النهام العصبي يسبب تناول كميات ضخمة من الطعام

01:05 صباحا
قراءة 6 دقائق
يعد مرض النهام العصبي أو البوليميا أحد اضطرابات الأكل التي تعود إلى أسباب نفسية، حيث يفقد المريض السيطرة على نفسه تجاه الأكل، وخلال نوبة الأكل الشره يستهلك المريض كميات هائلة من الطعام، تزيد في بعض الحالات على 10 آلاف سعر حراري، ويعقب ذلك شعور بالندم الشديد ورغبة في تقيؤ الطعام.
يحدث للمريض بعد مدة فقدان للسيطرة ويدخل في دائرة من نوبات الأكل الشره والتفريغ، وفي كثير من الأحيان فإن تكرار عملية التقيؤ سيكون له مردود صحي سلبي على صحة هذا الشخص، ويمكن أن يزداد وزن المريض في المراحل الأولى من العلاج، نتيجة لزيادة نوبات الأكل الشره بينما تتوقف عمليات التفريغ، وهو ما يسبب قلقاً للمريض يجعله يعود ثانية للنهام العصبي، ويعاني العديد من مشاهير هوليوود من هذا المرض خاصة من يتعرضون لضغوط نفسية في حياتهم المهنية، وتعتبر أشهر شخصية أصيبت به الأميرة ديانا، وتظهر بدايات هذا المرض في فترة المراهقة بين 13 وحتى 20 عاماً، وكثيرون ممن يعانونه يتعرضون للانتكاس في فترة البلوغ، ويرى الخبراء والأطباء أن أكثر فئة معرضة للإصابة بمرض النهام العصبي هن الفتيات في سن المراهقة، حيث ينصب اهتمامهن على شكل الجسم والوزن أكثر من الذكور، وهذا الأمر يدخل الفتيات والمراهقات في دائرة من الهوس والقلق من اكتساب الوزن، وكذلك تؤثر الحالة النفسية في سلوك الفتيات أكثر من الذكور، ويعود ذلك لاختلاف طبيعة جسم الفتاة وهورموناتها عن الذكور، وعلى الرغم من ذلك فإن الشباب والرجال عرضة أيضاً للإصابة بهذا المرض، كما أنه يمكن أن يستمر في المراحل العمرية المتقدمة، حيث إنه مرض طويل الأمد.
تفريغي وغير مطهر

يمكن أن نقسّم مرض النهام العصبي إلى نوعين تفريغي أو مطهر، وغير تفريغي أو غير مطهر، ويعتبر النوع الأول هو الأكثر انتشاراً ويتضمن سلوكاً معدلاً مثل التقيؤ الإجباري، حيث يضع المريض إصبعه في فمه حتى يتقيأ ما تناوله من غذاء، أو يتعاطى أدوية مسهلة كمدرات البول أو الحقنة الشرجية، أما النوع الثاني فيتضمن سلوكاً تعويضياً مثل ممارسة الرياضة المفرطة أو الصوم عقب نوبة الأكل الشره، وذلك حتى يوازن المريض مقدار السعرات الحرارية بعد الأكل، ويمكن أن يلجأ مريض النوع الأول إلى الرياضة والصوم ولكن كخيار ثانوي للتحكم في الوزن، ويكون من الصعب اكتشاف الإصابة بمرض النهام العصبي مقارنة بمرض فقدان الشهية العصبي، وذلك لأن مظهر المصابين بالنهام يكون صحياً أكثر ومضاعفات المرض الواضحة تكون قليلة، ويشير الخبراء والأخصائيون إلى أن جميع اضطرابات الأكل تسبب مشاكل معقدة، ولا تعرف لها أسباب بصورة مؤكدة، غير أنه يمكن رصد عدد من العوامل العائلية والاجتماعية ومزايا شخصية تتعلق بهذه المشاكل، ويلعب العامل الوراثي دوراً في إصابة أي شخص بمشكلة النهام العصبي، وذلك إذا كان هناك في العائلة مصابون بحالة من السمنة الزائدة، أو بأحد اضطرابات الأكل المختلفة، أو باضطرابات مزاجية مثل القلق أو الاكتئاب، كذلك يمكن أن يتعرض للإصابة بهذا المرض من يعمل في نشاط أو مهنة تتطلب منه أن يحافظ على رشاقة وشكل الجسم المتناسق، وذلك مثل من يعملون في عروض الأزياء وألعاب الجمباز والباليه، وأيضاً لو كان الشخص لا يشعر بالرضى عن نفسه، ويبحث دائماً عن الكمال في أي وقت وظرف، ويميل مثل هذا الشخص إلى القلق في أحيان متقاربة، وعندما يواجه المصاب بالنهام العصبي أحداثاً وضغوطاً تكون مصحوبة بتوتر شديد، مثل فقدان شخص عزيز أو السير في إجراءات الانفصال، وبحسب الدراسات الحديثة فإن هناك علاقة بين الإصابة بالمرض وارتفاع مستوى هورمون التستوستيرون وانخفاض الإستروجين في الدم.

