معلمون يركبون موجة الدروس الخصوصية عن بُعد

نجحوا في مواكبة المستجدات رغم استمرار «الجائحة»
03:36 صباحا
قراءة 6 دقائق
تحقيق: محمد إبراهيم

لسان حال المنطق يقول: «التطوير ينبغي أن يقابله تطوير»، هكذا كانت الحال في منظومة العلم في الدولة، عندما فرضت تداعيات فيروس «كورونا»، تطورات عاجلة في صلب التعليم، فكانت خطط وقواعد، ووسائل جديدة للتعليم والتعلم، والاستعانة بأنماط مستحدثة، لتسيير ركب العلم، والمحافظة على منابره في مختلف مدارس الدولة.
لم تكن التطورات الأخيرة بعيدة عن المعلمين، الذين أثبتوا قدراتهم على توظيف الأدوات الجديدة، والمنصات والتطبيقات الذكية والبرامج المستحدثة في تطوير مفهوم الدروس الخصوصية، ليركبوا موجتها عن بُعد، تطبيقاً للإجراءات الاحترازية والوقائية، واحتراماً لتطبيق التوجيهات، للتحول الظاهرة التي كانت تحارب في المجتمعات في الأمس القريب، إلى وسيلة موثوقة لتعليم الأبناء.
أجمعت آراء الميدان التربوي، على أن الوسائل الجديدة التي يستخدمها المعلمون خلال الظروف الراهنة، جعلت الدروس الخصوصية متاحة على مدار العام، وليس في مواسم الامتحانات فقط، لتوافر المنصات الذكية، والقنوات الرقمية، والطرائق المستحدثة، لشرح المواد الدراسية عن بُعد.
المعلمون رفضوا فكرة تجريم الدروس الخصوصية، في ظل احترام التعليمات وتطبيق الإجراءات، ونفوا أن تكون ظاهرة تضر بالمجتمع التعليمي وفئاته، ورأوا أنها وسيلة فاعلة للارتقاء بمستويات الطلبة العلمية، لاسيما في عصر السماء المفتوحة وأحقية الطالب في اختيار الوسيلة التي تساعده على النهوض بمستواه.
وعلى غير العادة، سادت حالة من الرضا مجتمع أولياء الأمور، إذ أكدوا أن معلمي «التقوية»، ساعدوا الأبناء في فهم خطط التعليم الجديد، وقدموا طرائق تدريسية سهلة رفعت مستوياتهم التعليمية، لاسيما أن الأسعار مناسبة مقارنة بالسنوات الماضية.
الطلبة أكدوا أن الدروس الخصوصية في ثوبها الجديد، وفرت مزايا كثيرة من «الوقت والجهد والمال» فضلاً عن شرح المحتوى التعليمي بطرائق عدة في جميع المواد الدراسية، موضحين أن الرياضيات والمواد العلمية (الكيمياء والفيزياء والأحياء)، أكثر المواد رواجاً.
«الخليج» تناقش مع الميدان التربوي بمختلف فئاته، آثار كورونا، والمفاهيم الجديدة التي صاحبت دروس التقوية، وكيف أسهم في وضع ملامحها المعلمون، ومدى تأثيرها في الطلبة، وكيف تقبلها أولياء الأمور، وباتت موضع ثقة يعتمدون عليها، للارتقاء بمستويات أبنائهم في عصر «كوفيد19».

وسيلة راقية

البداية كانت مع المعلمين «م.س، ومنى.ع، ومعين.أ، س.ج، وأحمد.م»، الذين أكدوا أن الدروس الخصوصية ليست جريمة، بل وسيلة للارتقاء بمستويات الطلبة في مختلف المواد الدراسية، كما أنها تخضع للعرض والطلب، وليست إجباراً على أحد من أولياء الأمور أو الطلبة، والآن التطورات المشهودة في نظم التعليم أتاحت للطالب حق اختيار معلمه ومكان تعليمية وطرائق تدريسه.
وقالو إن الدروس الخصوصية، باتت مصدر أرزاقهم، بعد أن فقد معظمهم وظائفهم، بسبب الجائحة. موضحين أن تركيزهم على تحقيق الاستفادة القصوى للطلبة وليس التربح، لاسيما أن أسعار الحصص تناسب جميع الفئات، وأقل بكثير عما سبق، فمفهوم تلك الدروس اختلفت تماماً مقارنة بالسنوات السابقة، إذ يصحبها المزيد من التنظيم، والمرونة وجودة الأسعار، لاسيما في المواد العلمية والرياضيات التي تتصدر القائمة من حيث الرواج وإقبال الطلبة.

