مسرحة الرواية

04:00 صباحا
قراءة دقيقتين
علاء الدين محمود

كثيرة هي الأعمال الروائية التي قدمت على خشبة المسرح، وهنالك العديد من الكتّاب العالميين الذين تحولت رواياتهم إلى أعمال مسرحية، فقد ظلت الرواية والقصة القصيرة مصدراً من مصادر العروض المسرحية خاصة تلك الأعمال الثرية بالمشاهد والصراع، ولا شك أن الرواية عندما تعرض على الخشبة فهي تأخذ شكلاً جديداً مختلفاً، عبر ما يعرف بالإزاحات والحلول التي يجريها كاتب أو مخرج العرض على الرواية من حيث الرؤية الفنية، فبالطبع هنالك اختلاف جوهري ومضموني بين الرواية والمسرحية، وذلك ناتج من اختلاف الأنماط الإبداعية نفسها، فبينما تقوم الرواية على السرد فإن المسرح ينهض على الفعل والحدث.
وليس صحيحاً تماماً أن قلة الأعمال والكتابات المسرحية المتخصصة هي التي تقود الكتاب والمعدين المسرحيين، نحو عالم الرواية من أجل تحويلها إلى عمل مسرحي، ولكن بعض الروايات التي تحتشد بالفعل والحوار والمشهديات، تغري الكتاب والمخرجين المسرحيين وتثير همتهم نحو تقديمها.
ولعل من أكثر الأدباء الذين نظروا في العلاقة بين الرواية والمسرح الكاتب الروائي البريطاني هنري جيمس «1843 1916»، مؤسس المدرسة الواقعية، الذي أطلق صيحة مازال صداها يتردد في أوساط الروائيين عندما طالبهم بمسرحة الرواية؛ أي بضرورة أن تحتفي الرواية بالمشهدية، بحيث لا تقتصر على السرد فقط، وهو ما برع فيه جيمس في نصوصه من روايات وقصص، فقد عني بجوانب التشويق والإثارة والحوار وتعدد الأصوات والشخصيات التي تتحدث عن نفسها، وكان لأسلوبه أثر كبير على الأدب في القرن العشرين، الأمر الذي جعل معظم أعماله جاهزة لأن تصبح عروضاً مسرحية، وربما يعود ذلك إلى أن جيمس قد بدأ مشواره في المسرح كاتباً مسرحياً، عندما قدم عرض «المعلم دوموفيل»، ولكن كانت صدمته كبيرة إذ لم يلق عمله قبولاً من الجمهور الذي سخر منه عندما صعد إلى الخشبة لإلقاء التحية عقب نهاية العرض، ما جعله ينسحب بعيداً ويتجه نحو كتابة القصة والرواية، لكن المسرح لم يبرح عقله.
وفي العالم العربي هناك الكثير من الروايات التي تم توظيفها في المسرح، خاصة في حقبة الستينات من القرن الماضي، حيث تحولت أعمال روائيين كبار إلى المسرح. وهي العملية التي تظهر من جديد في العالم العربي، بعيداً عن أي حديث حول ضعف النص المكتوب مباشرة للمسرح.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

صحفي وكاتب سوداني، عمل في العديد من الصحف السودانية، وراسل إصدارات عربية، وعمل في قنوات فضائية، وكتب العديد من المقالات في الشأن الثقافي والسياسي، ويعمل الآن محررا في القسم الثقافي في صحيفة الخليج الإماراتية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"