توقف القلب

يصاب مريض النهام العصبي بنوبات الأكل الشره أو ما يسمى نوبات الدقر، حيث يستهلك كميات كبيرة من الطعام خلال فترة زمنية قصيرة، وأحياناً خلال أقل من ساعتين، وخلال نوبة النهم يشعر المريض بأنه يفقد السيطرة تماماً، ولا يستطيع التوقف عن الأكل، ويعقب هذه الحالة شعور بالندم الشديد والخوف من تناول الطعام، وبالتالي يقوم بعملية تطهير للجسد بالتخلص من الطعام الذي تناوله وذلك لمنع ارتفاع وزنه، وتتعدد الأساليب التي يتبعها لتنفيذ عملية التطهير، فيمكن أن يقوم بالتقيؤ الجبري أو بنشاط رياضي مبالغ فيه، أو يستخدم مواد مسهلة بشكل سيئ، مثل الحقن الشرجية أو الأدوية المدرة للبول، أو أي أدوية أخرى لتقليل الوزن خاصة الملينات التي تسبب الإسهال.
وعامة فإن التقييم الشخصي لمريض النهام العصبي لنفسه يرتبط بوزن جسمه وشكله الخارجي، ويحذر الأطباء من خطورة إهمال علاج مرض النهم العصبي، وذلك لأن الدخول في دائرة نوبة الأكل الشره والتطهير أو التفريغ يمكن أن يصيب بمشاكل صحية عديدة، حيث تؤثر الأحماض التي تصل من المعدة للفم خلال عملية التقيؤ على الأسنان فتؤدي إلى تسوسها وتعفنها، إضافة إلى أمراض اللثة وفقدان مينا السن، وكذلك يتأثر الغشاء المخاطي للفم، ويزداد حجم الغدد اللعابية، كما يصاب المريض بالتهابات في الحلق نتيجة تكرار وضع الإصبع فيه، وهو ما يتسبب في حدوث اختلالات في الإلكترولايت، ويمكن أن يؤدي هذا الاختلال إلى عدم انتظام ضربات القلب، بل يصل الأمر في بعض الحالات إلى توقف القلب والموت، وكذلك يمكن أن يصاب المريض بالسمنة الزائدة والكآبة المزمنة والتهاب المعدة والمريء وتمزقه، كما أن تكرار عملية التطهير تصيب العظام بالتخلخل وتضر بالكليتين، وتؤدي كثرة استخدام الملينات إلى عدم انتظام حركة الأمعاء وكذلك الإمساك، وزيادة كميات الدهون والنشويات التي يستهلكها المريض تؤدي إلى ارتفاع مستويات الكوليسترول، كما أن العادات الغذائية الخاطئة يمكن أن تؤثر في الدورة الشهرية والهورمونات المسؤولة عنها.

