متلازمة مارفان.. طرق علاج حديثة

07:43 صباحا
قراءة 5 دقائق
تحقيق: نهلة الفقي
ربما يبهرك طول قامة أحد الأشخاص، لكن حقيقة الأمر أنه قد يكون مصاباً باضطراب وراثي يسمى متلازمة «مارافان»، فتلك المتلازمة نتيجة لعطب في جين «الفيبريلين 1» الذي يصيب الأنسجة الضامة في الجسم مسبباً خللاً في البروتينات الهيكلية لأعضاء الجسم الحيوية كالقلب والأوعية الدموية والعظام والمفاصل والعينين.
حيث ينتج ذلك الجين بروتين الفيبريلين الذي يدخل في تركيب النسيج الضام لتكوين العديد من أعضاء الجسم كالأوعية الدموية، صمامات القلب، العظام، الجلد، والعين.
يمكن أن يصيب حوالي واحد من كل 3000 شخص حول العالم، بما في ذلك الرجال والنساء من جميع الفئات والأصول العرقية المختلفة، فثلاثة من كل أربعة حالات تعود لأسباب وراثية بحمل الطفرة الجينية من أحد الوالدين، أو كما تظهر لدى بعض الحالات عن طفرة جديدة عفوية.
وفي هذا الصدد يقول البروفيسور كريستوف نيانبر جراح القلب واستشاري أمراض القلب عضو لجنة الأمراض المتعلقة بالشريان الأورطي لدى مستشفيات رويال برومبتونوهارفيلد: «متلازمة مارفان اضطراب وراثي يصيب الأنسجة الضامة في الجسم بسبب خلل في البروتينات الهيكلية، ويمكن أن يؤثر في العديد من أجزاء الجسم المختلفة بما في ذلك القلب والأوعية الدموية والعظام والمفاصل والعينين، التي تؤثّر بالتبعية في قدرة الشخص على النمو والتطور بشكل صحيح،
ويمكن أن تؤدي المتلازمة على سبيل المثال إلى توسيع الشريان الأورطي الذي يمكن أن يكون مهدداً للحياة، كما يمكن أيضاً أن تؤثر في الرئتين والجلد والجهاز العصبي، إن كان ارتباط تلك المتلازمة بشكل أكبر بمشاكل الشريان الأورطي، وتأثيرها في صمامات القلب والأوعية الدموية الأخرى، حيث يعاني مرضى متلازمة مارفان ضعفاً في جدران الشريان الأورطي يمكن أن يسبب في بعض الأحيان تورماً وتمدداً في الشريان الأورطي يعرف بـتمدد الأوعية الدموية الأبهري، أما في الحالات الشديدة، يمكن أن يتمزق الشريان الأورطي أو ينقسم ويسبب بالتالي نزيفاً داخلياً حاداً أو دكاك القلب (تراكم السوائل بكثرة داخل «التأمور» وهو الغشاء الذي يحيط القلب)، حيث يؤدي إلى نزيف في الشرايين التاجية أو الأبهرية أو صمامات ثلاثية الشرفات في حال تأثر القلب. فالصمامات لا تُغلق بشكل صحيح ويحصل نزيف الدم مرة أخرى من خلالها. أما إذا حصل النزيف في الصمام الأبهري، فيمكن أن يؤدي هذا إلى تورم تدريجي في حجرة الضخ الرئيسية ( البطين الأيسر).
