أهمية الزكاة وآثارها الاقتصادية

02:50 صباحا
قراءة 3 دقائق
د. محمود أبوزيد الصوصو*

جاء التشريع الإسلامي بالعبادات لأجل صلاح الفرد والمجتمع، ومن هذه العبادات: الزكاة، وهي أحدُ أركان الإسلام، وحقُ الله في أموال المسلمين الذين وجبت عليهم، وهي من العبادات المالية، فما أهميتها في الإسلام، وما آثارها الاقتصادية؟
الزكاة فريضة من فرائض الإسلام بإجماع علماء المسلمين، وقد تكرر الأمر بإيتاء الزكاة في آيات القرآن الكريم، ومنها قول الله تعالى: (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة...)، [المزمل: 20]، وكذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بني الإسلام على خمس: شهادة أنْ لا إله إلا الله وأنَّ محمداً رسول الله، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، وصيام رمضان، والحج»، (رواه البخاري ومسلم).
والإيمان بفريضة الزكاة ممَّا عُلِمَ من الدين بالضرورة، لتواتر أدلتها في القرآن والسُّنة، فلا يجوز إنكارها أو عدم أدائها، ولا عذر في الجهل بها، فمَنْ جحدها أو أنكرها فقد كذَّب كلامَ الله وحديثَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولأجل ذلك فإن أولئك الذين ينادون بأنَّ الزكاة لم يعد لها موضع، لأنَّ النظم الوضعية حلت محلها ولم تعد صالحة لهذا العصر، حالهم يناقض الإسلام، فليس هناك نظام صالح يحل محل الزكاة، لأنها حكم شرعي ثابت بإجماع علماء الأمة الإسلامية بدليل القرآن والسنة، ولأهميتها في الإسلام، وعظيم شأنها، فإنَّ الله تبارك وتعالى قرنها بالصلاة في اثنتين وثمانين آية في القرآن الكريم، وكذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل رضي الله عنه عندما أرسله إلى اليمن: «أعلمهم أنَّ الله تعالى افترض عليهم صدقة تُؤخَذُ من أغنيائهم، فترد على فقرائهم» (رواه البخاري ومسلم وأصحاب السن).
وتتمثل أهمية الزكاة في أنها من محاسن الإسلام الذي جاء بالتكافل، والتراحم، والتعاطف، والتعاون بين المسلمين، وبالأمن، والرخاء لهم، فقد جعل الله الزكاة طُهرةً لصاحبها، وتنمية حسية ومعنوية له، وإعانةً من أصحابها لإخوانهم المستحقين لها، فالإسلام دين التكافل الاجتماعي، حيث يكفل للمحتاج ما يعينه على حياته من مال الزكاة، ويكفل للغني حرية التملك لماله لإتيانه الزكاة.
الزكاة عبادة مالية، وحقٌ لله تبارك وتعالى، ولها آثارها الاقتصادية الحسنة التي تعود على الفرد والمجتمع والدولة، والمسلمون يؤدونها بدافع الإيمان بالله، بخلاف الضرائب التي يتهرب الكثيرون من دفعها متى وجدوا غفلة من الرقيب، ومن أهم آثار الزكاة الاقتصادية:
1- تسهم في تحسين المستوى المعيشي والصحي والتعليمي للفقراء مما يؤهلهم ليصبحوا قوة عمل مشاركة في التنمية الاقتصادية.
2- تخفف من العبء المالي الذي تتحمله الدولة وذلك بالاتفاق على أصناف من الإعانات التي تقدمها للمحتاجين كالأيتام والعجزة وغيرهم، وهذا له الأثر الاقتصادي في ميزانية الدولة.
3- تحقق إعادة توزيع الدخل والثروة في المجتمع، فهي وسيلة لتحقيق العدل الاقتصادي الذي أصبح محل اتفاق بين الاقتصاديين مع الاختلاف حول تعريفه ووسائله.
4 - تساعد على الاستثمار: لأنَّ مَنْ يملك المال لا بَّد له من استثماره، والدولة تساعد على تشجيعه بمختلف الوسائل، لأنه سيعود بالنفع على اقتصادها ويرفع من قيمة ميزانيتها.
5 - توفر الأمن للدولة، فالفقر أحد أسباب الجريمة، والزكاة تحارب الفقر، فهي وسيلة لمحاربة الجريمة بطريقة غير مباشرة.
وعلى ما تقدم: فإنَّ للزكاة آثارها الاقتصادية التي يعود نفعها على الفرد والمجتمع والدولة، وبإيتاء الزكاة تتحقق أهدافها الاجتماعية وتحصل آثارها الاقتصادية، وهي ليست دعوة دينية تأخذ الطابع الاختياري فحسب، وإنما هي نظام تشريعي ذو طبيعة إلزامية طوعية لله تبارك وتعالى.
وبهذا المعنى: إذا كان بعض الفقراء يحتاجون إلى المساعدة بسبب تمنع بعض الأغنياء عن دفع زكواتهم، أو بسبب تقليل البعض الآخر منهم من الزكاة المطلوبة منهم كما يحصل في كل عصر، فإنَّ من واجب الدولة رعاية حوائج المحتاجين، وقد ورد هذا المعنى عن الإمام ابن حزم حيث قال: (وفرضٌ على الأغنياء من أهل بلد أنْ يقوموا بقرائهم، ويجبرهم السلطان على ذلك إنْ لم تقم الزكوات بهم...).

*أستاذ المعاملات المالية في جامعة طيبة - المدينة المنورة

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"