تواصل أم تنافس؟

05:44 صباحا
قراءة دقيقتين
محمد عبيد
منذ اندلاع الأزمة في أوكرانيا، لم يكف الرئيسان الأمريكي باراك أوباما والروسي فلاديمير بوتين عن الاتصال ببعضهما بعضاً مع كل تطور أو حدث مهم، رغم تضارب مصالح الطرفين ورؤاهما وأهدافهما، ولم ينفك كل منهما يؤكد للآخر وجهة نظره ويتمسك بها، بل على العكس بات كل اتصال مناسبة لإظهار كل طرف مزيداً من التشدد في مواجهة الآخر، ما يطرح تساؤلاً طبيعياً عن الهدف من هذه الاتصالات، سواء كان التواصل بهدف التوصل إلى حل، أم تأكيد حالة التنافس التي وصلت إليها القوتان العالميتان .
أوباما يتصل ببوتين وبوتين يتصل بأوباما، ووكالات الأنباء ووسائل الإعلام تنقل في كل مناسبة ما دار بين الزعيمين، انطلاقاً مما يعلنه البيت الأبيض أو الكرملين، أو أي منهما في حالة امتناع الآخر عن كشف ما دار في المكالمات، وفي المحصلة لا يمكن قراءة ما يؤشر إلى بوادر أو إمكانات حد أدنى من التوافق أو التلاقي على أسس حل للأزمة .
الأزمة الأوكرانية أكدت العودة إلى نموذج الصراع السياسي والاقتصادي والميداني بين المعسكرين الشرقي والغربي، ومع أن ذلك لم يصل بعد إلى مستوى المواجهة العسكرية التقليدية، إلا أنه لا ينفي واقع أن التسخين مستمر، وأن التصعيد، كلاماً وعقوبات، لن يقف عند هذا الحد .
أوباما وبوتين يدركان أن أياً منهما لن يقدم على تنازل للآخر، لكن الأخير يعلم يقيناً أن هناك حدوداً للدور الأمريكي، خصوصاً أن القضية تمس الأمن القومي الروسي بالدرجة الأولى، أما بالنسبة لواشنطن فهي وسيلة وأداة لمواجهة مباشرة مع موسكو في ظل تعاظم دورها العالمي وعودتها القوية إلى المشهد السياسي .
وحتى لو دخل الطرفان في لعبة عض أصابع، فإن تطور الأزمة الأوكرانية لا يحمل الكثير من الخيارات والسيناريوهات، وعلى الأرجح أنه سيأخذ أحد منحيين، الأول دعم الطرفين للأطراف المتصارعة في أوكرانيا، ما يعني النفخ في نيران الحرب الأهلية، والثاني أن تتواصل موجة التهديد والوعيد الغربية، وخلالها يتم دعم النظام الانتقالي في كييف لتثبيت أركانه، ومن ثم تتحول الأنظار إلى موسكو للبحث عن حل وسط بناء على توازن محلي للقوى بين النظام الموالي للغرب، ومعارضيه الموالين للروس المطالبين بفيدرالية .
الفرق بين ذينك المنحيين لا يكاد يذكر، كون كليهما ينطوي على إضعاف واستهلاك الطرفين المتصارعين في البلاد، وكون ذلك لن يسفر عن تقدم أحدهما على الآخر، بقدر ما سيخدم أهداف واشنطن وموسكو في تسجيل النقاط، إحداهما ضد الأخرى، لكن مع فارق أن الأزمة تمس الأمن القومي الروسي فعلياً، وفي النهاية سيتوصل الطرفان إلى تسوية وحل وسط على قاعدة "لا غالب ولا مغلوب"، كون طرفي النزاع الأوكراني متساويين من حيث القوة والتأثير .
أما سيناريو الحرب الذي يفترض اجتياحاً روسياً لأوكرانيا، فقد ثبت بالتجربة أنه لن يؤدي إلا لهزيمة المعسكر الغربي، كما حدث في أزمة جورجيا، ولعل الغرب يدرك ويحرص على ألا تصل الأمور إلى هذه النقطة، ولعله أيضاً يفضل حرباً أهلية في أوكرانيا عوضاً عن هذا السيناريو .
mohamed [email protected]
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"