التلعثم ..أسبابه وتشخيصه وأحدث طرق العلاج

ما يوجد تحت الجبل الجليدي
07:57 صباحا
قراءة 6 دقائق
يشكو الكثير من داء التلعثم الذي ربما يكون قد أصابهم لسبب أو لآخر، ورغم أنه ليس داء مؤلماً ولا أثر له مرضياً بالغاً، وأنه كغيره من العقبات الحياتية يتكيف الناس معه، وأن الكثير ممن اتصفوا به أو عانوا منه صاروا متميزين ومؤثرين كل في مجاله، لكن البعض يضيقون به صدراً، مما يتسبب لهم في معوقات أثناء ممارستهم حياتهم اليومية وتنفيذ إنجازاتهم الحياتية على الرغم من كونهم يتمتعون بالذكاء الكبير والذهن المتوقد والفهم العميق، وقد يُصدم سواء المختصين بمجال علاج اضطرابات النطق والكلام أو من يعانون مشكلة التلعثم ولكن ما لا نراه هو الصراع الداخلي والاحتراق النفسي ومشاعر الخوف والقلق والتوتر والخبرات السيئة ومواقف الإحراج المتكررة والانسحاب وضعف الثقة بالنفس. وهذا ما يوجد تحت السطح.
ويصف د. حسام عبدالسلام شرارة، مختص النطق واللغة، ما يحدث لمشكلة التعلثم، أنه علمياً كلما بدأ الجبل الجليدي في الذوبان خف الضغط على الجزء السفلي وبدأ يبرز على السطح فيذوب بالتدريج إلى أن يختفي، تماماً وكذلك علاج التلعثم ولكن قبل أن نعرض طرق العلاج المختلفة سنعرض سريعاً ما هو التلعثم وما هي أسبابه ومظاهره.

تعريف التلعثم

يعرف التلعثم بأنه اضطراب في إنسيابية الكلام وطلاقته ويتميز إما بالتوقف اللاإرادي عن الكلام أو التكرار أو إطالة الحروف والكلمات ويعاني المتلجلج مجاهدة لإخراج الكلمات، مما يؤدي به إلى الإحجام عن المواقف التي يتوقع أن يتلجلج فيها.
نسبة حدوث التلعثم

يمتلك اضطراب التلعثم نسب حدوث كبيرة فيصيب عددا كبيرا من أفراد المجتمع بنسبة 1% أي أن من كل 100 شخص يوجد فرد متلعثم وتكون بنسبة (4-1) بين الذكور والإناث كما تزيد نسبة حدوثه بين أفراد العائلة التي يوجد بها تاريخ لإصابة أحد أفرادها بالتلعثم أكثر ثلاث مرات من العائلات التي لم يوجد فيها تاريخ لحدوث التلعثم سابقاً.
أسباب حدوث التلعثم