اتجاه جديد

وأفادوا بأن دروس التقوية أخذت اتجاهاً جديداً مطوراً، يستند إلى التكنولوجيا وتوظيف التقنيات الحديثة، ومواكبة المتغيرات والمستجدات، ما أسهم في إيجاد مرونة في العملية التعليمية، وشغف من الطالب، ودافعية نحو التعليم، فضلاً عن التركيز على المادة العلمية والتفاعل الإيجابي من الطلبة عبر المنصات التعليمية.
وفي المقابل، أكد «ريبال غسان عطا، وإبراهيم القباني، وعاطف حسن، وبدوي إبراهيم»، التزامهم بتوجيهات إدارات مدارسهم بعدم إعطاء دروس للتقوية، سوء لطلبة المدرسة أو من خارجها، لأن تجربة التعلم عن بُعد، والظروف الراهنة، أسهما في تغير مفهوم الدروس الخصوصية، من حيث طرائق التدريس، وأسعار الحصص، إذ باتت تعتمد على التكنولوجيا وإجراء المحاضرات عن بُعد، ورأوا أنها خطوة مهمة في الارتقاء بالمستوى المهني للمعلمين، لمواكبة المتغيرات وتوظيف التقنية في العملية التعليمية بحرفية ومهارة فائقتين.

تحدٍ كبير

وعبر المكالمات الهاتفية، أكد مديرو مراكز التقوية في مختلف إمارات الدولة،(فضلوا عدم ذكر أسمائهم)، توقف دروس التقوية لجميع الطلبة في مختلف مراحل التعليم، بسبب تداعيات الفيروس، التي أفرزت حزمة إجراءات احترازية، للحد من انتشار العدوى، ما شكل صعوبة في فتح صفوف التقوية للطلبة.
وفي ردهم على سؤال عن عدم استخدام التكنولوجيا والمنصات الرقمية، للتواصل مع الطلبة وإعطائهم دروس التقوية، أفادوا بأن إعداد تلك المنصات والقنوات، يشكل تحدياً كبيراً، لارتفاع الكلفة في تأسيسها، لتعتمدها الجهات المعنية، فضلاً عن ضيق الوقت، والجائحة التي جاءت مفاجئة، لتتوقف معها الحركة وآليات التطوير، فضلاً عن صعوبة استقطاب الطلبة والمعلمين في المرحلة الراهنة.

منافسة قائمة

وفي المقابل ما زالت المنافسة قائمة بين بعض المراكز ومعلمي الدروس الخصوصية عبر الإنترنت، إذ كانت جمعية المعلمين إحدى الجهات التي عملت على محاربة ظاهرة الدروس الخصوصية، وأطلقت مبادرة مراكز «سند» مؤخراً لتوفير دروس التقوية للطلبة في جميع مراحل التعليم.
وأكد صلاح الحوسني، نائب الرئيس الجمعية في مكالمة هاتفية مع «الخليج»، أن ظاهرة الدروس الخصوصية، غير صحية في المجتمع التعليمي، إذ تركز في مضمونها على الكسب المادي، وتهمل الجانب العملي والتربوي، فضلاً عن انعدام تحقيق جودة المحتوى وطرائق التدريس التي تعمل بلا رقابة ولا محاسبة.

مراكز سند

وقال إن الجمعية أسست مراكز «سند»، لتوفير دورس التقوية عن بُعد، لجميع الطلبة الراغبين في الارتقاء بمستوياتهم في مختلف المواد الدراسية، في الدولة، في خطوة هدفها الحد من ظاهرة الدروس الخصوصية خلال أزمة فيروس «كورونا».
وأفاد بأن هذه المراكز تقدم رعاية إضافية للطلبة، في مختلف مراحل التعليم، إذ إن التدريس يتم من خلال معلم متخصص، يقدم للطالب مسارات نوعية في عرض المواد الدراسية وشرحها، وسبل حديثة للتطبيق العملي، وبأسعار رمزية.

