العلاقات الدولية في 100 يوم

00:27 صباحا
قراءة دقيقتين

السيد صدقي عابدين

أوشك الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على إكمال مئة يوم في منصبه، خلال هذه الفترة اتخذ قرارات كثيرة، طال بعضها علاقات بلاده الخارجية وأثّر على مجمل حركة العلاقات الدولية وكان على رأس القرارات ذات التأثير الدولي تلك الخاصة بفرض الرسوم التجارية، يضاف إلى ذلك مطالبته حلفاء بلاده بالمزيد والمزيد من الإنفاق على التسلح.
ترافق ذلك مع تحول في الموقف الأمريكي تجاه روسيا ومن ثم تجاه الحرب في أوكرانيا وكان من بين ما قذف به ترامب إلى الساحة الدولية أيضاً المطالبة بضم دول وأراض مجاورة لبلاده وبعيدة عنها وتغيير في مسميات مستقرة ولا يمكن إغفال ما قام به الرئيس بخصوص المنظمات الدولية، حيث انسحب من البعض منها وأوقف أو قلل التمويل لأخرى في ظل توجه إلى تقليص المساعدات الإنمائية الخارجية التي تقدمها واشنطن، ترافق مع كل ذلك استخدام الإدارة الأمريكية لغة دبلوماسية أقل ما توصف به أنها حادة، وتصل حد التوبيخ العلني.
هذه السياسات وغيرها أحدثت تأثيرات في العلاقات الدولية، من ناحية أولى اهتزت الثقة بين واشنطن وحلفائها، الذين فوجئوا بالخطاب الأمريكي المُرفَق بإجراءات تطالهم ومن ناحية ثانية أدت إلى تفكير بعض الدول في البحث عن خيارات إضافية قد تمثل درعاً لها مقابل السياسات الأمريكية الجديدة ويبدو أن معظم العيون توجهت إلى الصين، سواء جيرانها القريبين، أو في القارة الأوروبية وغيرها من مناطق العالم، استدعى ذلك عصا واشنطن التهديدية الغليظة وصل الحال بوزير التجارة الأمريكي سكوت بيسنت إلى وصف هذا التوجه بالخطوة الانتحارية.
ما بين ثقة كانت راسخة، وبحث عن ثقة يتم بناؤها ضجت المنظمات الدولية المعنية بالشأن الإنساني بالعجز المالي الكبير الذي أثّر بشدة على عملياتها. يبرز ذلك ظاهرة التباين الواضح بين توجهات زيادة الإنفاق العسكري والتي جاء الكثير منها بضغط أمريكي مباشر في مقابل تخفيض المبالغ المخصصة لمساعدات التنمية.
من الواضح أنه خلال هذه الفترة الوجيزة زاد تهميش المنظمات الدولية، حيث لم تعد قواعدها هي المعيار في التصرف، أو أنها لم تعد المعيار الأساس، خاصة لدى بعض الدول، هذا التهميش يأخذ العالم إلى معترك قد يودي ببعض هذه المنظمات. ومن ثم تكون هناك حاجة للبحث عن بدائل حتى لا يغرق العالم في فوضى.
إذا كان العالم قد اعتاد على أن يكون هناك استعراض لما تقوم به الإدارة الأمريكية الجديدة في أول مئة يوم، فإنه في هذه المرة أمام تحولات غير معتادة على الصعيدين الداخلي والخارجي على السواء بسبب ما قامت به الإدارة الحالية ويبدو أن ما قاله ترامب نفسه من أنه «أنجز» في ثلاثة وأربعين يوماً ما لم تنجزه إدارات في أربع أو ثماني سنوات كاملة صحيحاً من هذه الناحية، لكن يبقى السؤال مطروحاً عن مردود هذه السياسات خاصة على المدى المتوسط والبعيد.
العالم لن يظل تحت تأثير صدمة تلك السياسات وإنما ستكون هناك عملية بحث عن بدائل وملاذات رغم التحذيرات الأمريكية، ما قد يؤدي إلى المزيد من تراجع قبضة واشنطن على الشؤون العالمية.

[email protected]

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"