الضوضاء أحد الملوثات البيئية التي تطال كل الكائنات الحية على كوكب الأرض، فالصوت طاقة فيزيائية تخترق السمع بحركة هوائية اهتزازية، ويستقبلها الجسم على شكل ذبذبات. إن تأثير هذه الطاقة في صحة الإنسان أمر لا جدال فيه، حيث أكدت الأبحاث أن الأصوات، بغض النظر عن مصدرها، لها تأثير مباشر في الكائنات الحية.
إن التعرض لأصوات مزعجة بكثافة يؤدي إلى تغيرات سيكولوجية وفسيولوجية على الجهازين التنفسي، والعصبي، وقد أجريت عدة دراسات عن تأثير الضوضاء خاصة في المناطق المكتظة بالسكان، والمطارات، والسيارات، والمصانع، في صحة الكائنات الحية، أكدت الإصابة بأمراض عدة نفسية وجسمانية، بسبب مقاومة هرموني الأدرينالين، والكورتيزون للضوضاء، الأمر الذي ينتج عنه استهلاك الجسم لنسبة عالية من الإفرازات التي تسبب له صداعاً مزمناً، وعسر الهضم، وتصلّب الشرايين، وارتفاع الكوليسترول في الدم، وأمراض القلب، وضعف مقاومة جهاز المناعة للفيروسات والبكتيريا.
أجريت دراسة صادرة عن جامعة كاليفورنيا على مجموعة من البشر تقطن بالقرب من المطارات والمصانع، مقارنة بمجموعة ثانية تسكن في الأرياف والقرى، وتبين في التجارب المختبرية تلف في خلايا المخ للمجموعة الأولى بسسب تعرضها إلى ذبذبات صوتية قوية، فضلاً عن ارتفاع في نسبة الوفيات بينها بسبب الضوضاء المستمر طيلة اليوم. وهناك دراسة أخرى على قبائل «مابان» السودانية، وهي من القبائل النيلية التي تقطن وسط الطبيعة، فعندما انتقلت تلك القبائل للعيش في الخرطوم المكتظة بالسكان والضجيج، تعرضت للعديد من الأمراض التي أصابت الجهاز العصبي.
وصدرت دراسة عن المعهد الأمريكي للتقانة تبين تأثير الضوضاء الناتج عن حركة الطائرات في مملكة الحيوان، فالأبقار والمواشي التي تعيش في تلك المناطق تعاني انخفاض كمية الحليب، ويتسبب ضجيج الطائرات بموت صغار الطيور. ودرس باحثان فرنسيان تأثير ضوضاء الطائرات أثناء الإقلاع والهبوط في مملكة النحل، حيث وجدا أن النحل يفقد الشعور بالمكان، والزمان.
أما في ما يخص عالم النبات، فقامت الباحثة دوروثي ريتاليك، بوضع مكبر صوت موسيقى الروك بالقرب من النباتات ما أدى إلى ذبولها.
إن التعرض لمستويات عالية من الذبذبات والموجات صوتية الصاخبة يربك كل الكائنات الحية، ويؤدي في نهاية الأمر إلى أضرار صحية جسيمة للإنسان، والحيوان، والنبات.