السينما اللبنانية تنطلق بدروع وجوائز

أسست على “بوسطة” و”كاراميل” و”تحت القصف”
13:49 مساء
قراءة 4 دقائق

نعم وبثبات تولد حالياً سينما لبنانية لها ملامح جادة، وتحظى باعترافات متلاحقة من المنابر السينمائية عربياً ودولياً، وآخرها 4 انتصارات تحققت في الدورة الخامسة من مهرجان دبي السينمائي الدولي (بين 11 و18 ديسمبر/كانون الاول) مع جائزتين ل الطريق إلى الشمال (كارلوس شاهين)، سمعان بالضيعة (سيمون الهبر)، ودعم مزدوج ومادي قيمته 25 ألف دولار لكل من شادي زين الدين عن مشروعه حلاقو المدينة، وديما الحر عن كل يوم عيد.

هنا رصد من فوق لكامل المشهد الإيجابي الذي بات يقدم أروع صورة عن سينما قامت سابقاً بمحاولات عديدة للحضور ولم تفلح بفعل ظروف الحرب، ويبدو أن السلام الراهن أفسح في المجال على مدى العامين الماضيين لبلوغ مرحلة نموذجية أسست فعلياً لصناعة سينمائية في لبنان.

البعض اعتبر أن بوسطة لفيليب عرقتنجي الحافز الذي دفع الأمور صوب ظهور محاولات سينمائية أخرى كشفت عن رغبة جامحة لتعويض ما فات، والإقدام على مشاريع تنفعل وتتفاعل مع سادة السينما في المهرجانات وردود فعل النقد والفوز بالجوائز، وتم التصويت داخل الصالات ليقول الجمهور كلمته.

صحيح أن هذا الجمهور لا يعطي أحياناً إشارات صحيحة عندما يواكب أفلاماً لا قيمة فنية لها، إلاّ أنه في كل الحالات يؤشر إلى واقع أو جانب منه.. بينما الجانب الآخر، هو أفلام أخرى لها نكهتها وصورتها وقيمتها حضرت ومعها اعتراف دولي بعد العربي بما أنجزته.

الحقيقة أن ما يحسب في هذا الإطار هو ما استطاعه بداية المخرج هاني طنب مع فيلمه بيروت بعد الحلاقة (رفيق علي احمد، فهمان محمود مبسوط)، الذي فاز بسيزار أفضل فيلم أجنبي، في واحدة من أهم الجوائز الأوروبية على الإطلاق، والمخرج نفسه عاد وطرح شريطاً جميلاً يفترض عرضه في وقت قريب على شاشاتنا بعنوان ميلودراما حبيبي (بيار شماسيان، غبريال يمين، جوليا قصار)، والذي تمت برمجته للعرض أواسط كانون الثاني/يناير ،2009 في عشر صالات لبنانية.

عرقتنجي وبعد تجربته الناجحة تجارياً والممولة من قروض مصرفية أسهمت فيها عدة بنوك لبنانية، خاض مشروعاً مختلفاً، دفعته إليه اعتداءات تموز/يوليو 2006 الإسرائيلية ضد لبنان، فصور تحت القصف، مستعيناً بندى أبو فرحات وجورج خباز، وخرج الفيلم إلى عدد من المهرجانات وعاد بالمهر الذهبي لأفضل فيلم عربي من الدورة الرابعة لمهرجان دبي السينمائي الدولي. وعرض في العديد من المهرجانات الأخرى.

هذا النجاح دفع المخرج الشاب إلى تحضير عمله الثالث والذي يصوره في لندن خلال أشهر قليلة مع الفنان خباز وعدد من الوجوه الإنجليزية كون القصة تتمحور حول طالب لبناني ذهب يتخصص في بريطانيا، وما يلاقيه من مصادفات ومفارقات متعددة.

وربما كان فيلم كاراميل، أكثر الأفلام اللبنانية حصداً للجوائز والتقديرات حتى بات عدد جوائزه والدروع الممنوحة له ،43 وعندما عرض في باريس تجاوز جميع الأفلام المعروضة من فرنسية وأمريكية، أو أوروبية، وصولاً إلى منح المخرجة نادين لبكي وسام الاستحقاق الفرنسي من رتبة فارس وتسلمته من وزيرة الثقافة.

