عادي

«الزليج» الفاسي المغربي.. تراث عريق يزدهر رغم التحديات

00:07 صباحا
قراءة دقيقتين

في كل ركن وزاوية من أزقة مدينة فاس المغربية العتيقة يحدثك التاريخ وتقف الذاكرة شاهدة على حضارة وعراقة المدينة متجلية في معمارها وقصورها البديعة، والتي تصنفها منظمة اليونيسكو كتراث إنساني عالمي.

ولعل ما يصنع فخامة معمارها القديم وقصورها هو «الزليج» المغربي التقليدي بلمسة فاسية تختلف عن «الزليج» في تطوان أو مراكش.

فالزليج، أو هذه الفسيفساء المغربية والذي لا يزال يصنع يدوياً بدقة ومهارة عالية، لم يخفت الطلب عليه سواء داخلياً أو خارجياً، أمام مغريات الحياة العصرية، بل كما يقول محمد بن غالي التحيفة وهو مختص في فن الزليج ورئيس سابق لغرفة الصناعة التقليدية بفاس: «الزليج له زبائن متميزون، ليس الأثرياء نظراً لكلفته، لكن أيضاً ذوو الثقافة».

ازدهار الحرفة

تزايدت صادرات الزليج المغربي إلى الخارج في الفترة من 2016 إلى 2022، وتأتي الولايات المتحدة على رأس المستوردين بأكثر من 68 في المئة، تليها الدول الأوربية بنحو 18% من إجمالي الصادرات.

وأفادت غرفة الصناعة التقليدية بفاس أن القطاع «لم يتأثر بتداعيات جائحة كورونا، بل على العكس من ذلك عرف تطوراً وإقبالاً كبيراً في مجموعة من الدول وخاصة الولايات المتحدة التي تحتل الصدارة في استيراد زليج مدينة فاس».

زليج بعبق التاريخ

تغير الزليج الفاسي عبر التاريخ منذ تأسيس المدينة التي اعتبرها العرب والمسلمون حاضرة للغرب الإسلامي عام 172 هجرية (789 ميلادية).

وتحول من قطع فسيفساء بسيطة في زخرفها وألوانها إلى قطع بأشكال هندسية بديعة ومنمقة تصل أحياناً إلى درجة التعقيد، وألوان متناسقة بين درجات الأخضر والأزرق والأحمر، إذ شهد الزليج الفاسي تطوراً في شكله وألوانه في فترة حضارة الأندلس.

وما يميز زليج فاس عما يصنع في تطوان هو حجم القطع التي تتميز بأحجامها الصغيرة والدقيقة التي تأخذ شكل نجمات صغيرة ومعينات ومستطيلات تتشكل فيما بينها وتترتب بشكل هندسي دقيق.

ويقول منير أقصبي، أستاذ التاريخ والآثار بجامعة سيدي محمد بن عبدالله بفاس والمفتش السابق للمباني التاريخية بفاس: إن هذه الصناعة «عرفت تطوراً كبيراً في عهد المرينيين (الذين حكموا المغرب في الفترة من القرن 13 إلى القرن 15 الميلادي)».

واستشهد بالمؤرخ المغربي الحسن الوزان «الذي يتحدث عن ازدهار هذه الصناعة بشكل غير مسبوق بفاس، والمدارس والجوامع التي ترجع لهذه الفترة خير دليل».

وأضاف أن «الزليج من الوعاءات المهمة إلى جانب الجص والخشب التي أبدع في تشكيلها الصانع الفاسي، فلا تكاد تخلو أية بناية تاريخية بالمدينة من وحدات الزليج التي تغطي الجزء الأسفل من الواجهات التي تحيط بالفناءات سواء في المساجد أو المدارس أو المنازل أو الأضرحة والزوايا، وعليها نقشت الأدعية والآيات بأنواع من الخطوط خصوصاً الخط المغربي».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/46f27ref

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"