الأطفال الثلاثة

خفّفت الصين قبل أيام من سياسة تنظيم الأسرة، الأمر الذي سمح لجميع الأزواج بإنجاب ثلاثة أطفال من أجل التعامل مع التحدي المتمثل في ارتفاع نسبة الشيخوخة السكانية وتحسين الهيكل الديمغرافي للبلاد. وعند إعلان القرار، قبل يوم واحد من ذكرى اليوم العالمي للطفل، تعهدت الحكومة بتوفير الدعم الكامل للأسر ومتطلباتها.
في السبعينات، أنجبت المرأة الصينية في المتوسط خمسة إلى ستة أطفال. ولكن بحلول أوائل التسعينات، كان لدى الصين أحد أدنى معدلات الخصوبة في العالم. وفي عام 2000، بلغ معدل الخصوبة الإجمالي في الصين 1.22، ثم انخفض أكثر إلى 1.18 في عام 2010. وعلى الرغم من أن المعدل ارتفع بشكل طفيف إلى 1.3 في عام 2020، إلا أنه لا يزال أقل من الخط الأحمر البالغ 1.5.
ووفقاً لنظرية النمو السكاني، على البلدان أن تسعى جاهدة لتحقيق توازن ديناميكي بين إجمالي السكان والتركيب الديمغرافي. لذلك من الضروري الحفاظ على معدل الخصوبة الإجمالي بين 2.1 و2.3 للحفاظ على مستويات السكان.
ومن ثم، فإن قرار السماح لجميع الأزواج بإنجاب ثلاثة أطفال يمثل طفرة في السياسة السكانية، لأنه يمنح الأزواج مزيداً من الخيارات والمرونة في التخطيط لحجم أسرهم. ومع ذلك، قد لا تؤدي سياسة الأطفال الثلاثة إلى زيادة معدلات الخصوبة بالقدر المتوقع لأنه، بصرف النظر عن الردع الحاصل من جرّاء ارتفاع تكاليف التربية والمعيشة، لا يرغب العديد من الأزواج في الصين بإنجاب طفل ثانٍ، والبعض لا يرغب حتى في إنجاب أي طفل.
وبعد زيادة المواليد الجدد بمقدار مليوني مولود إضافي في عام 2016، ومليون مولود في عام 2017، فقدت سياسة الطفلين فاعليتها، حيث بدأ معدل الخصوبة في الانخفاض منذ عام 2018. وفي الواقع، ووفقاً لتقرير الإحصاء الوطني الأخير، فإن عدد المواليد الجدد بلغ 12 مليون مولود فقط في عام 2020، بانخفاض 5 ملايين عن ثلاث سنوات مضت.
وهذا يدل على أن تخفيف سياسة تنظيم الأسرة وحدها لن تؤدي إلى زيادة معدلات الخصوبة وعليه، تحتاج السلطات من أجل تحسين الهيكل الديمغرافي إلى معالجة الأسباب الجذرية لانخفاض معدل الخصوبة والتي تمنع العديد من الأزواج من إنجاب أكثر من طفل واحد، مثل ارتفاع تكاليف التعليم، والإرهاق الجسدي والعقلي الذي يعانيه الوالدان عند تربية الأطفال، فضلاً عن أن العديد من النساء يترددن في الإنجاب لأن ذلك قد يعني التضحية بآفاق حياتهن المهنية. لذلك من الأفضل تنفيذ تدابير داعمة تتماشى والسياسة الجديدة، بدلاً من عدم القيام بأي شيء على الإطلاق في محاولة زيادة معدلات الخصوبة.
لا تكمن أهمية سياسة الأطفال الثلاثة في دورها في زيادة الولادات الجديدة فحسب، بل في منح الأزواج أيضاً دوراً أكبر في التخطيط الأمثل لعائلاتهم.
«تشاينا ديلي»