ليبيا.. مزاد علني جديد في برلين!

04:30 صباحا
قراءة 3 دقائق
كمال بالهادي

بعض الدول مثل تركيا تدعم بشكل مباشر الإرهاب والتطرف ليس في ليبيا فقط، بل في المنطقة، وحال تمكن المؤتمر من وضع حدود لهذه التدخلات، يمكن الحديث عن بداية جديدة ومفاوضات حقيقية بين الأطراف الليبية
أحدث دفع المجتمع الدولي إلى عقد مؤتمر جديد في برلين حول ليبيا، استقطاباً داخلياً وإقليمياً حادّاً ضمن مساعي وضع تسوية سياسية للأزمة المحتدمة منذ محاولات الجيش الليبي تحرير العاصمة طرابلس من الميليشيات، بين مَنْ يتمسك بروح اتفاق الصخيرات متجاهلاً التطورات على الأرض لأربع سنوات، وبين من يفضل حواراً جاداً يفرز ترتيبات مغايرة، ما يعني إلغاء كل الأجسام التي بثها هذا الأخير.
وعاد الحديث بقوة عن اتفاق المصالحة في الصخيرات المغربية بين الأطراف الليبية في ديسمبر/كانون الأول 2015 منذ اجتماع نيويورك والتحضيرات لعقد مؤتمر دولي في برلين، تريده ألمانيا أن يكون شبيهاً بمؤتمر الصخيرات، خاصة أنه انبثق منه المجلس الرئاسي وحكومة الوفاق المعترف بها دولياً. وهو ما دفع رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج ليبدي تمسكه بمخرجات اتفاق الصخيرات والأجسام المنبثقة عنه كمرجعية أساسية لأي حوار أو اتفاق، مع «ضرورة الوقف الفوري للتعامل مع كافة المؤسسات الموازية لحكومة الوفاق». واستضافت برلين في 17 سبتمبر/أيلول الماضي، اجتماعاً «غير معلن» ضم ممثلين عن أمريكا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا ومصر وروسيا والصين وتركيا والاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية، كما حضره المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى ليبيا، غسان سلامة، وذلك بمبادرة من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل؛ لمعالجة الأزمة الليبية. ويعد رد الفعل هذا أول تحدٍّ للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في 11 سبتمبر الماضي، التي أطلقت من البرلمان الألماني تحذيراً قوياً من مزيد تدهور الوضع في ليبيا، ونبهت إلى أن استمرار الأزمة سيهزّ الاستقرار في شمال إفريقيا والأمن في القارة الإفريقية.
ويحظى موقف السراج بتأييد إقليمي لدول ترتبط بعلاقات قوية مع حكومة الوفاق، فقد اعتبر وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي المغربي، ناصر بوريطة، الذي ستحتضن بلاده أول مؤتمر اقتصادي دولي حول ليبيا الشهر المقبل أن «اتفاق الصخيرات كان ولا يزال اتفاقاً جيداً». أما الجاران المباشران تونس والجزائر فلا يفوتان مناسبة إلا ويؤكدان دعمهما خطة المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة؛ إذ وصف وزير الشؤون الخارجية التونسي، خميس الجهيناوي، خلال كلمة له في أعمال الجمعية العامة الرابعة والسبعين للأمم المتحدة في نيويورك، ما تشهده ليبيا من تطورات ب«الخطير»، مذكراً بموقف تونس الداعي لوقف فوري للاقتتال وللعمليات العسكرية، والعودة إلى المسار السياسي الذي ترعاه الأمم المتحدة. بينما أكّد نظيره الجزائري صبري بوقادوم أنه «لا حل اليوم للأزمة دون الليبيين ودون دول الجوار». وبدا رد فعل إسلاميّي ليبيا مرحباً بموقف السراج أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، بعدما قال رئيس حزب العدالة والبناء محمد صوان إن كلمته لم تترك مجالاً للمواقف الرمادية. وتابع في منشور له عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، أن «تأكيد الجمعية العامة للأمم المتحدة على أن الحل يكمن في تنفيذ الاتفاق السياسي يدعو بعثتها في ليبيا بقيادة غسان سلامة إلى التركيز على تنفيذ الاتفاق السياسي من خلال الأجسام المنبثقة عنه بدلاً من البحث عن حلول خارجه».
القوى التقدمية والوطنية التي رحبت بمخرجات اجتماع نيويورك الأخير، أعلنت أن اجتماع برلين المنتظر لن يحقق الأهداف الوطنية ما دامت هناك أطراف دولية وإقليمية ترعى الإرهاب في ليبيا، تعطى لها الأفضلية في المؤتمر القادم، حيث قال فتحي المجبري، عضو المجلس الرئاسي بحكومة الوفاق الليبي، إن الدعوة الألمانية تختلف عن الدعوات السابقة؛ كونها دعت لاجتماع الأطراف المعنية بالأزمة الليبية، وأعضاء المجتمع الدولي. وأضاف أن الليبيين غير مدعوّين للاجتماع، وأن هذا التعاطي يتعامل مع التنافس الدولي والإقليمي مع ليبيا، وأن الآمال الليبية تعقد على أن يخلص المؤتمر لمنع التدخلات السلبية في الأزمة الليبية. وتابع المجبري بقوله: بعض الدول مثل تركيا تدعم بشكل مباشر الإرهاب والتطرف ليس في ليبيا فقط، بل في المنطقة، وحال تمكن المؤتمر من وضع حدود لهذه التدخلات، يمكن الحديث عن بداية جديدة ومفاوضات حقيقية بين الأطراف الليبية والتأسيس لحل دائم في ليبيا. وأوضح أن معالجة الأثر السلبي للتدخلات في ليبيا ستكون بمنزلة الخطوة الأولى على الطريق الصحيح، خاصة أن اتفاق الصخيرات السابق بحث توافق الأطراف الليبية، وترك قضية الاختلافات الدولية تجاه الأزمة الليبية.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب صحفي وباحث في قسم الحضارة بجامعة تونس

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"