علي المنصوري: أجدادنا عرفوا مناطق الصيد بالنجوم

علاقة الإماراتي بالبحر وطيدة
02:39 صباحا
قراءة 5 دقائق
أبو ظبي- مصطفى جندي:
كان ومازال الصيد من أهم وسائل كسب الرزق في الإمارات، ومازال صدى أغاني أجدادنا يسافر مع أمواج البحر ومن يصغي جيداً سيسمع ضربات مجاذيفهم وهم يشقون عباب البحر بحثاً عن صيد وفير، ومازال الإماراتي مرتبطاً مع البحر بعلاقة وطيدة ورغم تطور الحياة وتعدد المهن والأعمال فمازال الصيد يحظى بمكانة مرموقة في قلوب الشباب الإماراتيين، ومنهم من لايزال محافظاً على تراث الأجداد في ممارسة الصيد، وللحديث عن هذه المهنة قديماً وحديثاً وأهم التطورات والقوانين التي تخصها التقينا علي المنصوري،ئرئيس الاتحاد التعاوني لجمعيات صيادي الأسماك ورئيس جمعية أبوظبي التعاونية للصيادين، كان هذا الحوار .
* أعطنا فكرة عن صيد الأسماك قديماً في الإمارات؟
- اعتمد أهلنا من سكان الإمارات قديماً على صيد الأسماك لكسب قوتهم، فكانت هي المهنة الأهم إن لم تكن الوحيدة لسكان المناطق الساحلية في قديم الزمن، و استخدم أجدادنا في تلك الفترة عدداً من طرق الصيد كالدغوة والسكار والحضرة، ومازالت هذه الطرق مستخدمة إلى يومنا هذا مع بعض التطوير، كما دخلت طرق صيد جديدة كالحلاج .
* هل يمكن أن تشرح كل طريقة من طرق الصيد بشيء من التفصيل؟
- الدغوة طريقة تعتمد على مركبين، إذ يمد الصيادون شبكة طويلة ما بين المركبين ويبحران لمسافة 3 كيلو متر تقريباً ثم يقوم المركبان بعملية التفاف ويعودان للشاطئ، وبهذه الطريقة تعلق الأسماك في الشباك وتسحب باتجاه البر حيث يمسك ثلاثة رجال بكل طرف من طرفي الشبكة ويجرونها لليابسة ويستخرجون الأسماك العالقة فيها، طبعاً القوراب المستخدمة في هذه الطريقة تسير بواسطة التجديف .
* وماذا عن السكار؟
- طريقة تعتمد على ظاهرة المد والجزر، فعندما يصل المد إلى أعلى مستوياته يقوم الصياد بنصب أوتاد خشبية داخل الماء على مسافة معينة، ويقوم بمد شبكة ما بين هذه الأوتاد، وعند الجزر يرجع الماء لتبقى الأسماك عالقة في الشبكة .
* هذا عن الطرق المستخدمة بمحاذاة الشاطئ، فماذا عن الطرق التي كانت متبعة داخل البحر؟
- يعتبر القرقور من أشهر طرق الصيد التي كانت وما زالت متبعة إلى وقتنا الحالي، في الماضي كان يصنع من عسق النخل، توضع بداخله أنواع من الطحالب أو أجزاء الأسماك وبعض الحجارة كي لا يطفو، ثم يلقى في الماء، يقوم الصيادون بإلقاء القراقير في المياه وبعد مرور أسبوع أو عشرة أيام يستخرجونها لجمع الأسماك الموجودة فيها .
* وما هي أنواع الأسماك التي يمكن صيدها بواسطة القرقور؟
- القراقير تصيد جميع أنواع الأسماك القاعية كالهامور والشعري والجش والفسكر والبدح
* كيف يتم اختيار أماكن رمي القراقير؟
- نحن أهل البحر نعرفه بشكل جيد، ونستطيع تمييز الأماكن التي فيها مراعي أسماك ممتازة .
* هل هناك مناطق صيد مخصصة لكل صياد؟
- كل إمارة من إمارات الدولة فيها لجنة تنظيم الصيد، هنا في إمارة أبو ظبي هناك مناطق صيد مخصصة لعائلات معينة، إذ ورثتها أباً عن جد، ولا يجوز لأحد من خارج هذه العائلات الاصطياد فيها، أما المناطق التي لا تخص جهة معينة فيمكن للجميع العمل بها إذا كان يملك رخصة صيد، وهناك مناطق يمنع الصيد فيها كالمحميات وآبار البترول، ولا أنصح أحداً بالإبحار خارج المياه الإقليمية حتى لا يضع نفسه في مواقف صعبة، ويحق لجميع مواطني الإمارات الصيد في أي منطقة من الدولة بشرط أن يكون موجوداً على متن قاربه .
* وكيف يعرف كل صياد المناطق التي رمى بها قراقيره؟
- اليوم يستخدم الصيادون أنظمة الملاحة الحديثة لتحديد أماكن صيدهم، أما في السابق فكان أجدادنا يحددون مناطق الصيد بواسطة النجوم .
* ذكرت أن هذه الطرق مازالت مستخدمة إلى وقتنا الحالي مع بعض التطوير، كيف ذلك؟
- بالفعل، فالدغوة مازالت مستخدمة لكن القوارب فيها أصبحت حديثة وبات بالإمكان مد شبكة أطول ما بين القاربين تصل إلى 400 متر، وأصبح من الممكن الدخول إلى أعماق أكثر في البحر، أما عن القرقور فأصبح هناك المعدني الذي يتميز بأحجامه الكبيرة فيصل قطر بعضها إلى 4 أمتار .
* وماذا عن وسائل الصيد الحديثة؟
- أشهرها الحلاج، وهي طريقة مختصة بصيد الأسماك السطحية والمهاجرة كالكنعد والقباب، فحين يرصد الصيادون سرباً من الأسماك السطحية يقومون بمد الشبك بشكل دائري بحيث يحاصرونها ويصطادونها .
* هل هناك مواسم معينة للصيد؟
- هناك مواسم لصيد الأسماك المهاجرة، أما المحلية كالهامور والشعري والنقرور فهي موجودة على مدار السنة، المهاجرة تكثر في فصل الشتاء وتهاجر في الأشهر الحارة، أما عن أوقات الصيد فهي تتأثر بالشهور القمرية والصباح والمساء، فعلى سبيل المثال الصيد بالسنارة من الشاطئ يكون في الشتاء أفضل منه في الصيف، إذ أن الأسماك تلجأ إلى الأماكن العميقة في الأشهر الحارة، كما أن الأسماك تنشط في الفجر وقبل الغروب ولذلك هي الأوقات المفضلة لهواة الصيد بالسنارة .
* هل هناك قواعد معينة تنظم عملية الصيد؟
- وضعت الجهات المختصة قوانين وقواعد تضبط مهنة الصيد، فحددت أحجام الأسماك وأماكن الصيد والطرق المسموحة والممنوعة، ومن يحق لهم الصيد .
* وماذا عن رخص الصيد؟
- لا يتم إصدار رخص جديدة في أيامنا هذه، إنما يتم تبادلها ما بين المواطنين، الرخص كانت تعطى وفق شروط معينة، كأن يكون من مواطني الدولة، مقيماً في المنطقة، لديه قارب صيد يحقق المواصفات المطلوبة .
* ما هي أشهر أنواع الأسماك في الإمارات وبمَ تتميز؟
- شواطئ الإمارات من أغنى المناطق بالأسماك، أشهرها الهامور، الصافي، والبدح، النيسر، السلطان إبراهيم، النقرور، الشعري، العومة، وغيرها الكثير، وتعتبر أسماك الإمارات من أفضل الأسماك نظراً لجودة المراعي وانخفاض معدلات التلوث .
* وماذا عن أشهر سفن الصيد المستخدمة في الإمارات؟
- في الماضي الشاحوف والبيله وهي من القوارب الكبيرة، أما الصياد المنفرد فكان يستخدم الشاشة وهي مركب صغير يستخدم بمحاذاة الشاطئ، تطورت القوارب بشكل كبير في وقتنا الحالي، الخشبية الكبيرة اليوم تسمى (لنشات) وتستخدم للصيد بواسطة القراقير وتحمل من 5 إلى عشر صيادين، أما القوارب الفايبر الحديثة فتستخدم للصيد بالشباك أو السنارة .

