التصميم كان حجر الأساس، لكن البقية لم تأت وحدها دون جهد، كان لابد من البحث عن عمل يوقظ الشغف، ويحمل هذا الذوق المتفرد إلى الواقع بطريقة تليق به، هكذا قادتها الصدفة إلى الذهب، لتلبسه حروفها العربية التي تعتز بها، وبكونها صاغتها بطريقتها الخاصة جداً، التي يعرفها ويفضلها أصحاب الذوق المميز، والباحثون عن مجوهرات تعبر عن تفردهم، فيرتدونها كهوية تثبت انتماءهم إلى عالم التصميم المبدع، كما تراه مصممة المجوهرات «شمسة العبّار»، وكما تشاركنا خطواتها في الحلم قبل البداية، وحتى الوصول إلى هنا.
} يعد تصميم المجوهرات من المهن البعيدة عموماً، هل ثمة صدفة قادتكِ إلى هذا الشغف؟
- قبل 4 سنوات وبعد تخرجي في الجامعة، كنت محتارة في المجال الذي سأتجه إليه، خصوصاً أن تخصصي الجامعي «تصميم الغرافيك» يمكن أن يصب في كثير من المجالات الإبداعية، ولهذا رحت أتبع دورات تدريبية عدة لأجرب نفسي في مجالات عمل مختلفة بحثاً عن المكان الذي يناسبني، ومن هذه الدورات التي حضرتها كان الخط العربي، ودراسة الحروف العربية، وهو مجال مختلف عن دراسة الخط، ويمكننا أن نقول إنه أشبه بدراسة القوانين والقواعد الخاصة به، الذي ساعدني لأبتكر حروفي الخاصة، ولأني كنت مأخوذة كثيراً بالخط العربي، وشغوفة بابتكار حروفي الخاصة، أمسكت رأس الخيط وشعرت بأن هذا التوجه الفني يشبهني، وصدف وقتها عيد ميلاد صديقتي المقربة، وأحببت أن أهديها قطعة مميزة تحمل بصمتي، فصممت أول قطعة بحروف اسمها، ووقتها شعرت بأن هذا ما أريد القيام به بالفعل، فالشعور عند رؤية التصميم في الواقع وملامسته يختلف كثيراً.
} كيف كانت خطواتك الأولى بعد أن حددتِ وجهتك؟
- في البداية أحببت أن أقيس آراء الناس بشأن التصاميم والأفكار الجديدة التي أقدمها، فوضعت الصور على موقع إنستغرام، وكان وقتها الموقع الأكثر شهرة فيما يخص الترويج لمنتج معين، أو عرضه، وبالفعل خصصت حينها حساباً خاصاً لتصاميمي ووجدت كثيراً من الدعم والتشجيع من آراء المتابعين والمهتمين.
* ألم يكن لديكِ تجربة عمل أخرى قبل البدء بهذا المشروع؟
- جربت العمل في التصميم لبعض الشركات، لكني وجدت الأمر متعباً جداً، لأني كنت أتعامل مع شركات وأذواق مختلفة، هم يريدون شيئاً وأنا أريد شيئاً مختلفاً، لهذا شعرت بأنها كانت فترة متعبة لأني كنت أحاول أن أرضي أذواق الآخرين، ولهذا أدركت أنه عليَّ البحث عن مجال أقدم فيه ذوقي، وهذا ما وجدته في خط تصميم المجوهرات.
} كيف كانت الانطلاقة؟
- أعتقد أنني بدأت العمل بالطريقة الصحيحة، خططت لعملي، بدأت بإنستغرام بطريقة احترافية، درست الكلام المكتوب، والهاشتاغ، وحتى أدق التفاصيل فحاولت منذ البداية أن أؤسس حساب الإنستغرام بطريقة احترافية، فكان عبارة عن أرشيف يرصد خطواتي في العمل منذ البداية، وهذا ما يعرفه من يتابعني، فحرصت أن يرافقني المتابعون بكل خطوة، خصوصاً أني عملت بنفسي على تصميم كل ما يخص عملي من العلب الخاصة بالمجوهرات، والأكياس، و كتيب العرض، وبطاقة العمل والصناديق، وكل التفاصيل التي تخص العمل، إذ استفدت في هذا من مجال تخصصي الجامعي، كما أحببت أن أكون دقيقة في كل شيء، وأن أفعله بطريقة مرتبة وصحيحة، فحتى من ناحية العلامة التجارية والتسويق كنت مستعدة، فليس من السهل أن تقنع الناس بشراء المجوهرات إلا إذا جعلتهم يشعرون بفخامة ورقي علامتك التجارية بكل التفاصيل التي تؤسس لها، التي تدعم الشعور بالثقة والتميز.
} هل تخبرينا عن مجموعتك الأولى؟
- المجموعة الأولى كانت عبارة عن حروف عربية مصممة بطريقة هندسية، ويمكن القول إن التصميم الإبداعي للحرف، يبدو غير مقروء لكنه يأخذ الشكل الخارجي له ويلائمه مع الأشكال الهندسية، وبالفعل الناس كانوا يتساءلون عن هوية هذه القطع وقتها إن كانت حروفاً أم أشكالاً هندسية، لكن بعد فترة اعتادوا على حروفي وصاروا يميزونها أيضاً، فيقولون هذه مجوهرات «شمسة العبار»، فاستطعت أن أصنع طابعاً خاصاً بي، وكل من يراه يعرفه ويميزه عن غيره.
