الحرب التجارية الأمريكية على العالم

02:17 صباحا
قراءة 3 دقائق
سمارة محمود سمارة*

الحروب الاقتصادية كانت تراود الرئيس دونالد ترامب قبل فوزه في الانتخابات الأمريكية وكانت حملته الانتخابية تتركز على الحماية الاقتصادية والاتفاقات غير العادلة حسب وصفه
هناك حرب تجارية عالمية تلوح في الأفق، وباتت الولايات المتحدة الأمريكية على مسافة قريبة من إعلان تلك الحرب التجارية رسمياً، ولا سيما بعد تصريحات الرئيس ترامب حول خطته؛ لفرض رسوم جمركية على الصلب والألمنيوم، والتي حددها 25٪ على واردات الصلب و15٪ على الألمنيوم، الأمر الذي يعد تدخلاً نادراً في السياسة التجارية للولايات المتحدة الأمريكية وهي العضو في منظمة التجارة العالمية، ما أثار ضجة كبرى على كافة الصعد (المحلية والإقليمية والعالمية).
لقد فرض القرار الأمريكي رسوماً على واردات الفولاذ والألمنيوم؛ لحماية منتجي الولايات المتحدة من المنافسة الخارجية؛ فجاء الرد من حلفاء أمريكا؛ مثل خصومها فقد توعدت مفوضية الاتحاد الأوروبي من خلال رد حازم، أيضاً فرنسا هددت بوضع جميع الخيارات؛ لتكون قابلة للتنفيذ، والتي قد تحول حلفاء الولايات المتحدة إلى خصوم.
فالحروب الاقتصادية كانت تراود الرئيس دونالد ترامب قبل فوزه في الانتخابات الأمريكية وكانت حملته الانتخابية تتركز على الحماية الاقتصادية والاتفاقات غير العادلة حسب وصفه وعند وصوله إلى البيت الأبيض بدأت ملامح الحرب التجارية؛ بهدف التقليص من العجز التجاري للولايات المتحدة مع بقية دول العالم، والهدف من فرض الضريبة الجمركية على الصلب والألمنيوم؛ حيث تستورد واشنطن الصلب من 100 دولة تقريباً؛ بسبب أن إنتاجها من الألمنيوم لا يغطي ربع احتياجاتها، هذا عدا عن التراجع التدريجي للإنتاج.
الإدانات العالمية الواسعة، التي شهدتها تصريحات ترامب بفرض الضريبة الجمركية، إضافة إلى بعض الاقتصادات المحلية لن توقف ارتفاع الأسعار بالنسبة للمستهلكين.
وبالنسبة للدولار تسببت تصريحات ترامب في تراجع أسعار الدولار مقابل الين الياباني إلى مستوى قياسي، ما دفع البنك المركزي الياباني إلى التصريح بأنه سيدرس إنهاء سياسته النقدية إذا بلغ التضخم المستوى الذي يستهدفه البنك التي ستنتهي في مارس/آذار 2020.
والتوقعات أيضاً تشير إلى أن فرض الضريبة الجمركية ستؤثر سلباً في مجال الصناعة في بريطانيا كما صرّح مسؤولو الهيئات الصناعية هناك بأن صادرات الصلب البريطانية إلى أمريكا والتي تقدر بنحو 360 مليون جنيه استرليني سوف تتأثر بشكل كبير بالتعرفة الجمركية.
من جهتها حذرت الصين الرئيس الأمريكي من ردها إذا تسببت حرب تجارية مع الولايات المتحدة وقد ساندها بذلك الاتحاد الأوروبي وعبروا عن أملها في تفادي نشوب تلك الحرب، وحسب مفوض الشؤون المالية للاتحاد الأوروبي أنه إذا طبق ترامب هذه الإجراءات فسيكون ردنا حازماً وقد تشمل فرض رسوم أوروبية على واردات البرتقال والتبغ الأمريكية وبعض المنتجات التي قد تكون هدفاً لفرض رسوم عليها؛ وبذلك ستكون الخسارة على الجميع؛ لأن الاتحاد الأوروبي يعد ثاني أكبر شريك تجاري بعد الصين مع الولايات المتحدة.
وقد صرّح وزير الخارجية الصيني أنه لا يوجد ما يفرض تنافس الصين والولايات المتحدة وأن التاريخ يظهر أن الحروب التجارية ليست السبيل الصحيح لحل المشكلات حسب تعبيره، ومن جانبه طالب الرئيس ترامب الصين بأن تضع خططاً لخفض فائضها التجاري مع الولايات المتحدة بمقدار مليار دولار.
ومع محاولات الاتحاد الأوروبي والصين وغيرهم ثني ترامب عن هذا القرار إلا أنه يبدو أن القرار أصبح قريب التنفيذ رغم معارضة داخلية من أعضاء جمهوريين بارزين في الكونجرس ورجال أعمال قلقين بشأن تأثيرها المحتمل على الاقتصاد وهل هناك قيمة لفقدان حلفاء مثل كندا والاتحاد الأوروبي؟
والسؤال هل تدعم هذه الضرائب الصناعات المحلية؟؟ نعم ومن حق كل دولة حماية صناعتها لكن في الحالة الأمريكية ستزداد صناعة الحديد الأمريكية؛ ولكن من غير المعلوم أنها ستكون كافية لتلبية الطلب عليها أم لا؛ وبذلك ستتأثر من ارتفاع الأسعار مستوردة المواد الخام وعلى سبيل المثال الذين يصنعون السيارات مثل شركات جنرال موتورز وفورد وكرايسلر، إضافة إلى الصناعات الأخرى التي تستخدم الحديد والألمنيوم في صناعتها.

*خبير مالي عضو جمعية المحاسبين
 ومدققي الحسابات

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"