المدارس المجتمعية.. جامعات

04:34 صباحا
قراءة دقيقتين
هشام صافي

مشروع المدارس المجتمعية الذي تتبناه دائرة التعليم والمعرفة بإمارة أبوظبي، وتنوي التوسع فيه بعد النجاح الكبير الذي حققه خلال الفترة الماضية، وتعميمه تدريجياً ليشمل جميع مدارس الدائرة، يستحق وقفة جادة من التربويين لتحديد عناصر تميزه كمشروع تربوي، اجتماعي متشعب الأهداف لكنه يصب في صالح العملية التربوية والتعليمية والمحيط المجتمعي، والاستفادة منها تمهيداً لتطبيقه على مستوى مدارس الدولة.
ويهدف المشروع إلى جعل المدارس - إلى جانب دورها التربوي والتعليمي المعهود - ملتقى اجتماعياً وثقافياً لجميع فئات المجتمع المحلي من جميع الأعمار والتخصصات، بالاستفادة من مرافقها بعد انتهاء اليوم الدراسي في ممارسة أنشطة رياضية وفنية وثقافية، تجمع الطلاب وأولياء أمورهم وأفراد المجتمع المحلي، إضافة إلى المعلمين والإداريين العاملين بالمدرسة، لترسيخ ثقافة المشاركة بين الطلبة وأولياء أمورهم، وتعزيز مهارات التواصل الاجتماعية، بديلاً رائعاً لمعاناة الأسر من أوقات الفراغ، وصحبة السوء لبعض أبنائها، وغيرها من السلوكيات السلبية المعروفة.
وإذا كان النجاح حلو المذاق، فلأنه يتطلب تحضيرات خاصة وإمكانيات كبيرة، وإرادة وعزماً وتصميماً على العمل والإنجاز والتميز، وهو القاعدة الصلبة التي بني عليها مشروع المدرسة المجتمعية، حيث تحظى بإشراف تربوي وقيادي من الدائرة، يهتم باكتشاف وتأهيل العناصر التربوية المتخصصة ليتولوا مهمة الإشراف على الطلبة وأفراد المجتمع الذين سيشاركون في الأنشطة المشتركة، وتولي قيادة الفعاليات المجتمعية التي تقام داخل الحرم المدرسي، وانتقاء الكوادر المناسبة المؤهلة لإدارة المنشآت والمرافق التي تستخدم في الأنشطة، والقادرة على التفاعل الإيجابي مع المجتمع المحيط.
دمج المجتمعين المدرسي والمحلي في أنشطة ترفيهية وتثقيفية مشتركة، هادفة، يتمتع بإيجابيات لا حدود لها، فبعد أن كانت المدارس تشتكي عدم تواصل أولياء الأمور معها، وانشغالهم عن أدق تفاصيل حياة أبنائهم، باتت عبر هذا المشروع التربوي والتنشيطي تحتضن أولياء الأمور في كل الأنشطة الثقافية والفنية والترفيهية التي تنظمها لهم وللطلبة، لتتحول المدرسة إلى محور اجتماعي ثقافي وتربوي لكل فئات المجتمع، بما يساعد على تخريج جيل قادر على إنتاج المعرفة، ولديه المهارات التي تؤهله للمشاركة بفاعلية في مسيرة التنمية والتقدم.
ومثل هذه الأنشطة ستتيح مجالاً رحباً أمام الطلبة والمسؤولين عنهم لاكتشاف ملكاتهم الكامنة، وهواياتهم المدفونة، وإمكانياتهم التي كانت محبوسة وتبحث عن مخرج مناسب، لتجد بعد ذلك من يرعاها ويؤهلها وينميها، بما ينتج في المقام الأخير طلبة متميزين حقيقة وليس ادعاء وتفاخراً.
كل الأنشطة متاحة بشكل يومي أمام المشاركين، ولديهم تنوع هائل منها، يشمل الرياضية والاجتماعية والتراثية والثقافية، والتمثيل والموسيقى والشعر والرسم وغيرها.
هذا المشروع الناجح بامتياز نتمناه مطبقاً في جميع مدارسنا الحكومية والخاصة، لكنه يحتاج تأييداً ومباركة واستجابة واعية من أولياء الأمور، لأنه يحوّل المدرسة إلى ملتقى اجتماعي بعد انتهاء اليوم الدراسي، كل من يشترك في فعالياته يحصد الخير الوفير.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"