مزايدات عريقات

01:05 صباحا
قراءة 3 دقائق

مهرة سعيد المهيري

دخل صائب عريقات أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية المستشفى إثر إصابته بكورونا. عريقات الذي يسمي نفسه «كبير المفاوضين الفلسطينيين»، اختار مستشفى إسرائيلياً على الرغم من أن العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، كان قد أكد أن الأردن مستعد لاستقباله وتقديم كل ما يحتاج إليه من علاج. خطوته تعتبر دليلاً على ثقته العميقة بالإسرائيليين على الرغم من مواقفه العلنية منهم. 

إن عريقات، قد انخرط في حملة استهداف ضد الإمارات والبحرين عقب إعلانهما عن التوصل إلى اتفاق سلام مع إسرائيل، زاعماً أنه «لو قبلت بما قبل به المطبعون لوقعت اتفاقاً في ساعات». إن ما تتعرض له بلادي الإمارات من حملات شرسة ندرك سببها ومن يقف خلفها، وأن ما حصل لعريقات هو جزء من تقديم القيادة الفلسطينية لمصلحتها المباشرة وهذا بدوره لن يحول بين العلاقة الإماراتية الفلسطينية.

 إن الإمارات كانت ولا تزال تشكل داعماً دائماً لحقوق الشعب الفلسطيني في استعادة حريته وإنهاء الاحتلال لأرضه، وهي كذلك تدعم صموده من خلال المساعدات المالية والإنسانية، كامتداد بديهي لمواقف خالدة أرسى لبنتها الوالد القائد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، تزدان بها مجلدات التاريخ وتفتخر بها أجيال البلدين.

 إن الدولة قدمت مساعدات بقيمة 2.1 مليار دولار للشعب الفلسطيني منذ قيام السلطة الوطنية الفلسطينية؛ حيث تتفاوت هذه المساعدات ما بين دعم لميزانية السلطة ومشاريع بنية تحتية دون أن تشمل هذه المعطيات مئات ملايين الدولارات التي قدمتها الإمارات العربية المتحدة للفلسطينيين، من خلال وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا». وفقاً لتقارير الأمم المتحدة، فإن الإمارات، إضافة إلى كونها واحدة من أكبر الجهات المانحة ل «أونروا»، فإنها أسهمت بأكثر من 828.2 مليون دولار من 2013 إلى إبريل/نيسان الماضي، لتمويل مختلف القطاعات في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وهذا جزء لا يذكر من الدعم الإماراتي للقضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني. 

هل لنا أن نسال الشعب الفلسطيني ماذا قدمت لكم القيادة الفلسطينية؟ والقضية الفلسطينية، وهي قضية لم يظلم فيها شعب في القرن العشرين أكثر من الظلم الذي وقع على الشعب الفلسطيني، ولم تفرط قيادات بقضية كما فرطت قيادات العمل الفلسطيني بقضيتها. ستبقى الشعوب الخليجية مثلها مثل الشعوب العربية الأخرى حاملة لهموم الفلسطينيين وقضيتهم. الكل حارب من أجل فلسطين. على الفلسطينيين أن يدركوا بأن الإمارات قيادة وشعباً لا ينتظرون اعتذاراً للشعب الإماراتي وقيادته، عن إساءة بعض الفلسطينيين للإمارات ورموزها، وذلك لإدراكنا بأن ما ينتج من نقد سلبي وتهجم على الإمارات هو مصدره واضح ومعروف لنا جميعاً وأن ثقتنا بإخوتنا الفلسطينيين كبيرة. 

 الدعم الإماراتي حاضر دائماً في تفاصيل حياة الفلسطينيين ويومياتهم، كامن بين الأحياء والمنشآت السكنية والمساجد في غزة والقدس والضفة الغربية، تترجمه مواقف إماراتية أزلية تختزل قيم الأخوة والتضامن والعروبة. فالإمارات دائماً ثابتة على مواقفها لعودة الحق الفلسطيني لأصحابه ورفض أي حلول مجتزئة، فالقضية الفلسطينية هي قضية الإمارات الأولى، وستظل كذلك حتى حصولها على جميع حقوقها المشروعة، وعلى رأسها إقامة دولة مستقلة عاصمتها القدس. 

إنها المفارقة الكاملة. نظرة على محركات البحث في جوجل بوضع اسم عريقات والتطبيع خلال الشهر الماضي ستكشف حجم المفارقة. الرافض للتطبيع مع الإسرائيليين يتلقى العلاج في مستشفى إسرائيلي؛ حيث تزوره عائلته وتقيم إلى جانبه. نتمنى أن يمن الله بالشفاء على عريقات. نتمنى أن ينجح الأطباء الإسرائيليون في علاجه وأن يتجاوز محنة المرض. نتمنى أن يخرج أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية من المستشفى وهو يحمل رسالة مختلفة، حاول الإماراتيون أن يشرحوها له ولغيره من أن طبيعة التحديات الوجودية التي تواجه البشرية أكبر من مزايدات السياسيين.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"