عن تشخيص وعرض دلالات الإصابة بالمتلازمة ينتقل دكتور كريستوف نيانبر بالحديث عنها قائلاً: «من الصعب تشخيص متلازمة مارفان فأعراضه تختلف من شخص لآخر كما يختلف التأثير في الأنظمة الحيوية وأجزاء مختلفة من الجسم، فهو مرض خطر ويصعب تشخيصه، وقد تشمل الأعراض التي تم تسجيلها خلال الفحص السريري وجود مرونة في المفاصل، وطولاً ملحوظاً بالوجه، العيون الغائرة، سقف الحلق عالياً وضيقاً، تشوهاً في القفص الصدري، كفوف اليدين والساقين وأصابع اليد طويلة عن الحجم المألوف، كما قد يصاحب الأعراض لدى الفتيات انحراف في العمود الفقري، وتسطح كفوف القدمين، وضعف حاد في الرؤية وتوسع في جذر الشريان الأبهر. ومن ركائز التشخيص إجراء الفحص البدني وتدوين التاريخ الطبي للشخص وعائلته، إضافة إلى اختبارات الدم الوراثية، فالتشخيص والكشف المبكر عنها يساهم في إيجاد طرق علاجية أكثر فاعلية، لذا يجب القيام بفحوص دورية لمن لديهم تاريخ عائلي بالإصابة بالمرض.
وعن أحدث الطرق العلاجية لمتلازمة مارفان يتحدث عنها الدكتور أولريشر وزيندال، جراح القلب مستشفيات رويال برومبتونو هارفيلد قائلاً: ترتكز طرق العلاج على التعامل مع العوارض والتقليل من أخطار المضاعفات، ونظراً لما تسببه تلك المتلازمة من مشاكل خطيرة في القلب والأوعية الدموية، فالفحوص المنتظمة للقلب (مخطط صدى القلب) والأوعية الدموية (التصوير بالرنين المغناطيسي) يمكن أن تقلل من المضاعفات، كما يشتمل البروتوكول العلاجي على حاصرات بيتا أو حاصرات مستقبلات الأنجيوتنسين، والتي توصف للمساعدة في حماية الأوعية الدموية بتقليل ضغط الدم والضغط على الأوعية الدموية.
كما تحدد ما إذا كانت الحالة بحاجة لعملية جراحية في القلب أو الشريان الأبهر للحد من تنامي مشاكل القلب أم لا، ومن الأنواع الأكثر شيوعاً بين العمليات الجراحية (التشريحية) هو استبدال القسم المتورم من الشريان الأورطي وهذا ما يقلل من خطر تمزق الأوعية الدموية.
وتعتبر «إكسوفاسك»، التقنية المبتكرة في الدعم المتخصص لجذر الشريان الأورطي الخارجي «PEARS»، أحدث الطرق العلاجية لمتلازمة مارفان، التي تم إطلاقها في مستشفيات رويال برومبتونو هارفيلد المركز المتخصص لعلاج أمراض القلب والرئة في المملكة المتحدة.
والتي لا يتم استئصال الشريان الأبهر والصمام الأبهري أو إصلاحهما خلال إجراء تقنية PEARS (التقنية المبتكرة في الدعم المتخصص لجذر الشريان الأورطي الخارجي) مما يجنب الحاجة لعلاج تخثر الدم مدى الحياة، بل يتم إنتاج نموذج مادي مطبوع بشكل ثلاثي الأبعاد مبني على أساس أبعاد الشريان الأورطي للمريض والتي ينتج على أساسها أيضاً غطاء شبكي يوضع بواسطة عملية جراحية للقلب حول الأبهر الصاعد حيث يوفر الدعم للشريان الأورطي والصمام الأبهري ويمنع التورم والتمزق في تلك الصمامات، وتستغرق عملية الزرع حوالي ساعتين من الجراحة، وهو وقت أقل بكثير من استبدال جذر الشريان الأورطي التقليدي الذي يستغرق حوالي من أربع إلى 7 ساعات، فلا ضرورة لاستخدام المجازة القلبية الرئوية أثناء عملية PEARS (التقنية المبتكرة في الدعم المتخصص لجذر الشريان الأورطي الخارجي) حيث يمكن أن تتم العملية بالترافق مع خفقان طبيعي للقلب.
