قصور نشاط الغدة الجار درقية مرض خطر

02:06 صباحا
قراءة 6 دقائق

تقع الغدة جار الدرقية في العنق خلف الغدة الدرقية بشكل منفصل، وتختلف في تركيبها ووظيفتها عنها، وهي 4 غدد ذات حجم صغير، ويكون حجمها بين حبة الأرز وحبة البسلة أو الحمص.
وتفرز هذه الغدة الهرمون الجار درقي، أو ما يسمى بهرمون الباراثرمون، ووظيفة هذا الهرمون الحفاظ على التوازن السليم بين المعادن في الجسم، وهي الفسفور والكالسيوم وفيتامين «د»، وكذلك المستوى الطبيعي لها في الدم.
يتم هذا الأمر من خلال التحكم في امتصاص الكالسيوم من الأمعاء، وتحريكه من العظام إلى الدم، والتخلص منه عن طريق الكلى.
وتصيب الغدة جار الدرقية العديد من الأمراض منها حالة مرضية تسمى قصور نشاط الغدة جار الدرقية أو نقص إفراز الغدة جار الدرقية، وهو ما يؤدي إلى حدوث مشاكل في الجسم.
ونتناول في هذا الموضوع العوامل والأسباب التي تؤدي إلى إصابة الغدة الجار درقية بهذا القصور، والأعراض التي تنتج عن هذه المشكلة، بالإضافة إلى تقديم طرق الوقاية من هذا المرض وأساليب العرق التقليدية والحديثة.

انخفاض الكالسيوم

تؤدي الإصابة باضطراب قصور الغدة جار الدرقية إلى عدم إنتاج الغدة لهرمون الباراثرمون بكميات كافية، وبالتالي تنخفض مستويات الكالسيوم، وترتفع مستويات الفوسفور في الدم، ويمكن أن يؤدي هذا الخلل إلى مشاكل في العظام والعضلات والجلد والنهايات العصبية.
تصيب هذه الحالة المرضية الرجال والنساء على السواء، وتحدث في أي سن، غير أن انتشارها أكثر بين الأطفال الأقل من 16 سنة، والبالغين أكثر من 40 سنة.
ويتضمن علاج قصور نشاط الغدة جار الدرقية إمداد الجسم بما يحتاج آليه من كالسيوم على هيئة أقراص، ويحتاج المريض إلى تعاطي هذا العلاج مدى الحياة.

أربعة أنواع

يعد الكالسيوم والفسفور من العناصر المهمة لجسم الإنسان، ويلعب الكالسيوم دوراً مهماً في نمو العظام والمحافظة على قوتها، وكذلك في نمو الأسنان، ويؤدي الكالسيوم دوراً مهماً أيضاً في انقباض العضلات وإرسال الإشارات عبر الأعصاب.
ويتواجد الفسفور في أنسجة الجسم، ويعتبر جزءاً أساسياً في كل خلية، وله أدوار عديدة في الخلايا، ويعطي هذان العنصران القوة والصلابة للعظام والأسنان.
ويعد اضطراب قصور نشاط الغدة الجار درقية أحد الأمراض الخطيرة، ويتم تقسيمه طبياً إلى 4 أقسام، الأول القصور المناعي، والثاني القصور المكتسب، والثالث القصور الخلقي، والرابع القصور مجهول السبب.

إصابة دون قصد

تحدث الإصابة بقصور نشاط الغدة الجار درقية بسبب تدمير الغدد أثناء جراحة للرأس أو العنق، أو بسبب استئصالها كعلاج لفرط الدريقات، أو دون قصد أثناء استئصال الغدة الدرقية.
ويمكن أن تحدث الإصابة عند استخدام العلاج الإشعاعي في حالات الأورام السرطانية على الرقبة أو الوجه، حيث يدمر هذا الإشعاع الغدد الجار درقية، وكذلك عند علاج فرط الدريقات الأولي باستخدام اليود المشع.
ويؤدي اختلال أملاح ومعادن الجسم إلى الإصابة بهذا الاضطراب، وعلى سبيل المثال انخفاض مستوى المغنيسوم في الدم، حيث يحتاج إفراز كمية كافية من الهرمون الجار درقي إلى أن يكون مستوى المغنيسوم في معدله الطبيعي بالدم.