نادين أنجزت سيناريو فيلمها الجديد والذي ستباشر تصويره بعد إجازة الأمومة، وهي إذ تشير إلى مشاركة رودني الحداد في كتابة السيناريو، اعتذرت عن قول شيء يتعلق بأجوائه بانتظار استجماع ما يحتاجه من مال للتمويل ومباشرة التصوير.

لكن الذي يفترض الإشارة اليه هو نماذج خاصة من الأفلام مثلما فعل الزوجان خليل جريج وجوانا حاجي توما، حين أقنعا النجمة العالمية كاترين دونوف لتظهر في فيلمهما بدي شوف، مع ربيع مروة، وإذ واجهت الشريط حالة سلبية من النقد فإن هذا لا يقلل من معنى مشاركة دونوف في الفيلم والذي سمح له بالعرض في مهرجان كان السينمائي الدولي، ولقي ترويجاً واسعاً ومميزاً في هذا السياق.

بالمقابل طرح المخرج برهان علوية في فيلمه خلص، الذي حاز العام المنصرم جائزة أفضل مخرج من مهرجان دبي إشكالية حول قدرة المخرجين المخضرمين أمثال برهان على جذب رواد الصالات هذه الأيام، ف خلص لم يجن ما يحميه في الصالات، من ايرادات.

ونضيف إلى المحاولات هذه، استغلال السينما للتلفزيون ونجومه من خلال غنوجة بيا وأسأل فيلم وأبو رياض، حيث كان إجماع بأن هذه النماذج هي مجرد استغلال للنجاح الذي حققه فريق فني معين على الشاشة الصغيرة، مع الاستعانة بكل المتبلات الجاذبة للجمهور، وهو أمر حاوله فيلم Amour d enfants والعنوان على الملصقات بالفرنسية ويعني حب الأطفال مع الممثل إيلي متري بطل فيلم فلافل لميشال كمون الذي حصد أكثر من جائزة في أكثر من مهرجان شارك فيه ما بين فرنسا وبيروت والقاهرة.

وفيما كل المحاولات الآنفة تصب في خانة إرضاء أكثر الأذواق تناقضاً ما بين النخبوي والجماهيري، وهذه حال السينما ونتاجاتها، فإن التحضيرات كثيرة وفي أكثر من اتجاه ومنها:

أسد فولادكار يستعد لتصوير بالحلال عن سيناريو له ينتجه صادق الصباح وتدور أحداثه في الضاحية الجنوبية، ويتمحور حول زواج المتعة، ولم تعرف بعد أسرة الفيلم.

جوسلين صعب تستعد لفيلم رومانسي يعيد بعض أمجاد العصر زمن الفن الجميل في السينما العربية.. وآخر أفلام جوسلين دنيا صورته في مصر.

وليد ناصيف مخرج مئات الأغاني المصورة يتحضر لتصوير فيلم تدور أحداثه في أكثر من دولة غربية وبميزانية عالية.

سعيد الماروق بين يديه عدة مشاريع جاهزة للتصوير، وكان اتفق سابقاً مع نجمين لبنانيين (اليسا، وائل كفوري) لتصوير فيلم ثم تأجل لأسباب مختلفة، وعندما ظهر بحر النجوم، الفيلم الذي صرفت عليه شركة مياه غازية وجمع 5 نجوم (وائل كفوري، هيفاء وهبي، كارول سماحة، احمد الشريف، رويدا المحروقي، ومعهم بريجيب ياغي) تشجع كثير من المخرجين والنجمات لتصوير أعمال.

ويستطيع لبنان ان يطمئن أكثر حالياً على فنانيه وقدرتهم على العمل والعيش والاكتفاء والثقة بالغد أكثر، لأن القانون المهني جرى إقراره في مجلس النواب، وسط فرحة عارمة عند الفنانين الذين انتظروا كثيراً حتى تحقق هذا الأمر منتصف كانون الأول/ديسمبر ،2008 وهو ما سيعطي دعماً مطلقاً للسينما من خلال فنانين يستندون إلى دعم من السلطة في أوقات التعطيل أو المرض.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"