هل من مستمع؟

03:19 صباحا
قراءة دقيقتين
خالد الكمدة

تختلف المنابر، وتتعدد الأقلام، تُوحد المساعي وتكرس الجهود، نحو هدف يبتعد عن الشخصي ويحمل هم العام، نكتب ونتحدث ونشرح ونوضح، وننتهي خطوات قليلة حيث ابتدأنا.. في أيامنا هذه، لا تجدي النصيحة في إنقاذ من يحوم حول الحمى يوشك أن يقع فيه، ولا يستمع إلى الرأي إلا من يؤمن به، ويظل السائرون في طرق الغي صامين آذانهم عن كل هدي، مغمضي أعينهم عن سواء السبيل، تمر أمامهم العبر فيحيونها أو ينكرونها ويتابعون.
في أوقات الزلازل وأمام العواصف العاتية، لا يثبتك مثل جذورك، ولا يضمن لك النجاة إلا عمقها في الأرض، وطيب منبتها، فالأشجار السطحية مهما ارتفعت وأزهرت وبدت للناظر مغرية ومثيرة، لن تقف أمام ريح غادرة وستصير إلى العدم، مهلكة معها كل من تعلق بأوهامها وانجرف مكمم العينين وراء خيلائها.
في سعينا لتصحيح الأفكار المعوجة والمسالك الضالة المضلة، لن تنفعنا مخاطبة من ران على قلوبهم، والتبس الحق بالباطل في عقولهم، لا يكفي أن تطلب من أم عشقت حياة المشاهير، وآمنت بهم، وأبٍ يرى في كل ما يخالف مجتمعنا تطوراً وحداثة، وإن كان الآخرون قد اعترفوا بفشله، أن يراقبوا أبناءهم وهم أحياناً من يدعونهم لتقليد هذا أو متابعة ذاك. لا يكفي أن تذكرهم بعادات المجتمع وتعاليم الدين وتقاليد هم ينكرونها جملة وتفصيلاً، ويضعونها في حقيبة مغلقة فور اعتلائهم لطائرة تأخذهم إلى بلاد التقدم والتطور الذي يحبون، لا يكفي أن تكتب لهم نصاً مؤثراً أو شعراً موبخاً... فلا مستمع.
كثيراً ما تكون الأسرة التي نشأ فيها الشاب أو الفتاة سبباً مباشراً أو غير مباشر في سلوكهم مسالك منحرفة، فالطفل الذي يرى مثل والديه الأعلى مغنية مثلية أو مقدم برامج متحول الجنس، لن يكون صيداً صعباً لمتصيدي البراءة وذوي الأهواء المريضة، وإذا ما سار في درب معتم فلن ينتبه له والداه وإن قرأت ذلك على مسامعهم صباح مساء فقد استساغوا الفحش وألفوا الظلام.
ولأن الأصل في كل البشرية الخير، وكل مولود يولد على الفطرة، فإن واجب حماية الجيل مسؤولية مجتمعية، لا تهملها المؤسسات ولا الأقرباء ولا الجيران، وإن غفل عنها الأبوان، كيف لا وجيل الشباب مستقبلنا وقادة أحفادنا، نقاء أفكارهم، وسلامة سلوكهم، وصحيح أخلاقهم، مسؤوليتنا جميعاً معلمين ومرشدين ومشرعين، وتقويم ما شذ من تصرفاتهم واجب وطني وديني لا يصح تركه، ولا تحمد عقباه.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"