أنواع ومواصفات الشباك

يمارس صيد السمك في الإمارات بطرق متعددة وتعتبر الشباك من أشهر تلك الطرق لما لها من فعالية وتغطية مساحات كبيرة من مناطق الصيد، ولشباك الصيد أنواع كثيرة تختلف باختلاف منطقة الصيد وأنواع الأسماك الموجودة، فشباك "السالية" تستخدم على السواحل، وهي عبارة عن شبكة مستديرة توضع حولها بعض الأثقال المصنوعة من الرصاص، وتقذف من على الكتف في المياه الضحلة ثم ترفع من خيط مثبت في وسطها، والأسماك التي تصطاد بهذه الطريقة هي الميد والبياح والشعم والجوف وغيرها .
أما شباك الكاروف فيبلغ طولها 20 ياردة، وتوجد بها عيون، قطر الواحدة منها نصف بوصة، وتوضع على شكل سلة في المياه الضحلة ويقوم الصيادون بضرب الماء من أعلى ليندفع السمك داخل الشباك، وتستخدم لصيد نفس الأنواع التي تصطاد بشبكة السالية .
شبكة الجاروف يشبه الكاروف لكنه أطول قليلاً، كما أن قطر عيونه يتراوح ما بين 1،5 إلى بوصتين، ويستخدم في مياه عمقها نصف قامة، تمد الشباك في خط طويل وترفع بعد 5 ساعات تقريباً، وتستعمل لصيد أسماك السبيطي والشعم والجوف والبياح
أما شبكة العشاري فهي من الشباك الضخمة، يبلغ عرضها ثلاث قامات وطولها ما بين 80 إلى 130 متراً، وقطر عيونها 5 بوصة، وتلقى من السفن في المياه العميقة مع بداية الليل، وترفع عند الفجر ولا تستخدم في الليالي المقمرة لأن أسماك القرش تهجم على الأسماك التي بداخلها مما يؤدي إلى تمزيقها، وتصطاد بها أسماك الكنعد والخباط والقباب وغيرها، وتستخدم هذه الشباك في المياه الباردة .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"