الإمارات مدرسة عظيمة

02:59 صباحا
قراءة دقيقتين
محمد سعيد القبيسي

في زيارة قمت بها لإحدى الدول الشقيقة قبل ظهور جائحة كورونا، اضطررت في إحدى المرّات إلى أن استقل سيارة أجرة تقلّني إلى حيث أريد الوصول، ولاحظت خلال طريق الذهاب مدى التزام سائق المركبة بإشارات المرور وكافة إرشادات السلامة، رغم عدم صرامة القوانين التي يجب على السائقين التقيّد بها في ذاك البلد، إلى جانب عدم التزام العديد منهم بالتعليمات المرورية.
فالتفتُّ إليه وقلت: «سواقتك طيبة». فردَّ عليّ قائلاً: «ذلك لأنني كنت أعيش في الإمارات، حيث تعلّمت كل النظم المرورية، وعندما عدت إلى بلدي حرصت على تطبيق كل ما تعلمته، فضلاً عن قيامي بتعليم كل من حولي من أقرباء ومعارف وغيرهم احترام جميع النظم الخاصة بالسياقة».
لاحظت خلال ترحالي المستمر واختلاطي بالناس من مختلف الجنسيات، أن كل الأشخاص الذي عاشوا في فترة ما من حياتهم داخل دولة الإمارات، عادوا إلى بلدانهم وهم أشدّ احتراماً للقوانين والتزاماً بها، لينقلوا بدورهم كل ما تعلموه إلى أبناء بلدهم.
على صعيد آخر، يُلاحظ في بعض البلدان تعدّد الديانات والطوائف، والإشكاليات التي تتأتّى من ذلك لأسباب عديدة. لكن في الإمارات وتحت مظلّة القانون ومتابعة القيادة الحكيمة التي أرست مبادئ الأخلاق السامية وحملت رسالة التعايش السلمي بين مختلف الشعوب، يعيش الناس من مختلف الأعراق والعقائد والملل، ويعملون بأريحية تامة تحت سقف وطن تكفل قوانينه حقوق الجميع. ليعود البعض منهم بعد مدّة إلى أوطانهم، فينشروا ثقافة المحبة والتسامح التي تشرّبوها خلال وجودهم في الدولة.
كل هذا غيض من فيض خيرات الإمارات التي كانت وما تزال نموذجاً حيّاً للتسامح والتعايش السلمي بين الشعوب كافة، على اختلاف أعراقهم وأديانهم ومعتقداتهم، من خلال ما تنقله حضارتها العريقة من قيم ومفاهيم إنسانية إلى جميع من عاشوا على أرضها المعطاءة التي تطبَّقُ القوانين فيها على الناس جميعاً بلا استثناء.
وإن هذا الأثر العظيم الذي تتركه ثقافة دولة وحضارتها في قلوب كل من عاشوا على أراضيها، لهو دليل صارخ على التقدّم الحضاري والإنساني الذي وصلت إليه الإمارات بفضل قيادتها الحكيمة التي حملت راية السلام منذ اليوم الأول لتأسيس الدولة حتى يومنا هذا.
وكيف لا تكون الإمارات مدرسة لشعوب العالم، ونموذجاً يُحتذى به في كل زمان ومكان، وقد أرسى المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، أسس القيم الإنسانية المشتركة، كالتآخي والحوار والتعايش وقبول الآخر والتضامن، وخاطب أبناءه قائلاً: «أهم نصيحة أوجهها لأبنائي هي البعد عن التكبّر، وإيماني بأن الكبير والعظيم لا يصغّره ولا يضعفه أن يتواضع ويتسامح مع الناس، لأنّ التسامح بين البشر يؤدي إلى التراحم، فالإنسان يجب أن يكون رحيماً ومسالماً مع أخيه الإنسان».

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"