احترامك بصمت هاتفك

03:37 صباحا
قراءة دقيقتين

محمد سعيد القبيسي

شاع في الآونة الأخيرة الحديث في مختلف المحافل ووسائل الإعلام حول التلوث البيئي، الذي بات يهدد حياتنا، في الوقت الذي لانكاد نسمع فيه عن ظاهرة لا تقلّ خطورة عنه؛ ألا وهي ظاهرة التلوث السمعي، وهي عبارة عن خليط من الأصوات المزعجة التي تصدر عن الآلات أو الأشخاص، مسبّبة أضراراً نفسية وصحيّة متعددة، من بينها الضجيج اليومي الناجم عن الهواتف المتحركة، الذي يعدّ أهم مسببات هذا التلوث، والتي قد يجهل العديد من الأشخاص أثرها في التعدي على حرية الآخرين، بالتشويش على مسامعهم، وربما تشتيت أفكارهم.
ولا تمر تلك الضوضاء مرور الكرام على البشر، بل تحدث اضطراباً جسيمة، منها أضرار نفسية تتمثل في ارتفاع مستويات القلق لدى الإنسان وزيادة شعوره بالارتباك الداخلي، وقلة تركيزه وانتباهه للأشياء المحيطة به. كما قد تسبب اضطراباً فسيولوجياً يتجسد كالأرق والصداع وطنين الأذن وارتفاع ضغط الدم.. إلخ.
أما السبب الذي يجعل الهاتف المحمول على وجه الخصوص من أكثر المصادر المسببة للتلوث السمعي، فيرجع إلى ما ينبعث عنه من موجات كهرومغناطيسية تؤثر في صحة الإنسان وسمعه. كما يعدّ مصدر إزعاج نتيجة ما يصدره من أصوات ونغمات مزعجة ونحن جالسون في وسائل المواصلات، والأماكن العامة، والمستشفيات، وغيرها من أماكن التجمّعات.
إن استمرار الضوضاء من حولنا، خصوصاً تلك التي تصدر من الهواتف المحمولة، يهدد الجميع بالإصابة بآثارها السلبية التي لا تعدّ ولا تُحصى. لكن ولحسن الحظ فهناك بعض الاقتراحات التي تحدّ من تلك الضوضاء السمعية، والتي تتمثل في:
تثقيف أفراد المجتمع وتوعيتهم من قبل وسائل الإعلام بالأضرار الناجمة عن التلوث السمعي بسبب الهواتف المحمولة، وهذا دور المؤسسات التعليمية والإعلامية.
سن القوانين وفرض الغرامات من قبل الدولة للحد من مصادر الإزعاج في الأماكن العامة، ويحتاج ذلك إلى دراسة مركزة يشارك فيها الأطباء المتخصصون ورجال القانون.
وضع لافتات تحذر من الأصوات المزعجة التي تصدر عن الهواتف، يتم وضعها في وسائل المواصلات والحدائق العامة في الشوارع الرئيسية والمطاعم والمستشفيات والمساجد.
نشر ثقافة وضع الهاتف على الوضع الصامت عند الذهاب إلى المستشفيات أو الوجود في الأماكن العامة، وداخل وسائل المواصلات، وأينما كان هناك تجمّع لعدد من الناس؛ كي لا نتسبب في إزعاج الآخرين ولا تزيد آثار التلوث السمعي السلبية التي تهدد صحتنا جميعاً.
يقول الفقيه الفرنسي «مونتسكيو» في قولته الشهيرة: «تنتهي حريتك عندما تبدأ حرية الآخرين». لذا، فعلى كل واحد فينا أن يحترم الغير ولا يكون سبباً في إضرار المجتمع بالتلوث السمعي، بل أن يسهم في المحافظة على الصحة النفسية للآخرين من حوله، «فاحترامك بصمت هاتفك».

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"