مشكلة وراثية

تؤدي حالات القلاء الأيضي إلى الإصابة بقصور الغدة جار الدرقية، وهي حالة من اختلال التوازن بين الحمضي والقلوي داخل الجسم، أي نقصان تركيز الهيدروجين الأيون.
وتظهر هذه الحالة بسبب التراكم المفرط للمركبات القلوية مثل البيكربونات، أو نقص الأحماض التي تعادل التأثير القاعدي.
وتؤدي كذلك اضطرابات الجهاز المناعي إلى الإصابة بهذه الحالة المرضية، حيث يهاجم الجهاز المناعي أنسجة الغدد الجار درقية ويدمرها.
ويمكن أن تحدث بسبب مشكلة وراثية يكتسبها الطفل من الأب أوالأم، حيث يكونان حاملين لجين المرض، إلا أنهما غير مصابين به.
وينتقل الجين من الوالدين إلى الطفل فيصاب بالمرض، وتزيد نسبة إصابة الطفل بالمرض عندما يكون الأبوان حاملين للمرض، وذلك بنسبة 25%، وتظهر الأعراض عليه خلال 10 سنوات الأولى للطفل، وفي الأغلب في عمر سنتين.

بسيطة وشديدة

تتراوح أعراض قصور الغدة الجار درقية بين البسيطة والشديدة، وتشمل هذه الأعراض شعور المريض بالإعياء والإرهاق والضعف العام.
ويصاب بخدر أو تنميل في الأصابع واليدين والقدمين والشفاه واللسان، ويفقد المصاب بهذا الاضطراب الرغبة في الطعام، مع شعور بالقيء، وزيادة في البول.
وتزيد الأعراض إلى آلام بالعضلات، وألم في الوجه والقدمين والساقين واليدين، وتصاب عدسة العين بالإعتام، وتضعف مينا الأسنان والجذور وبخاصة في الأطفال، بالإضافة إلى تشوهات في الأسنان.
ويصاب الشخص بهذا المرض بالتوتر والعصبية، مع تقلب في المزاج، والذي يصل في بعض الأحيان إلى درجة الاكتئاب.

تأخر النمو العقلي

يمكن أن تصاب الكلى بالحصوات، والعظام بالهشاشة، وتصل إلى الكسور وربما تآكل العظام في بعض الحالات.
ويمكن أن تتطور الأعراض حتى تصل إلى تشنجات عضلية شديدة وفقدان للذاكرة والإصابة بالصرع، وتأخر القدرات العقلية بالنسبة للأطفال.
تشمل مضاعفات الإصابة بقصور نشاط الغدة الجار درقية، والتي تحدث نتيجة انخفاض مستوى الكالسوم في الدم انسداد أوعية الهواء بسبب التشنجات التي تصيب عضلات الوجه والذراع والحلق.
ويتعرض الأطفال المصابون بهذا الاضطراب إلى بطء في النمو والتطور الجسدي ويصابون بتأخر في النمو العقلي.
ويترسب الكالسيوم في الدماغ، كما يضطرب القلب، حيث تتأثر ضربات القلب، وربما يصاب المريض بالإغماء، وتصاب الأسنان بالتشوهات، ويتغير حجمها، كما تختل وظائف الكلى.