يوجد الكثير من النظريات والأبحاث التي تفسر حدوث حالة التلعثم وسوف نستعرض البعض منها للمعرفة فقط فمنها ما يرجع للعوامل الوراثية أو للعوامل النفسية الانفعالية، وربما لسبب عضوي بوجود خلل في الإدراك السمعي حيث يتلقى الأفراد معلومات مرتدة خاطئة أو مضللة عن حديثهم الخاص، أو بالأحرى تأخر في وصول المعلومات المرتدة في الأذنين، وهي ما تعرف بنظرية التداخل السمعي.
ويصف د. حسام ما يحدث بنظرية الهيمنة الدماغية، إذ لم يطور أحد نصفي الدماغ للتأثير اللازم للحديث المناسب فيتداخل عمل النصفين في إنتاج الكلام فيحدث التلعثم.
ويستطرد نحو نظرية دورة «الفا» المستثارة: إذ يرى العالم جلازر (1963) أن القشرة المخية متصلة بالتكوين الشبكي الذي يستقبل روافد حسية، وبذلك تكون هناك علاقة بين تخطيط كهربائية القشرة ويقظة الفرد أثناء استقبال منبه حسي أو سمعي أو بصري أو عقلي، وعندما تختلف ترددات خلايا الدماغ فإن توقيت استثارتها يختلف، مما يعني وجود خلية أو أخرى من خلايا الدماغ فى حالة نشاط مما يؤدي لسرعة الاستقبال الحسي، أي سرعة الفعل الحركي للكلام. أما عندما تتساوى ترددات هذه الخلايا فإنها تستثار أو تثبط في وقت واحد مما يؤدي لاضطراب في استقبال المؤثرات الحسية والرد عليها، أي وجود اضطراب وعدم توافق بين المنبه الحسي ورد الفعل الكلامي مما يؤدي لتكرار الأصوات في صورة انشطار داخلي للفونيوم وهو مما يدل على وجود تلعثم، حيث يحاول المتلعثم التوفيق الكلامي بين موجات الصوت في كلامه وبين موجة ألفا المستثارة من المنبه الحسي.
وهناك أسباب أخرى مثل: تأثير العوامل النفسية على الآلية العضوية لإنتاج الكلام والنظرية الشائعة إلى حد ما هي وجود اضطراب في التوقيت، وتعني أي تشويش في توقيت حركة أي عضلة لها علاقة بالكلام، بما في ذلك الشفاه والفكان واللسان ينتج التلعثم.. وهناك خلل في الارتباط الدقيق بين الأصوات والمقاطع تنتج تشويهات الكلمة عن أي خلل في الدقة المتناهية في التوقيت اللازم للحديث المنساب أو في تعارض ذبذبات المخ الكهربائية أثناء النطق. إن توقعات الأبوين غير الواقعية تؤدي إلى ضغوط على الأطفال ترفع من قلقهم كما أن محاولة تغيير عادة استخدام اليد اليسرى لدى بعض الأطفال تؤدي إلى التلعثم، ذلك أن الجزء من المخ المسؤول عن التحكم في الكلام يتصل اتصالاً وثيقاً بالجزء المتحكم في حركة اليد المفضلة في الاستعمال وبناءً على ذلك يؤدي إرغام الأم لطفلها على استعمال اليد الخطأ إلى إرباك الجزء العصبي المسؤول عن التحكم في الكلام والحديث والكلمات الموجودة في المخ، وإلى ظهور التلعثم بالتبعية. وهناك بعض الأطفال لا يبدو عليهم التلعثم إلا عند الإثارة والتوتر فقط مثل غياب الأم، دخول طفل جديد إلى العائلة، الانتقال إلى بيت جديد. ويمكن أن يعود إلى المغالاة والإسراف في تدليل الطفل، أو عدم الاهتمام بالطفل بالشكل السليم المطلوب