} هل اختلفت طريقتك في تصميم الحروف خلال السنوات الأربعة منذ انطلاقتك؟
- لا شك أن التصميم الكلاسيكي الأولي لحروفي بقي كما هو، موجود دائماً، لكن هذا لا يمنع أني أصمم كل فترة مجموعة جديدة ذات طابع قوي ومنحى يختلف عما سبقها، لكن بالعموم كل تصاميمي تحمل بصمتي الخاصة وطريقتي التي ابتدعتها، وأعتقد أن تصاميمي لها شخصيتها وحضورها المختلف والبعيد عن أي شيء آخر.
} برأيك من يختار تصاميمك؟
- الأشخاص الذين يحبون التميز والاختلاف، أولئك الذين يهتمون بعالم التصميم والموضة، وأولئك الذين يختارون ارتداء الأشياء الغريبة والاحتفاظ باختلافهم.
} كيف تشعرين حيال تصاميمك، هل هناك قطع شعرتِ بالفخر لدى إنجازها؟
- لا شك هذا الشعور يراودني تجاه معظم تصاميمي، فأنا اليوم أشعر أن هذا الاسم صار جزءاً مكملاً لي، ولا يمكنني الابتعاد أو التخلي عنه في يوم من الأيام، وبحق لا أستطيع وصف سعادتي حين أرى فتاة في مكان ما ترتدي إحدى القطع التي صممتها.
} ماذا عن عن التحديات في بداياتك؟
- التحدي الأصعب كان في التنفيذ، لأنني أصنع القطع هنا في الإمارات، ولأنني أبتكر تصاميماً مختلفة وغريبة أحتاج إلى وقت طويل حتى أحصل على طلبي.
} كم مجموعة أصدرتِ حتى الآن؟
- أطلقت 4 مجموعات، كل سنة أطلق مجموعة جديدة وتبقى موجودة لتنضم إلى المجموعة الأم، باستثناء القطع التي لا يكون هناك الكثير من الطلب عليها.
} أين ترين نفسكِ في المستقبل؟
- أتمنى أن أصل إلى العالمية، فصحيح أني بدأت بمشروع صغير، لكني لا أريد الاستعجال، وأرفض أن أكبر فجأة، لأني أشعر بأني أفقد خصوصيتي إذا سعيت إلى الانتشار بسرعة، بل على العكس أريد أن يكبر وينتشر ببطء دون التخلي عن خصوصيته وتفرده، ليبقى علامة خاصة لأصحاب الذوق الرفيع والمميز.
} وما خطتكِ؟
- كما أسلفت أسعى للوصول إلى المستقبل، وأن أوصل اسمي لمختلف بلدان العالم، إلى أوروبا، وغيرها، لأريهم ماذا يمكننا أن نفعل، فالطرف الثاني من العالم لا يعرفون كثيراً عن الفكر الإبداعي الذي نحمله، وأعتقد أنني أتمتع بفرصة كبرى لأوصل هذا كوني أعيش هنا في دبي.
} ماذا تخبرينا عن مشاركتكِ في «دبي كولكشنز»؟
- لم أكن أعرف الكثير عن هذا الحدث كونه يقوم للمرة الأولى، لكني سعدت بالتعرف إلى الناس الموجودين هنا، سواء من المصممين المشاركين، أو الإعلاميين، فالتقيت شخصيات عالمية ومبدعة، كما أن التغطية الصحفية للحدث كانت ممتازة، وهذا مهم لأي مصمم.
} ماذا عن مشاركاتك السابقة؟
- شاركت في معرض «عطايا» في أبوظبي، وفي «تجربة الموضة من فوغ في دبي»، ومنذ 3 سنوات حرصت على المشاركة في «أيام التصميم»، هذه أهم الفعاليات الكبرى التي شاركت بها، فأنا حريصة على الوصول إلى الزبائن الذين يشاركونني ذوقي المختلف في كل مكان.
} رغم كونكِ في البداية، إلا أنكِ لم تغفلي جانب العطاء والخدمة المجتمعية.
- خصصت قطعة من تصميمي، وهي عبارة عن أسوارة اخترتها لتكون وقفاً للنساء والأطفال المعنفين بالاتفاق مع مؤسسة دبي لرعاية النساء والأطفال، فيذهب ريعها إليهم لتساعدهم على التعليم، أو الحصول على الدورات التدريبية من أجل الحصول على وظيفة، أو أي خيار كان، وكان لي تجارب سابقة منذ بداية انطلاقي، فخصصت عوائد مبيع القطعة ذاتها لأحد المستشفيات ومساعدة للأشخاص العاجزين عن سداد تكاليف العلاج، وكنت أتواصل مع وزارة الصحة لأوصل مساعداتي، وفي رمضان أيضاً شاركت في حملة المير الرمضاني «فود درايف»، لنوزع المؤن على المحتاجين مع متابعي حملتنا على مواقع التواصل، وكنا نرسل الصناديق إلى الناس الذين يطلبونها، ونوصلها إليهم بأنفسنا، في الحقيقة هذه الأعمال تشعرني بمتعة العطاء.
} من هو ملهمك في الحياة؟
- الإلهام جاء أولاً من بلدي دبي، مدينتي الصغيرة التي استطاعت أن تكبر بسرعة، أشعر أنني أنتمي إلى هذه المدينة وأشبهها حتى في خصائصها، حتى تصاميمي تشبهها في اختلافها وإبداعها، وتفردها، أما كأشخاص فمن غيره أبي «محمد العبار» الذي دعمني على الدوام، وشجعني لأبدأ وأنطلق لأدون بصمتي الخاصة في هذا العالم.