في إطار التحولات التي يشهدها العالم والمنطقة، وتأثيرها في مجرى العلاقات بين الدول، وفي ظل ما نشهده من تطورات أمنية وسياسية واقتصادية قد تحدد مصير النظام العالمي لسنوات طويلة مقبلة، تأتي زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى المنطقة، بدءاً من المملكة العربية السعودية ثم دولة الإمارات العربية المتحدة وقطر، ولقاءاته مع قادة دول المنطقة لترسم خريطة طريق جديدة بين دول مجلس التعاون والولايات المتحدة، وتحدد سياسات ومواقف ثنائية تجاه مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك، إضافة إلى الأوضاع الأمنية في المنطقة.
وإذ تأتي الزيارة وسط ترحيب استثنائي، وخصوصاً أنها ضمن الزيارات الخارجية الرسمية الأولى للرئيس ترامب منذ توليه السلطة للمرة الثانية، باستثناء مشاركته في وداع البابا فرنسيس، فإنها تحمل مؤشرات إيجابية على أن العلاقات مع الولايات المتحدة تأخذ مساراً متصاعداً، وتوجهاً نحو تعزيز العلاقات في مختلف المجالات.
وبالنسبة لدولة الإمارات، فإن هذه الزيارة تشكل امتداداً لعلاقات استراتيجية ثنائية تعود إلى أكثر من خمسة عقود اتسمت بالعمق والثبات، وتم خلالها إقامة شراكة استراتيجية شملت مختلف الحقول التي تحقق المصالح المشتركة، منها السياسية والاقتصادية والأمنية والتنموية والتقنية، كما أن الإمارات تعتبر شريكاً موثوقاً للولايات المتحدة في تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، ذلك أن دولة الإمارات تنتهج سياسة خارجية ثابتة تقوم على الالتزام بالقانون الدولي وشرعية حقوق الإنسان والاحترام المتبادل، وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى، واحترام سياسات الدول، والحوار، والتسويات السلمية للأزمات الدولية من منطلق الإيمان الراسخ بالحق والعدل.
إن تلك العلاقات التي قامت على هذه الأسس باتت تشكل قاعدة لتعميق التعاون بين البلدين، فقد زادت صادرات دولة الإمارات إلى الولايات المتحدة 3.9 مليار دولار من 3.2 مليار دولار عام 2022، إضافة إلى ذلك ارتفعت إعادة صادرات الإمارات إلى الولايات المتحدة بنسبة 17 في المئة لتصل إلى 9.6 مليار دولار في عام 2023، مقارنة ب8.2 مليار دولار عام 2022، كما بلغت استثمارات الإمارات في الولايات المتحدة نحو 3.7 مليار دولار بين عامي 2018 و2023، بينما بلغت استثمارات الولايات المتحدة في الإمارات نحو 9.5 مليار دولار خلال الفترة نفسها، وتشمل استثمارات الإمارات في الولايات المتحدة، الطاقة المتجددة والاتصالات، والطاقة، والعقارات، والخدمات البرمجية، وتكنولوجيا المعلومات، كما أن الإمارات شريك رئيسي للولايات المتحدة في العمل المناخي من خلال تسريع الطاقة النظيفة، حيث استثمرت شركة مصدر في 11 مشروعاً، بما في ذلك مشروع الطاقة الشمسية والبطاريات بالقرب من لوس أنجلوس، ومن المقرر أن تلعب الإمارات دوراً رئيسياً في مشروع «Nasa’s lunar gateway»، حيث ستطور وحدة مخصصة لإقفال الهواء الخاصة بالطاقم والعلماء، وترسل أول رائد فضاء إماراتي إلى مدار القمر، حيث تم الإعلان عن هذه المبادرة في 1 يونيو/حزيران 2024.
وتمضي العلاقات بين الإمارات والولايات المتحدة في تطور مستمر. ولا شك أن زيارة الرئيس ترامب إلى الإمارات ستكون استثنائية في أهدافها ونتائجها.
مقالات أخرى للكاتب




قد يعجبك ايضا







