الصداقة

هل يستحق كل من نعرفه أن يسمى صديقاً، وما هي الصداقة الحقة أو الحقيقية. تُعرف الصداقة بأنها علاقة إنسانية تتمتع بالمودة والاحترام والألفة والثقة بين شخصين أو مجموعة أشخاص، وهي فعل يمارسه كل إنسان خلال مراحل حياته المختلفة، حيث إنها تمثل جزءاً مهماً من مهارات التفاعل الاجتماعي لدى كل فرد، ولا غنى له عنها مهما كانت طبيعته أو أسلوبه أو طريقة حياته.
هل طرح أي واحدٍ منا على نفسه كم صديقاً لديه، وفكر في معنى الصداقة، وكيف يمكن التعبير عن الصداقة بالفعل قبل القول، فالصداقة ليست مجرد كلمة نطلقها على كل من يدخل حياتنا أو نتعرف إليه، وليست مجرد منفعة نستفيد منها وتنتهي بالحصول على تلك المنفعة، وليست مجرد كلمة عابرة في قاموس الكلمات، بل هي كما قيل منهل يساعد الإنسان على الاستمتاع بالحياة، وقد عبر عنها أفلاطون بأنها علاقة محبة بين الأنا والغير.
الصداقة بمعناها الحقيقي «فضيلة» يمكن التعبير عنها بالثقة المطلقة وحسن النية المبنية على الصدق والشفافية والمحبة والإخلاص والتفاهم والانسجام والثقة والتعاون ورحابة الصدر، تمارس بالروح نفسها في السر والعلن، بعيداً عن النفعية الفردية أو الوقتية التي تنتهي بمجرد الحصول على المنفعة المطلوبة.
وهي تعتمد بشكل كبير على طريقة اختيار الأصدقاء ومفهوم الصداقة لدى كل واحدٍ فينا، فالصديق كما قيل من صدقك في السر والعلن وفي السراء والضراء، وكان معك في كل حال العون والمعين لك، حامل لهمك ومفرج لغمك، ترسو مراكبك على شطآنه بكل هدوء وتبحر في بحاره دون خوف من ضربة في الظهر أو غدر يأتي لا تدري ساعته، بينك وبينه عهد وميثاق شرف لا ينفصم.
يا ترى أيها القارئ الكريم كم من صديق لديك وكم من مرة ندمت على صداقة شخص ما، وكم من مرة خانك الاختيار، وكم من مرة فوجئت بأن من سميته صديقاً قلب لك الصفحة وأظهر لك وجهاً لم تتوقعه منه، كم من مرة شعرت بالغبن أو بالحسرة على رفقة شخص ما وتحسرت على تسميته بالصديق، كم من واحد تقرب لك فخيل لك أنه صديق حتى بان لك وجهه الحقيقي عند أول موقف تظهر فيه بلاغة معنى ومغزى الصداقة الحقة فكان كسراب ظننته ماء، وكم هو مؤلم خنجر الصداقة المبنية على المنفعة والمصلحة فقط.
إن الحياة لا تخلو من الأصدقاء الحقيقيين الذين تجدهم بجانبك في سرائك وضرائك وفي قوتك وضعفك.
أصدقائي.. ثقة القلب والروح لكم وكل الامتنان على وجودكم في حياتي.
وأسأل كل قارئ كريم كم صديقاً حقيقياً في حياة كل واحدٍ منكم.