بدأت بعض المدارس الخاصة في ابتكار أشكال وأفكار متعددة لحفلات تخريج طلبتها، سواء عبر التعاقد مع صالات أو محلات تصوير، وغيرها من الأزياء التي يتحتم على الطلبة لبسها خلال الحفل.
كل هذا أمر محمود وعلى المدارس أن ترتّبه بالطريقة المثلى، فلا أحد إلا ويحب أن يرى فلذة كبده في أبهى صورة. وفي هذا اليوم بالتحديد، تهون كل القصص أمام فرحة التخرج، لكن بما يُستطاع.
بعض الأرقام التي تطلبها مدارس لأجل حفلة تخرج، بالتأكيد تكون أضعاف كُلفتها الحقيقية، وهنا لا يجوز أن تلجأ المدرسة إلى تحقيق الربح من كل شيء، فهي وإن كانت تحقق أرباحاً من رسوم الطلبة، وهذا أمر متفهّم، أمام صاحب العمل أو المالك، ولكن يجب ألّا تجري الربحية على جميع أنشطة المدرسة ومرافقها؟
الأمثلة التي يسوقها الأهالي على ذلك كثيرة، فالزي المدرسي الذي تفرضه المدرسة وتبيعه لطلبتها، يُجمع غالبية الأهالي على أن كُلفته لا تساوي ربع القيمة التي تباع بها للطالب، وذلك الأمر ينسحب على الكتب المدرسية وبعض القرطاسية والحقائب التي تبيعها المدارس لطلبتها، فمن غير المعقول أن تكون ربحية هذه المدارس من هذه المرفقات أكثر من المحال التجارية التي تبيع الأشياء المماثلة.
المدرسة بيت الطلبة، وحضنهم الدافئ، وهي ملجأ الأهل لتهذيب الأولاد وتعليمهم النظام وسط المجتمعات الطلابية المختلطة، وهي بيت التعليم ومقصد المستقبل، ولا أحد يستغني عنها، لكن ضجر الأهالي من المبالغات بات يثير حفيظتهم، فالطالب يحتاج إلى مبلغ قد يساوي أقساطه المدرسية السنوية لأجل الدروس الخصوصية، لأن اليوم التعليمي وعلى طوله غير كافٍ لإفهام الطلبة وتحفيظهم دروسهم، أضف إلى ذلك فان الأنشطة اللامنهجية والموازية لعملية التعليم، كالطلب من الطلاب إحضار مرفقات و«مشاريع» وما إلى ذلك من طلبات تكلف الأهالي الكثير، ويكون مصير المشروع بعد اليوم المدرسي، في سلة المهملات.
حفلات التخرج المدرسية، تساوي حفلات الزواج عند الأهل، والفرحة التي تعتريهم أكبر بكثير من كُلفِها، ولكن ليس كل الأهالي على مقدرة مالية لمجاراة طلبات المدارس، ولا يبرر ذلك أن وجود الطلبة في مدرسة واحدة، أن يكون جميع الأهالي من نفس المستوى المالي، فالأمر مردّه اعتبارات أسرية أخرى، فبعض الأهالي يحرمون أنفسهم الكثير من كماليات الحياة، وأحياناً أساسياتها لأجل أن يؤمّنوا لأولادهم تعليماً جيداً، أو في مدرسة يشهد لها بالسمعة والمستوى.
اختيار الأهل لمدرسة جيدة لأبنائهم لا يعني بالضرورة مقدرة مالية موازية، فالبعض يعلّمون أولادهم على حساب قوتهم، ويبقى الأمر رهن إدارات هذه المدارس للرأفة بالأهالي.
[email protected]
مقالات أخرى للكاتب




قد يعجبك ايضا
