   

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"