مرونة مشهودة

وفي وقفة مع أولياء الأمو ر«محمد طه، وإيهاب زيادة، ومحمد عصام، ورزان موهوب، ومنيرة الشحي»، أكدوا أنه على الرغم من المرونة المشهودة في منظومة التعلم عن بُعد، فإن أبناءهم في حاجة إلى دروس التقوية في بعض المواد، للارتقاء بمعدلاتهم النهائية، موضحين أنها أسهمت في رفع مستوياتهم ومهاراتهم في المواد الأساسية، وساعدتهم على فهم ماهية التعليم الافتراضي ومساراته والاستفادة من أدواته.
وعن أسعار تلك الدروس، قالوا إن استخدام التقنية الحديثة، وإجراء المحاضرات افتراضياً، أسهما في تراجع أسعار الدروس الخصوصية، وخلق نوع جديد من المنافسة بين المعلمين، موضحين أن ثمن الحصة بين 100و300 درهم، بحسب المادة الدراسية، ومجموعة الطلبة في كل منصة تعليمية.

متاحة باستمرار

أما الطلبة «علي عبد الله، وخلود محمد، وليلى وائل، وشروق صابر، وزياد محمد»، فأكدوا أن التعلم عن بُعد أسهم في الارتقاء بمهاراتهم في مختلف المواد الدراسية، وباتت دروس التقوية متاحة باستمرار، لتسد حاجة الطلبة في خمس مواد دراسية منها، الرياضيات والمواد العلمية (الكيمياء والفيزياء والأحياء علوم عامة)، التي تشكل تحدياً لدى الكثير من الطلبة في المرحلة الثانوية.
وعن آليات دروس التقوية والوسائل المستخدمة، أفادوا بأن الأدوات مطورة وطرائق الحصول على العلوم والمعارف سهلة ومرنة، إذ إن جميع الدروس عن بُعد، باستخدام وسائل رقمية جديدة مثل «زووم»، و«سكايب»، وغيرها، لشرح المادة، موضحين أن الحصة تصل مع طلبة الثانوية إلى ساعتين، وينبغي أن يكون الدفع مقدماً.

حوكمة الدروس

وزارة التربية والتعليم، حظرت جميع أشكال دروس التقوية، التي تقدم للطلبة والطالبات باللقاء المباشر، إذ تضع المعلم والطلبة تحت طائلة اللائحة المحدثة لضبط المخالفات والجزاءات الإدارية، والصادر بها قرار مجلس الوزراء، للحدّ من انتشار فيروس «كورونا».
وتركز الوزارة حالياً على تقنين للدروس الخصوصية، إذ وضعت آليات جديدة لها، لاسيما أنها ترى أن القانون أتاح تقديمها بشرط الحصول على رخصة معلم دروس خصوصية، وفق نظام يكفل رفع مستوى الطلاب وكفاءتهم الدراسية، ويضمن قدرة المدرس الخاص على تطوير قدراتهم وتحسين نتائجه.
قطاع تحسين الأداء، «إدارة التدريب والتنمية المهنية» بالوزارة، يركز على حوكمة الدروس الخصوصية، بمشاركة الكوادر التدريسية، عبر استفتاء تضمن 18 سؤالاً، واستهدف الهيئتين التدريسية والإدارية مؤخراً، في خطوة جادة نحو تنظيم الدروس الخصوصية للطلبة في مختلف مراحل التعليم، وتزويدهم بكل الأدوات المطلوبة لرحلة تعليمية آمنة وإيجابية.

اهتمامات المعلم

وركز الاستفتاء الذي اطلعت «الخليج» على بعض تفاصيله، على الدروس الخصوصية وسيلةً جيدةً لكسب دخل إضافي، واهتمامات المعلم قبل المشاركة في تلك الدروس، ورغبته في تدريس «طالب واحد أو مجموعة» في حال مشاركته في المبادرة، ونوعية التعليم خلال الدروس «مباشر وجهاً لوجه، أون لاين، ممزوج»، والأجهزة التي يفضل تقديم الدروس عبر الإنترنت «الهاتف الذكي- الجهاز اللوحي- جهاز الحاسوب»..
وركزت الوزارة على التعرف إلى الطريقة المثلى لإتاحة الدروس الخاصة عبر الإنترنت للطلبة، واحتياجات المعلمين التي تمكنهم من تقديم أداء مهامهم بنجاح،«تدريب تقني- أدوات تقنية»، والمدة المثالية للجلسة الواحدة، وتضمنت ثلاثة اختيارات: «45-60-90 دقيقة»، والسعر المناسب للحصة، وتضم أربعة اختيارات (50-100)، (100-150)، (150-200)، (200-250)، فضلاً عن أبرز الاقتراحات أو الأفكار الأخرى.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"