السياسات الاقتصادية المطلوبة في ظل فيروس «كورونا»

01:24 صباحا
قراءة 3 دقائق
د. علي توفيق الصادق *

لا أحد من المهتمين بالاقتصاد حذر من إمكانية أن يؤدي فيروس على الجانب الشرقي من العالم إلى إغلاق حدود واحدة من أكبر الدول في الاتحاد الأوروبي. ولذلك، من المحتمل أن تكون الاقتصادات المتقدمة معرضة لخطر الانكماش.

العالم بأسره، البلدان في شماله وجنوبه، وفي شرقه وغربه، الجميع يعاني فيروس «كورونا المستجد»؛ (كوفيد 19) وآثاره المدمرة على صحة العباد، واقتصاد البلاد. والسؤال، ما العمل؟ في المجال الصحي، أهل الاختصاص في كل بلد، وبالتنسيق مع منظمة الصحة العالمية، يقومون بما يستطيعون؛ لمساعدة المصابين بالفيروس؛ للانتصار عليه؛ والتخلص من آثاره.

أما على الصعيد الاقتصادي، فإن الأمر متروك للحكومات في المقام الأول؛ لتفعيل ما لديها من أدوات؛ لتفعيل السياسات الاقتصادية، والمالية والنقدية، والاجتماعية؛ لمجابهة فيروس «كورونا»، وتفعيل المشاركة بين القطاع العام والقطاع الخاص؛ للتخلص من الفيروس، والمحافظة على العباد والاقتصاد.

يعاني الاقتصاد العالمي، في الوقت الراهن، صدمة خارجية؛ تتجسد في التدابير المتخذة، لاحتواء جائحة فيروس «كورونا» التي بدورها تتجسد في انخفاض أو حتى الوقف التام لجميع الأنشطة في القطاعات الأكثر تأثراً؛ مثل: السياحة أو النقل أو النشاطات الثقافية والرياضية. حتى لو تلاشى الوباء في غضون أسابيع قليلة يكون الضرر قد حدث بالفعل؛ حيث تواجه بعض الشركات، صعوبات في التدفق النقدي، وهو ناجم عن المدفوعات الملغية أو المتأخرة، الأمر الذي يؤدي إلى انخفاض في سرعة تداول النقود، مما يعني انخفاض الناتج المحلي الإجمالي، الذي يقيس مستوى النشاط الاقتصادي. لا أحد من المهتمين بالاقتصاد حذر من إمكانية أن يؤدي فيروس على الجانب الشرقي من العالم إلى إغلاق حدود واحدة من أكبر الدول في الاتحاد الأوروبي؛ ولذلك، من المحتمل أن تكون الاقتصادات المتقدمة معرضة لخطر الانكماش، الناتج عن التصفية القسرية للديون والقروض؛ من خلال الانقطاع القسري للنشاط؛ لأسباب صحية رئيسية. علاوة على ذلك، فإن التأثير على الأسواق المالية من شأنه أن يسبب صدمة ثروة سلبية للأسر الغنية، مع عواقب إضافية على الاستهلاك في أوروبا، وخاصة في الولايات المتحدة الأمريكية.

أسواق الأسهم بشكل عام وفي الاقتصادات المتقدمة على وجه التحديد تعد مؤشراً قائداً لصحة الاقتصاد. إذا كان الأمر كذلك، فلننظر في تطور مؤشر داو جونز الصناعي.

وصل مؤشر داو جونز إلى نحو 28,320 في تاريخ 31 ديسمبر/كانون الأول 2019، وقدر صندوق النقد الدولي نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لعام 2019 بنسبة 3%، وفي مستجدات آفاق الاقتصاد العالمي في يناير/كانون الثاني 2020 خفض صندوق النقد الدولي نسبة نمو الاقتصاد العالمي للسنوات 2019 و2020 و2021 من 3% إلى 2.9% و3.4% إلى 3.3% و 3.6% إلى 3.4% على التوالي.

وفي المقابل، منذ شهر فبراير/شباط 2020، وصلت أسواق الأسهم المتطورة إلى مستويات قياسية جديدة، مدفوعة بالسيطرة على وباء فيروس «كورونا» في الصين والتحفيز الاقتصادي الكلي الذي نفذته الحكومة في بكين: وصل مؤشر «داو جونز» إلى 28319.65 في بداية فبراير/شباط.

عندما أدرك المشاركون في الأسواق أن الوباء انتشر بشكل أكبر في كوريا الجنوبية، وإيطاليا وإيران، أثار هذا الخبر تحولًا بمقدار 180 درجة في المشاعر، مما أدى إلى انخفاض كبير في مؤشر «داو جونز»: بين 3 فبراير و28 فبراير من ( 28319.65 إلى 25270.83) انخفض المؤشر بنسبة 10%. تعافي أسواق الأسهم يتم مع تعافي الاقتصاد.

وتعافي الاقتصاد يتطلب قيام الحكومات بقيادة القطاع الخاص إلى بر الأمان؛ من خلال التعاون مع القطاع الخاص وتقديم التسهيلات له التي تعينه على المحافظة على نشاطاته الاقتصادية والمالية والصناعية والترفهية واللوجستية. الوقت غير مناسب للنظر بمستوى دين الحكومات أو القطاع العام أو القطاع الخاص. التمويل المحلي بالاقتراض من المصارف المركزية لا يضر بالاقتصاد في الأوضاع غير الطبيعية مثل الأوضاع التي يعيشها العالم.

* مستشار اقتصادي

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

خبير مالي وإقتصادي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"