كيفية التشخيص

يجيب د. حسام بأنه يعتبر تشخيص التلعثم من الأمور السهلة جداً ومن السهل على الشخص العادي ملاحظته ولكن هناك مجموعة من المقاييس التشخيصية التي تهتم بتحديد الشدة والدرجة معرفة صورة وشدة اللجلجة وتحديد العوامل التي تساعد على معرفة المآل للشخص المتلعثم ووضع الخطة المثلى للبرنامج العلاجي ومتابعة التحسن وتعتمد عادة العملية التشخيصية على أخذ التاريخ المرضي كاملاً وتقييم الذكاء والقدرات العقلية وتشخيص معدل حدوث التلعثم معتمداً على عدد المقاطع والكلمات في الدقيقة ومعدل حدوث التكرار أو الإطالة في هذه الكلمات خلال الدقيقة ويتم قياس الشدة بحساب الوقت التي تستغرقة لحظة التلعثم والعلامات الفسيولوجية المصاحبة لحدوثه من سرعة ضربات القلب واحمرار الوجه والعصبية وحركات لا إرادية في العين والفم والبطن وغيرها من العلامات التي تصدر أثناء التلعثم، كما يوجد الكثير من المقاييس لتحديد وتشخيص التلعثم مثل مقياس فان ريبر الاختبارات الشخصية التي تمكن الأخصائى من الوقوف على سمات شخصية التلعثم ومستوى التوافق النفسي الاجتماعي لديه والكشف عن المشكلات التي قد يعاني منها المتلعثم بشكل عام اختبار للصغار C.A.T.،T.A.T
اختبار للكبار، كما هناك تشخيص بالمحكات وأحدثها هو تشخيص الدليل الإحصائي الخامس DSM-5 للاضطرابات
الذي حدد عدة معايير للتشخيص منها وجود اضطراب في سلاسة الكلام يشمل واحدا أو أكثر من هذه الخصائص (التكرار للكلمات - تمديد الصوت - أو التوقف ضمن الكلمة - تحدث مع توتر جسدي - أو إطناب ويقصد به استعمال كلمات بديلة لتجنب الكلمات الإشكالية) ويسبب هذا الاضطراب القلق حول التحدث وأن تبدأ الأعراض في مدة الطفولة وأن لا ينسب هذا الاضطراب إلى عجز حسي أو حركي أو عصبي.

العلاج

وعن أنواع العلاج يصف مختص التخاطب «تتنوع العلاجات المتقدمة للمتلعثم بسبب تداخل المشكلة ولكن أهم العلاجات هي العلاج التخاطبي والنفسي والدوائي». العلاج النفسي: ويقوم غالباً على استراتيجيات خفض التوتر وأساليب صرف الانتباه مثل إمساك كرة في اليد اليسرى وتحريكها أثناء التحدث وتستخدم أيضا استراتيجية التحصين التدريجي، والفكرة الرئيسية التى يقوم عليها الأسلوب العلاجي هو إزالة الاستجابة المرضية (الخوف) تدريجياً من خلال تشجيع المريض على مواجهة مواقف الخوف تدريجياً إلا أن تتحيد مشاعره الانفعالية الحادة والخوف نحو الكلام.
العلاج الدوائي: وجد الأطباء أن الأدوية التي تستعمل لعلاج القلق والتوتر مفيدة للتقليل من حدة التلعثم، مثل عقار (زبركساZyprexa) الذي وجد أن استعماله بجرعة صغيرة يساعد كثيراً في علاج التلعثم وأيضاً دواء (باكسيل Paxil) الذي يزيل من أعراض الخوف والتوتر ويساعد على الاسترخاء أثناء التحدث.
العلاج التخاطبي: يستخدم مختص النطق واللغة عدة طرق لعلاج التلعثم ولكن على الأخصائي اختيار الطريقة المناسبة لعلاج الحالة التي أمامه حسب شدة ودرجة التلعثم وعمر المتلعثم والعلامات الفسيولوجية المصاحبة للتلعثم، ومن هذه الطرق طريقة المضغ CHEWING METHOD وفنيات تغيير نوع الاضطراب فإذا كان يكرر عليه أن يطيل وبالعكس وفنية الكلام وفق زمن محدد مما يجعله يبطئ في حديثه وطريقة التظليل بالضوضاء حيث إن التلعثم يقل عندما يكون المتلعثم لا يسمع تلعثمه، واستراتيجية الكلام الايقاعي وتقوم هذه الطريقة بناء على ملاحظة أن درجة التلعثم تنخفض حين يتكلم المتلعثم بطريقة إيقاعية أكثر، وأهم الطرق هي العلاج بتأخر التغذية المرتدة السمعية وطريقة التحكم في التنفس عن طريق التدريب على التنفس الباطني، وفي النهاية مشكلة التلعثم لها حل ولكنها تحتاج لمزيد من الوقت والتعاون مع المعالجين والتوجه إلى المختصين هي الخطوة الأولى في العلاج».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"