إن حساب ولادة الهلال، وحساب موقعه في أية لحظة مطلوبان دائماً في أي مكان من العالم، وهذا النمط من الحسابات الفلكية ممكن ومتاح تماماً وبدقة لا يرقى إليها الشك من الناحية العـلمية التطبيقية. وترتبط أغلب العبادات والمناسبات الدينية ارتباطاً وثيقاً بالأشهر القمرية.لكنّ قضية تحديد أوائل أيام الأشهر الهجرية تبقى منوطة بعلماء الفقه، ضمن الفرق التي سيرد تفصيلها فيما يلي.
أصبح الحساب الفلكي أو الفيزيائي الفلكي أحد العلوم المعاصرة التي وصلت إلى درجة عالية من الدقة، خصوصاً فيما يتعلق بحسابات مواقع الأجرام السماوية، ولا سيما مواقع القمر والأرض، والتنبؤ بحركاتهما بالنسبة للقبة السماوية، وحساب مواقع بعضهما بالنسبة لبعضهما الآخر في أي وقت مستقبلي وبصورة قطعية لا تقبل الشك، ويعتبر وقت اجتماع الشمس والأرض والقمر في مستوى واحدٍ، أو ما يعبر عنه بالاقتران أو المحاق، هو حدث فلكي كوني يحصل في لحظة زمنية محددة لكل منطقة على سطح الأرض، ويستطيع علم الفلك أن يحسب هذه اللحظة بدقة فائقة.
وعليه، فيمكننا تبسيط هذه المسألة بين الفلك والشرع بالنقاط التالية:
*أولاً: فلكياً: يدخل الشهر الجديد فلكياً بمجرد حدوث الاقتران قبل غروب الشمس ولو بلحظات، وبتحقق شرط غروب الهلال الجديد بعد غروب الشمس.
*ثانياً: فقهياً: وقد ذهب علماء الفقه إلى ثلاثة فرق اعتماداً على تأويلهم لكلمة رؤية في الحديث الشريف الذي ورد في صحيحي البخاري (1909)، ومسلم (1081)، والذي روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فإنْ غُبِّيَ علَيْكُم فأكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ».
الفريق الأول: اشترط رؤية الهلال بالعين المجردة أو بالأجهزة الفلكية بعد غروب الشمس.
الفريق الثاني: والذي أوّل الرؤية بالعلم بالشيء، ذهب إلى قبول الحسابات الفلكية التي تُثبت قطعاً غروب الهلال بعد غروب الشمس وبعد حدوث الاقتران.
الفريق الثالث: ذهب بعض الفقهاء إلى الجمع بين الرأيين، آخذاً بالحسابات الفلكية التي تعطي موقع الهلال القابل للرؤية بعد غروب الشمس بالعين المجردة أو بالأجهزة الفلكية.
هذا، واعتمد الفريق الثالث على بعض الشروط الفلكية التي تم الاتفاق عليها في مؤتمر رؤية الهلال الذي عًقد في إسطنبول – تركيا، بتاريخ: 26-29 ذو الحجة 1398 هـ، 27-30 نوفمبر 1978م، للتحقق من إمكانية الرؤية بالعين المجردة أو بالأجهزة الفلكية، وهذه الشروط هي:
أن يغرب الهلال بعد غروب الشمس في موقع إمكانية الرؤية.ألا تقل زاوية ارتفاع القمر عن الأفق عند غروب الشمس عن (5˚) خمس درجات. ألا يقل البعد الزاوي بين الشمس والقمر عن (8˚) ثماني درجات.
لنطبق الآن ما ورد أعلاه في حساب بداية الشهور القدسية القادمة رمضان المبارك وشوال وذو الحجة لهذا العام الهجري 1446:
بالنسبة لشهر رمضان المبارك القادم فإن بدايته ستكون بمشيئة الله يوم السبت الموافق 1 مارس/آذار 2025، لأن لحظة الاقتران (ولادة الهلال) حسب توقيت الإمارات ستتحقق في تمام الساعة 04:44 من صباح يوم الجمعة الموافق 28 فبراير/شباط 2025، أي أن لحظة الاقتران ستحدث قبل غروب الشمس ويغرب الهلال بعد غروب الشمس بحدود 31 دقيقة في أبوظبي وبأكثر من 40 دقيقة كلما توجهنا غرباً، وتكون الرؤية ممكنة.
أما بالنسبة لشهر شوال فستكون لحظة الاقتران أو ولادة الهلال حسب توقيت الإمارات في تمام الساعة 14:57 من بعد ظهر يوم السبت الموافق 29 مارس/آذار 2025 (أي أن الاقتران سيتم قبل غروب الشمس ويغرب القمر بعد غروبها بحدود 7 دقائق، وإذا توجهنا إلى الدول غرب الإمارات سنجد أن القمر يغرب في بعضها بعد غروب الشمس بأكثر من 20 دقيقة وبالتالي فإن رؤيته صعبة جداً حتى في أقصى الغرب. ولكن، وبما أن الهلال يغرب بعد غروب الشمس فمن المحتمل أن يحدد أول يوم شهر شوال (بداية عيد الفطر المبارك) من قبل عدد من الدول العربية والإسلامية ليوافق يوم الأحد 30 مارس/آذار 2025، وستحدد الدول الأخرى الأول من شهر شوال الاثنين 31 مارس/آذار 2025.
أما بالنسبة لشهر ذو الحجة 1446هـ، فإن لحظة ولادة الهلال حسب توقيت الإمارات تكون في الساعة 07:02 من صباح يوم الثلاثاء الموافق 27 مايو/آيار 2025. وعليه يكون أول أيام شهر ذي الحجة يوم الأربعاء الموافق 28 مايو/أيار 2025، وعليه يوافق يوم عرفة الخميس 5 يونيو/حزيران، وعيد الأضحى المبارك (10 ذو الحجة) يبدأ الجمعة 6 يونيو/حزيران 2025. وكل عام ودولة الإمارات العربية المتحدة والأمة الإسلامية بألف خير.
مقالات أخرى للكاتب




قد يعجبك ايضا







