نوايا إسرائيل المعلنة

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

بدأت النوايا الإسرائيلية تزداد وضوحاً حول غزة، فالهدف الأساسي والأهم بالنسبة لتل أبيب ليس تجريد الفصائل من سلاحها أو إنهاء حكم حماس فحسب، بل إن الأمر أعمق من ذلك فهو يتمثل بعملية إحلالية، يتم فيها تهجير كل المدنيين والسيطرة التامة على القطاع بوجود عسكري تام، ثم الانتقال لاحقاً إلى مرحلة الاستيطان، وهذا بالفعل ما تقوم به إسرائيل عبر تجويع سكان غزة، وحصارهم، وقصفهم بلا هوادة أو رحمة، والرسالة هي إما أن تهاجروا وإما أن تموتواً قصفاً وجوعاً.
ما تصبو إليه إسرائيل معلن، ولا يندرج في دائرة التحليل، فنتنياهو أعلن أن العمليات العسكرية في غزة ستتحول من «الاقتحامات المحدودة إلى احتلال الأراضي والبقاء فيها»، وهذا يعني بالضرورة تدمير القطاع بأكمله، لأنه لن يتحقق ذلك إلا بعمليات سيطرة عبر سياسة الأرض المحروقة، بحيث يتم تدمير كل شيء كي لا تواجه قواته الخطر، وقد عبّر عن ذلك صراحة وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، ب«تدمير غزة بالكامل خلال بضعة أشهر، وسيتركز سكانها في منطقة محور موراج في القطاع، ومن هناك سيغادرون بأعداد كبيرة إلى دولة ثالثة»، أما وزير التراث الإسرائيلي أميحاي إلياهو فقد ذهب أبعد من ذلك، فبعدما دعا في السابق إلى استخدام السلاح النووي ضد القطاع، طالب الآن بقصف مخازن الطعام وتجويع السكان في غزة، قائلاً: «يجب أن يتضوروا جوعاً وإذا كان هناك مدنيون يخشون على حياتهم فعليهم اتباع خطة الهجرة»، وهذا التصريح بلا ريب دعوة إلى إبادة جماعية، والتي تنفذ على رؤوس الأشهاد بالفعل، ببنك أهداف معظمه من الأطفال والنساء والشيوخ إلى جانب الاستهداف المتعمد للشباب الذين يبحثون عن قوت لأبنائهم يملأون به شيئاً من تلك البطون الخاوية.
إسرائيل لا تريد إنهاء مقتلتها، فهي ترى أنها أمام فرصة تاريخية لتغيير الواقع الديمغرافي بما يحقق مصلحتها في توسيع رقعتها، وتحقيق حلمها التاريخي بامتلاك أرض من دون الفلسطينيين، وهي كما تفعل ذلك بشكل كبير ومتسارع في غزة، فإنها أيضاً تقوم بعمليات تهجير واسعة النطاق في الضفة، وتقتل وتبطش وتحاصر الأحياء والقرى والمدن، ورفعت أيضاً من وتيرة استيطانها، وكل ذلك يجري من دون أضواء، لأن الإبادة في غزة تغطي على جريمتها في الضفة.
الضفة لم ينطلق منها السابع من أكتوبر، ومع ذلك فإن إسرائيل تسعى إلى التمدد فيها ضاربة عرض الحائط بكل المثل والأخلاق والقوانين الدولية، مستخدمة آلة عسكرية عمياء تتحكم بها عقلية الثأر والحقد وأخذ ما ليس لها، مدعومة بحكومة يمينية لا تقيم وزناً لأي شيء.
القضية الفلسطينية باتت راهناً في مرحلة مفصلية جِدّ خطرة، لذا فإن اتخاذ مواقف عربية ودولية صارمة هو الوقت المناسب الآن للحفاظ على جذور الفلسطينيين في أرضهم، ووقف الإبادة بحقهم، وإلّا فإن النكبة الجديدة قادمة لا محالة.

[email protected]

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"