الحرب على حافة الهاوية

01:48 صباحا
قراءة 3 دقائق

التطورات العسكرية الخطِرة التي يشهدها الصراع بين روسيا وأوكرانيا تخفي أموراً غير مفهومة أدت إلى هذا التصعيد غير المسبوق، منها أنها جاءت بعد ثاني محادثة هاتفية بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأمريكي دونالد ترامب، وبعد حديث عن محاولة استهداف مروحية بوتين في كورسك، في ظل موقف أوروبي متوتر يدفع بالأوضاع إلى حافة الهاوية.
محادثة بوتين وترامب، كان يؤمّل أن تفتح الطريق إلى حل سلمي للأزمة، لكنها لم تحقق أهدافها، وربما تسبّبت في تدهور الوضع، بدليل التغير المفاجئ للنبرة الأمريكية، والعودة إلى التلويح بسلاح العقوبات والانتقادات الحادة والمفاجئة من ترامب لبوتين. أما السبب الثاني الذي قد يبرّر هذا التصعيد العنيف، فيتصل بتلميح قائد عسكري روسي إلى تعرّض بوتين لمحاولة اغتيال، خلال زيارته إقليم كورسك الذي استعادته موسكو من القوات الأوكرانية مؤخراً، وهو حدث لا يمكن التكهن بتداعياته وتأثيره المباشر في مجريات الصراع. 
أما الموقف الأوروبي، المنخرط في الصراع، فلا يبدو بعيداً عن الشبهات المتعلقة بزيادة حدة العمليات العسكرية، خصوصاً في ظل معارضته الشديدة للتوجه الأمريكي الجديد بالتصالح مع روسيا سعياً إلى إبرام صفقة معها، وهو ما يعتبره الأوروبيون تهديداً مباشراً لأمنهم ومصالحهم، وتفريطاً في ثلاث سنوات من الدعم لأوكرانيا دون تحقيق «الهزيمة الاستراتيجية» المنشودة بروسيا.
وكان إعلان ألمانيا وبعض حلفائها الأوروبيين رفع القيود عن مديات الأسلحة المسلّمة إلى كييف، والسماح لها بضرب العمق الروسي، بما يشمل موسكو، تأكيداً على رغبة شديدة في ممارسة ضغوط قصوى لتغيير مجريات الحرب، ووضعها في سياق جديد يقطع الطريق على مساعي الرئيس الأمريكي لإنهاء الحرب كما يريد، ويمنعه من مواصلة التواصل مع سيد الكرملين، وإعطائه ما يريد على حساب أوكرانيا، وبما يتخطى الخطوط الحمراء للأمن الأوروبي. وهذا التوجه عبّرت عنه بوضوح ألمانيا وبريطانيا وفرنسا التي أعلنت أنها ستتحدى المواقف الأمريكية، وتستمر في دعم أوكرانيا حتى تحقق أهدافها، رغم الإقرار بصعوبتها والمخاطر المحتملة جراء هذه المواقف المتصلة إزاء قوة عسكرية عظمى.
في أكثر من مناسبة، قال ترامب، إن روسيا ربما ستستحوذ على أوكرانيا كلها وليس المناطق الأربع التي ضمّتها بالإضافة إلى شبه جزيرة القرم. وفي موسكو قال نائب رئيس مجلس الأمن القومي دميتري مدفيديف، إن المنطقة العازلة، التي تقيمها بلاده الآن، «قد تشمل كامل الأراضي الأوكرانية»، إذا استمرت القوى الأوروبية في ما يعتبره «سياسات عدائية» تجاه روسيا. ومفاد هذا التصريح أن احتمال توسع الحرب وزيادة حدتها إلى مستويات أعنف أمر قائم، وربما يكون البديل لمحاولات ترامب إبرام صفقة تنهي هذا الصراع، وهو ما سيضع الولايات المتحدة في مأزق حقيقي بين أن تنسحب من الوساطة وتنأى بنفسها بعيداً وتترك المواجهة بين روسيا والدول الأوروبية، أو تعود مجدداً إلى سياسة جو بايدن بتكثيف تسليح أوكرانيا وفرض أشد العقوبات على موسكو. 
ولا شك أن الخيار الثاني سيمثل فشلاً سريعاً لترامب في إنهاء أزمة «خلال 24 ساعة» كما كان يقول، أما الأمر الأخطر فإنه قد يدفع إلى أكبر صدام أمريكي روسي، ويجعل من خطر الحرب العالمية الثالثة أمراً واقعاً كما كان يحذر منه ترامب مراراً، وأعلن بوتين أنه لا يخشاه ما دام يدافع عن وجود روسيا ومصالحها العليا.

[email protected]

عن الكاتب

إعلامي

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"