مارلين سلوم
لكل ممثل بارع نقاط قوة بإمكانه إظهارها والتركيز عليها، إذا أجاد قراءة نفسه وموهبته وما يملك من مميزات وقدرات عليه استغلالها في المكان الصحيح، فتجده وبشكل تلقائي يرفع من مستوى العمل الذي يشارك فيه، ويكون له دور في جعل الجمهور متمسكاً بمتابعته وإبداء إعجابه بالأداء حتى ولو كره الشخصية التي يؤديها، لذلك تجد نفسك منحازاً أحياناً لفنان يجسد دوراً ثانياً أو ثانوياً أكثر من إعجابك بالبطل، تماماً كما يحصل حين تشاهد مسلسل «آسر» المأخوذ عن آخر تركي، والذي مازال يعرض وسيمتد إلى تسعين حلقة.
مجموعة نجوم يشتركون في تقديم هذه الدراما اللبنانية- السورية، يتقدمهم باسل خياط، وباميلا الكيك، لكن بنظرك أنت كمشاهد يهتم بتفاصيل العمل ويحب الاستمتاع بأداء الفنانين، ترى أن آخرين يسبقون باسل، وباميلا على صدارة البطولة، بسبب شدة إتقانهم لأدوارهم والأداء القوي والتلقائي بعيداً عن الافتعال وبذل المجهود المبالغ فيه والذي يشعر به الجمهور في معظم المشاهد.
مجدي مشموشي فنان ترفع له القبعة لأدائه المتميز لشخصية غازي والد حياة (باميلا الكيك) وشقيقتها ناي (زينة مكي)، في ملامحه ونظرته ومشيته وانحناءته أحياناً وعنجهيته أحياناً أخرى ترى النموذج الحقيقي للإنسان الخبيث المتلون كالحرباء، ماكر كالثعلب، يخطط ويدير ويجعل الآخرين لعبة بين يديه ينفذون خططه الشريرة.. يليه في الأداء سامر المصري بدور عزت الصديق القاتل، وخالد القيش بشخصية راغب الصديق الثاني لمجد، بينما يبدو باسل خياط مؤدياً جيداً لدور آسر، لكنه لم يتمكن من الغوص في عمق وروح الشخصية إلا في مشاهد قليلة جداً، رغم أن آسر يعاني أزمات نفسية عدة، ممزق بين شخصيته الحقيقية مجد، وشخصية آسر التي يتقمصها بعد إجراء عملية تجميلية غيرت كل ملامح وجهه وصوته، والتي من خلالها سيتمكن من الانتقام من حبيبته حياة وصديقيه عزت وراغب، أما النجم عباس النوري فهو مفتاح الأحداث واللغز الأكبر في القصة، وقد جسد شخصية الخال رستم بأفضل ما يكون.
مثل باسل، تبدو باميلا الكيك مجرد مؤدية لدور حياة، المرأة التي تحمل هي أيضاً مجموعة عقد كفيلة بجعلها إنسانة ممزقة، بينما باميلا انشغلت بالحفاظ على مظهرها ومشيتها طوال الوقت كعارضة أزياء على المنصة، أكثر من انشغالها بلغة جسد المرأة التي تآمرت على حبيبها وتعلمت من أبيها كيف توقع كل الرجال في فخها، والمرأة التي لم تتمكن من التخلص من ذكرى مجد رغم كل ما حصل، في المقابل بدت زينة مكي أكثر بساطة منها وأكثر تلقائية بأداء دور ناي الطيبة والمشرفة على الموت.
«آسر» مثل غالبية المسلسلات المأخوذة عن الدراما التركية، يطول بلا دواعٍ درامية حقيقية، لكنه ينال رضا الجمهور بسبب البراعة في كتابة أحداث مشوّقة تجعل المشاهد ينتظر الحل الذي لا يأتي، وبسبب براعة الممثلين.
[email protected]