وتشرح الدكتورة نور هشام أبو محفوظ أبعاد المرض قائلة: «تختلف أعراض متلازمة مارفان من مريض لآخر نتيجة أن المرض يمكن أن يصيب أجهزة مختلفة بالجسم. فالبعض تظهر لديه أعراض بسيطة والبعض الآخر تكون الأعراض شديدة ويعاني مضاعفات كثيرة للمرض. وفي أغلب الحالات تزداد الأعراض سوءاً مع تقدم العمر».
ــ أعراض العظام:
غالباً ما تؤثر مُتلازمة مارفان في العظام الطويلة من الجسم، كعظام اليدين والأفخاذ، وهذا ما يؤدِّي إلى ظهور الأعراض التالية:
• طول الأطراف (الذراعين والساقين) بصورة غير متناسقة مع طول القامة.
• طول ملحوظ في أصابع اليدين والقدمين(Spider Hand).
• ارتفاع وتقوس الفم.
• جسد طويل ونحيل
• أقدام مسطَّحة.
• اختلال في المفاصل (مفاصل شديدة المرونة).
• أذرع وأرجل وأصابع يدين وقدمين طويلة.
• أسنان مُتراصَّة كثيراً.
• ارتفاع في سقف الحلق.
• الصدر الغائر أو «المُقعَّر».
• الصدر النافر «الجُؤجُؤي».
• ربما يكون العمود الفقري منحنياً إلى أحد الجانبين، وهذا ما يسمى «الجَنَف» (scoliosis).
• عندما يتقدَّم الشخصُ المصاب بمُتلازمة مارفان في السن، فإنَّه يمكن أن يعاني مشكلات في النسيج الضَّام الذي يغلِّف الدماغ والحبل الشوكي. قد يضعف هذا النسيج ويتمطط. وهذا ما يكون له أثرٌ في العظام في أسفل العمود الفقري. وهو يسبِّب ألماً أو خدراً أو ضعفاً في الرجلين.
ــ أعراض العيون:
تظهر لدى بعض الأشخاص المصابين بمُتلازمة مارفان مشكلاتٌ في العينين يمكن أن يكونَ لها تأثير في الإبصار، ومن هذه المشكلات:
• انفصال الشبكية.
• إزاحة أو انحراف عدسة العين lens dislocation: وتحدث في إحدى أو كلتا العينين نتيجة ضعف الأربطة التي تمسك بعدسة العين وتحافظ على بقائها ثابتة في مكانها.
• الجلوكوما (المياه الزرقاء) Glaucoma: تحدث نتيجة ارتفاع ضغط العين. ويشكو المريض من الحساسية الزائدة للضوء، تشوش الرؤية، ألم شديد بالعين، وقد يصاب في بعض الحالات بالعمى.
• قِصَر البصر.
• المياه البيضاء Cataract.
• انفصال شبكية العين Retinal detachment
ــ أعراض الجلد:
تعدّ علاماتُ التمطّط (لين كبيرة بالجلد) التي تظهر على الجلد (أي الخطوط البيضاء) بالإضافة إلى تشقق الجلد سمةً شائعةً أيضاً لدى الأشخاص المصابين بمُتلازمة مارفان. وتظهر هذه العلامات عادة في البطن، والثديين، أسفل الظهر، الكتفين، والفخذين.
ــ أعراض رئوية:
تظهر مشكلاتٌ رئويةٌ أحياناً لدى الأشخاص المصابين بمُتلازمة مارفان. ومن أعراض هذه المشكلات:
• ضيق التنفس.
• تصلّب الأكياس الهوائية في الرئتين، مما قد يجعل التنفس صعباً.
• الاسترياح الصدري Pneumothorax وهو نتيجة خروج الهواء بشكل مفاجئ من الرئتين فيشعر المصاب بضيق شديد في النفس يعالج بوضع أنبوب بشكل سريع بين الأضلاع بشكل مؤقت.
• انخماص الرئة.
• انقطاع النفس النومي.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"