نفسي وسلوكي

توجد علاجات محددة لمرض النهام العصبي، التي شهدت تطوراً كبيراً في الأعوام الأخيرة، وبداية يجب فحص المريض جسمانياً بشكل دقيق، لأن طرق التخلص المنحرفة من الأطعمة التي يتناولها، يمكن أن تسبب مشكلات عضوية بالجهاز الهضمي وجهاز الإخراج لديه، وينقسم العلاج إلى قسمين نفسي وسلوكي، حيث يجب العمل على مساعدة المراهق في التعرف إلى المشكلة والتغلب على الأفكار السلبية، وكذلك حثه على المشاركة الاجتماعية، إضافة إلى تشجيعه على بناء نظام غذائي صحي محدد، ومن الأفضل أن يكون تحت إشراف طبيب تغذية، ويمكن أن تظهر مشكلات نفسية أخرى مع النهام العصبي مثل الاكتئاب، وفي هذه الحالة تكون الحاجة إلى إعطاء علاج أكثر شمولاً، ويتطلب فترة زمنية أطول حتى يتحقق التحسن في الحالة، وكذلك ينبغي الانتباه إلى إمكانية حدوث انتكاسة أثناء العلاج تعيد المريض إلى عادات الأكل المرضية، ويجب تنبيه المريض إلى عدم محاولة معالجة أي مشكلة يواجهها وحده، بل عليه التوجه للمختصين لتلقي الإرشاد والاستشارة.
ويسهل العلاج المبكر في مراحل المرض الأولى للوصول إلى درجة الشفاء التامة، ومنع المضاعفات والمشاكل الصحية الخطيرة، ويمكن حماية المراهقين من الإصابة بمرض النهم العصبي، من خلال عدد من الخطوات والإجراءات البسيطة، يأتي على رأسها تشكيل الوعي بأهمية الطعام الصحي منذ مرحلة الطفولة، مع تشجيع الطفل على تناول كل الأطعمة المختلفة، ويجب أن يحذر الآباء من استخدام الطعام كوسيلة عقاب، ويجب كذلك الحذر من الشكوى الزائدة من زيادة الوزن أمام المراهقين وخاصة الفتيات، وكذلك عدم إرسال رسلة غير مباشرة أن هذا الشكل يمنع من ممارسة الرياضة أو أي نشاط بدني، مع محاولة إكساب المراهق والمراهقة ثقافة الاختلاف بأن هناك اختلافاً شكلياً بين البشر، وأن علينا تقبل أنفسنا كما هي.

الإناث الأكثر إصابة

تشير الإحصاءات إلى أن مرض النهام العصبي هو أحد الأمراض النفسية التي تصيب فئة المراهقين، وسجلت الدراسات تعرّض الفتيات للإصابة بهذا المرض أكثر من الذكور، وهو أحد أنواع اضطرابات الأكل، وتشير الدراسات إلى أنه يصيب ما بين 1 إلى 3% من الفتيات المراهقات، وعلى الرغم من ذلك فإن الشباب عرضة للإصابة به، وتشير بعض الأبحاث إلى أن هناك ارتباطاً بين الشره العصبي ووجود خلل في الهرمون المسؤول عن الحالة المزاجية خاصة بين السيدات، وهو هرمون السيروتونين، ورصدت الأبحاث أن النوع التفريغي من النهام العصبي يصيب قرابة 7% من الحالات، وأظهرت دراسة أجريت مؤخراً على عدد من النساء اللاتي يعانين هذا المرض أن 70% من العينة التي بلغت 1500 سيدة تعرضن للإصابة بالاكتئاب، كما أكدت دراسة أخرى أجريت على 2000 مراهق ممن تنطبق عليهم صفتان من مقياس النهام العصبي على الأقل الموجودة في الكتيب التشخيصي للأمراض العقلية، وتبين ارتفاع نسبة إصابتهم بالقلق 6 مرات، كما تتضاعف احتمالية إصابتهم بالإدمان.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"