نفتقدك يا بوخالد

04:13 صباحا
قراءة 3 دقائق
بقلم: عبد الغفار حسين

لو كان بوخالد، عبد الله عمران موجوداً بيننا في وقتنا هذا لكان لتوه يتعدى منتصف السبعينات من عمره الذي كان حافلاً بالإنجازات النافعة التي يَسردها تاريخ الإمارات بكل اعتزاز، ولكن القدر شاء أن يفعل غير ما كنا نتمناه وأن يرحل بوخالد وهو في أوج عطائه الفكري والثقافي والاجتماعي، وأن يتركنا نحن تلاميذه ومريديه نبحث ونلتفّت يمنة ويسرة لعل بارقة أمل تسطع لترينا من يملأ الفراغ الذي تركته هذه الشخصية التي كانت تجتمع فيها صفات الجمع الحسن الذي يبحث عنه أي مجتمع ليتقدمه في نشدان الأمثل والأخْيَر في سيره نحو الأمام.. وكان عبد الله عمران يتقمص في شخصيته الكبيرة والناضجة كما أشرنا مجموعة من الرجال الذين يساوي فرد منهم أفراداً لا حد لهم في العد الرقمي ولعل الشاعر ابن دريد عَنى أمثاله عندما قال:

والناس ألف منهم كواحد
                   وواحد كالألف إن أمر عنى
وإنما المرء حديث بعده
                  فكن حديثاً حسناً لمن وعى

ولعلّي لا أعدو الحقيقة إذا قلت إن المُتتبع لتاريخ التطور المجتمعي العربي الخليجي في النصف الثاني من القرن العشرين وحتى مستهل القرن الواحد والعشرين الذي نحن على مشارف الربع الأول منه، لن يتردد في وضع اسم عبد الله عمران تريم الإماراتي في الصف الأول بين الكبار الشامخين من الشخصيات الخليجية البارزة التي تتصف بالقياديّة في أي أمر تولّى شؤونه. لذلك جاء رحيله المفاجئ ليكون خسارة كُبرى للمجتمع الإماراتي والخليجي وفاجعة لمن عرفه عن كثب وعرف مؤهلاته كشخصيّة نافعة للمجتمع الذي يعيش بين ظهرانيه.. والذين عرفوا عبد الله عمران يذكرون له مآثر كثيرة تبدو بصماتها على حياته واضحة، وقد أشرتُ إليها في كتابي الذي كتبته عنه بعد وفاته رحمه الله بعنوان، عبد الله عمران تريم.. الشخصية الجامعة، الذي أصدرته مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية عام 2015 بعد رحيله بعام تقريباً، وكذلك في كتاباتي المُختلفة عنه وعن شقيقه تريم عمران رحمهما الله.
ولعل الذين عاشوا الثلث الأخير من القرن الماضي يتذكرون جملة مآثر باتت تُلازم تاريخ عبد الله عمران، وفي رأس هذه المآثر الكثيرة بصماته الثلاث الواضحة على التاريخ الإماراتي وهي مشاركته شقيقه تريم في تأسيس أول دار للصحافة الأهلية، هي «دار الخليج»، وجهوده الكبيرة في وضع القوانين واللوائح والتشريعات عندما كان وزيراً للعدل، ومشاركته الفعالة في تأسيس جامعة الإمارات التي تُعدّ اليوم إحدى منارات التعليم الكبيرة في العالم العربي.. وفي رأيي أن هذه البصمات المحفورة في جِداريّة التاريخ الإماراتي تجعل من عبد الله عمران شخصية تُوضع في مصاف الشخصيات ذات التاريخ الذي يُشار إليه بين الشخصيات الشامخة في المجتمع العربي المُعاصر.. ويكفي هنا أن نشير إلى كلمة قالها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم وهو يتلقى نبأ وفاة عبد الله عمران للدلالة على ما كان عليه رحمه الله من مكانة اجتماعية عالية في قلوب الناس ووجدانهم: «فقدنا اليوم عبد الله عمران تريم رحمه الله.. أخ وصديق وأحد رجالات دولة الإمارات.. عزائي الخالص لأسرته ولأصدقائه ولجميع أبناء الوطن.. الأخ عبد الله عمران شارك في مُباحثات تأسيس الدولة وتولى أول وزارة عدل.. وأشرف على تأسيس جامعة الإمارات.. وأسس وشقيقه جريدة الخليج الرائدة. الأخ عبد الله عمران أخلص في خدمة دولته.. وساهم في توعية وتثقيف وتعليم مجتمعه.. أسأل الله أن يلهم أهله وذويه الصبر والسلوان».
وبالنسبة لنا رفاق عبد الله عمران وأصحابه فإن السنين الست التي مرت على رحيله كانت مؤلمة ومازال وخز الألم يطرق صدورنا وكأن رحيله بالأمس القريب.
رحمك الله يا أبا خالد وحشرك في زُمرة الصديقين والصالحين.. إنني شخصياً أفتقدك، ويالجسامة هذا الفقد.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"