عدة تحاليل

يلجأ الطبيب المعالج لإجراء مجموعة من التحاليل عند تشخيص حالة مصاب بقصور نشاط الغدة الجار درقية، ومنها تحليل هرمون الباراثرمون، ونسبة الكالسيوم في الدم، وكذلك نسبة الفوسفور والمغنيسوم.
وتظهر التحاليل انخفاض مستوى الكالسيوم والمغنسيوم وهرمون الباراثرمون في الدم، مع ارتفاع مستوى الفسفور.
ويمكن أن يحتاج الطبيب لبعض الفحوص الأخرى، والتي تشمل تخطيط القلب الكهربي- رسم القلب، حيث يتأثر القلب بنقص مستوى الكالسيوم.
ويجري اختبار بول، وهو ما يظهر إخراج الكلى لكمية كبيرة من الكالسيوم من عدمه، ويجري أشعة سينية على العظام، بالإضافة إلى قياس لكثافة العظم، وذلك من أجل التأكد من أن نقص الكالسيوم أثر في قوة وصلابة العظام.
ويتم إجراء أشعة سواء تلفزيونية أو بالمسح الذري على الرقبة، مع التأكد من خلو الكلى من الحصوات، وذلك بالفحوص اللازمة، ويتم قياس نسبة هشاشة العظام بشكل دوري.

عوامل مؤثرة

تلعب عدة عوامل مؤثرة دوراً في تحديد خطة علاج قصور نشاط الغدة الجار درقية، ومنها أعراض المرض وشدتها، والحالة الصحية العامة للمريض.
ويكون الهدف من وراء العلاج الوصول إلى المستوى الطبيعي للكالسيوم والفسفور في جسم المريض، وذلك حتى تظل بقية الأملاح في نسبها الطبيعية.
وينبغي على المريض أن يعلم أن هذا المرض من الأمراض المزمنة، وبالتالي فإنه يحتاج إلى تناول العلاج طوال حياته.
ويتضمن العلاج أقراص الكالسيوم، كما يساعد فيتامين «د» الجسم على امتصاص الكالسيوم، ويتخلص من الفسفور، ويمكن أن تحتاج بعض الحالات لتناول مدرات البول.
ويتم قياس مستوى الكالسيوم بشكل منتظم، وذلك من أجل التأكد أنه في المستوى الطبيعي، وحتى يحدد الطبيب الجرعة المناسبة التي يتناولها المريض.

التدخل الجراحي

يجب على المصاب بقصور الغدة الجار درقية أن يهتم بتناول الطعام الغني بالكالسيوم، وعلى سبيل المثال الأسماك ومنتجات الألبان، وجميع أنواع الخضروات الورقية الغامقة، واللوز والمشمش، وفي المقابل يقلل من الأطعمة الغنية بالفسفور.
وينصح في حالة إصابة المريض بالتشنجات العضلية بالانتقال إلى المستشفى لإعطائه حقن كالسيوم وريدياً، أو عند الانخفاض الحاد في نسبة الكالسيوم. ويستكمل العلاج في المنزل بأقراص الكالسيوم وفيتامين «د».
يبقى الخيار الجراحي مطروحاً، وذلك عند وجود ورم حميد أو خبيث في الغدد الجار درقية، وباستئصاله يتم القضاء على معظم أعراض اضطراب القصور، غير أن المريض في هذه الحالة يحتاج إلى تناول أقراص الكالسيوم وفيتامين «د».

الرياضة والماء

يرى الأطباء أنه لا تتوافر إجراءات معينة يمكن أن تمنع الإصابة بقصور الغدة الجار درقية، ويوجهون بصفة عامة نصيحة إلى المرضى الذين تقرر لهم إجراء جراحة في الرقبة أو الغدة الدرقية هي التحدث مع الجراح، وذلك لضمان اتخاذ خطوات تجنب أي أضرار ربما تلحق بالغدة الجار درقية.
ويجب على المريض اتباع تعليمات الطبيب، مع الانتظام في تعاطي العلاج، وتناول طعام صحي وسليم ومتوازن.
وينصح المريض بممارسة الرياضة بصورة دورية، مع شرب كمية كافية من الماء يومياً، وذلك بمعدل من 5 إلى 7 أكواب، ويجب على المرضى المدخنين الإقلاع عن التدخين.
ويلاحظ أن تناول جرعات عالية من الكالسيوم يمكن أن يصيب الجهاز الهضمي ببعض المشكلات، مثل الإمساك، ولذا يجب تناول جرعات الكالسيوم تحت إشراف طبي مستمر دون اجتهاد.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"