نعم.. نحن نستمع

04:57 صباحا
قراءة دقيقتين

خالد الكمدة

أقبل علي من بين الجمع، بقامة ممشوقة وغترة أنيقة ووجه صبوح، في عيونه ألق الشباب ودفء الشيوخ، وفي تقاسيمه نضارة تكاد تحمله عن الأرض نحو أهداف تتسامى.. ألقى علي تحية حارة وبعبارات محبوكة لفها أدب جم، قال: «نحن نستمع لكم، سنكون اليوم وغداً صوت هذا البلد، لن ندع سبيلاً للمتخبطين، نهجنا واضح ومسيرة الأجداد سنكملها نحو العلا، لن نرضى لهذه الأرض بغير النجاح، نستمع لهواجسكم، وندرك مخاوفكم، وأنا هنا لأخبرك عن وجه شبابي سترضاه، وسيفخر به الوطن..».
نعم رضيته وأحببته، وأحب أن أرى مثله كل يوم وكل ساعة.. شباب ميزوا الصواب عن الخطأ، اختاروا بحرية وعقلانية وبارتباط وثيق بالجذور أن يأخذوا الطيب ويتركوا الخبيث، أن يقطفوا من ثمار الحضارة ما صح، وأن ينأوا بأنفسهم ومجتمعهم عما فسد، رفضوا دور المتلقي السلبي، بادروا واختاروا أن يدفعوا الشر بالخير، أن يُثَقِلوا موازين النجاح والعمل والحضارة والأصالة حتى تتلاشى أمامها قيمة المجون والفشل لآخرين ضل سعيهم.
مقابل الصورة القاتمة لشباب باعوا أنفسهم للفساد هناك صور مشرقة، شباب أخذوا على عاتقهم هم الدولة وضرورة إبراز وجهها الحضاري، وعرفوا معاني المواطنة الحقة وآمنوا بأهمية الأسرة والمجتمع وارتبطوا بثقافتهم وقيمهم، نصبوا أنفسهم سفراء حق وخير لتمثيل شعبهم وأهلهم وبلدهم أمام الآخرين في الداخل والخارج. صورة أخرى لشبابنا بطعم مفعم بالإيجابية ورائحة تفوح منها عاداتنا وتقاليدنا، نمط آخر يرد بأسلوبه وطريقته على آخرين تشبثوا بحبال الوهم، وتعلقوا بمظاهر حرية فارغة تنهش روحهم وتضرب قيمهم وتخذل مجتمعهم.
في الوقت الذي نسعى فيه بكل الجهود لتعزيز مناعة المجتمع وتحصين أبنائه وسد الثغرات وتوعية الأهل والرعاة لحماية عقول الأبناء وصيانة حاضرهم ومستقبلنا، وأمام هجمات خبيثة تفتك بشبابنا مرة بلون أسود ومرة بألوان قوس قزح يكون المطلوب أكثر من حملات توعية وأوسع من قوانين وأنظمة، يصبح برهان خطأ الفرضية إثبات لعكسها وهو المنهج المتوازن الواعي الذي اختاره هذا الشاب ورفاقه.
نحن هنا نستمع، ونعي، ونعمل، هكذا قال، وهكذا يجد نفسه كلما برع في طريق الصواب برهن على فساد الطريق المخالف، كلما عكس صورة جميلة ونقية وراقية لأهله ومجتمعه، قلل من حجم اهتمام الآخرين والتفاتهم لزوابع البؤس والخطأ تضرب صاحبها قبل كل شيء وتعمق خسارته كلما ازداد غياً.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"