!الحياة والعمر..!

01:22 صباحا
قراءة دقيقتين

هل لاحظت أن في كثير من الزيارات التي نقوم بها للطبيب، حين تسأل عن السبب تكون الإجابة الأولى: «طبيعي العمر له أحكامه»؟ حتى إن كنت لا تزال في ريعان شبابك، وحتى إن كنت بلغت الستين وما زلت في صحة تمارس رياضتك ومتقن للعبة اللياقة والأكل الصحي، لكن يبدو أن أسهل الإجابات تعلق على شماعة «العمر» وكأن الحياة يجب أن تبدأ بالذبول النفسي بعد خط عمر ما، أو أن تبدأ في حفظ الإسطوانة لتصبح هي الذاكرة النفسية التي تحيا بها ما بقي لك من عمر..!
الإنسان هو السبب الأول لنفسه، قد يستسلم لكل المحبطات، وكل الأعراض وكل التعب الذي يمر به فيصبح حالة من الجمود والإرهاق والمرض، ليستمر ولتصبح ذاته مقتنعة تماماً بأن كل ما يصير هو طبيعي وأنه يجب أن يستلسم لشماعة «العمر» ويبدأ مرحلة القناعة العقلية والنفسية بأن لا يوجد أي فائدة ترجى من تغيير نمط الحياة، أو أسلوب الأكل أو حتى تفادي ما يمكن أن يضر به مقتنعاً «أن لا فائدة حتى من المحاولة»، نحن خلقنا على فطرة الحياة، وأن نبقى نفرح بالحياة مابقي فينا عمر، ومابقي فينا نفس وإحساس جميل على هذا الكوكب، كل لحظة هي نعمة، وكل فرصة هي نعمة، وكل محاولة هي نعمة والأصل هو المحاولة للتغيير، التغيير الجزئي، الذي يصبح جزءاً من روتين الحياة ومن فلسفة اليوم الذي قد يصبح مضغوطاً لدرجة الانفجار.
لا يمكن لنا أن نستسلم لوهم «انتهى، ولا فائدة» بل مجرد أن تتحرك فأنت تحسّن من مجرى التنفس لديك، من دورتك الدموية ومن حالتك المزاجية فتغدو بخير أكثر، بمجرد أن تضحك مع من تحب فأنت بخير وانسجام مع الحياة، وما أن تغمض عينيك وتنام بسهولة ويسر فأنت مغبون وفي خير. لا يوجد أجمل من أن نعيش ونحن نفتح أعيننا صباحاً فنسمع زقزقة عصفور في باكورة يومه، ومن رؤية خيط الشمس الأول، ومن قراءة أذكار الصباح بداية اليوم، واستشعار الدقائق الأولى بل الساعة الأولى في عمر جديد كتب لك بفضل من الله ونعمة.
اليوم الذي يبدأ بصلاة الفجر، وذكر الله والحمد والتسبيح هو يوم عظيم، وأنت في معية الله وحفظة، فإن كان الله تعهد بحفظك فكيف يبدأ الخذلان الداخلي بالنضوج فيك، وكيف يسعى فيك قول لا فائدة منه ولا أثر، أنت في بحبوحة النظر للسماء، في نشوة الشهيق والزفير، في سماحة الحب والوفاء الذي تمنحه لمن حولك ونفسك، في هالة من الوجد في حضور والديك، وقلوب من تحب، أنت في فلك مما لا يحصى ولا يقدر بثمن، فاستمتع في كل عمر ولحظة وثانية، وتأمل كل يوم شيئاً حولك وقل «الحمدلله، وسبحان من أبدع في خلقه؟!».

[email protected]

عن الكاتب

مؤلفة إماراتية وكاتبة عمود أسبوعي في جريدة الخليج، وهي أول إماراتية وعربية تمتهن هندسة البيئة في الطيران المدني منذ عام 2006، ومؤسس التخصص في الدولة، ورئيس مفاوضي ملف تغير المناخ لقطاع الطيران منذ عام 2011

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"