من المفاهيم التي يتمّ تداولها عند وقوع خطأ ما، أو خلل في مهمة، أو عند ارتكاب مخالفة ما، يظهر ما يعرف بالفرصة الثانية، وهي مفهوم عام، ونجدها في مختلف مفاصل حياتنا، على مستوى العلاقات الاجتماعية، وعلى مستوى العمل والوظيفة، بل حتى على مستوى القضاء والأحكام.
إذاً، مفهوم الفرصة الثانية، وإن كنا نحن على مستوى فردي، قد نستخدمه مع المقربين منا، ونتعامل معه، إلا أن له استخدامات أوسع وأشمل. يوجد تقسيم مفيد، قد يكون أكثر وضوحاً. على سبيل المثال، على مستوى العلاقات الاجتماعية، يمكن اعتبار الفرصة الثانية تعبيراً عن التسامح، سواء أكان بشروط أو لا. أما على مستوى العمل والوظيفة، فقد يكون وسيلة وطريقة إدارية لمعالجة خلل في بيئة العمل، أو من أجل التطوير أو حتى فرز ومعرفة الموظفين الجادين في إصلاح أخطائهم، ومعالجة ما يقعون فيه من إخفاقات، وبين الموظفين الأكثر إهمالاً وتجاهلاً. واللافت أن مفهوم الفرصة الثانية قد نجده حتى في بعض الحالات القضائية، وهذا يتم في نطاق وهدف إعادة التأهيل والإصلاح والمساعدة، الحال نفسه في مجال التعليم؛ حيث يهدف لتعزيز الثقة، وإعادة المحاولة لتجنب الإخفاق. وقد تكون هناك مجالات أخرى يمكن توظيف مفهوم الفرصة الثانية فيها.
على المستوى الاجتماعي، في مجالات مثل الصداقة أو الزواج أو الروابط العائلية، وصلات القربى، ونحوها، قد يكون مفهوم الفرصة الثانية أكثر وضوحاً، بل قد يكون بعضنا قد جرّبها ومارسها، لكنها تبقى مفهوماً واسعاً يتم في عدة مجالات ونطاقات من حياتنا البشرية. ومن هنا يجد البعض أن منح الفرصة الثانية خطأ أو لا داعي لها، وهناك من يعتبر الفرصة الثانية وسيلة لتنظيم العلاقة ومنحها مجالاً للنمو والتغير نحو الإيجابية. وبين هذين القولين، تبقى الفرصة الثانية ضعيفة، ولا مجال لتطبيقها، مع تكرار الأذى، أو عند استغلال طرف لها واستهلاكها، في مثل هذه الحالة، تتحول الفرصة الثانية لسبب في تحوّل التسامح إلى ضعف، وكأنها تسحب من رصيد الثقة والاحترام، وهو ما ينتج علاقة غير متوازنة وغير صحية.
أعتبر أن منح الفرصة الثانية ممارسة إنسانية نبيلة، وليست ضعفاً، ولا موقفاً عاطفياً عابراً، بقدر ما أنها تنمّ عن المسؤولية والتقدير للظروف، وعلى الطرف الآخر التنبه لأنها مبادرة حسن نية، ودلالة على الحرص، وعليه يجب التنبه وتجنب الأخطاء.
عن الكاتب
المزيد من الآراء
مقالات أخرى للكاتب
قد يعجبك ايضا
