الكتاب ينتصر في الشارقة

23:37 مساء
قراءة دقيقتين


د. حسن مدن

حين أعلنت هيئة الكتاب بالشارقة، قبل أشهر، أن معرض الشارقة الدولي للكتاب سيقام في موعده السنوي، بدا ذلك، بالنسبة للكثيرين حلماً. كانت جائحة «كورونا»، يومذاك، في ذروتها، وتوقفت أوجه كثيرة من الأنشطة، بما فيها الأنشطة الثقافية من ندوات ومؤتمرات وغيرها، على الرغم من أن الحضور فيها، لا يقارن البتة بجمهور معارض الكتب.
إرادة الشارقة ومنظمي المعرض كانت أقوى بتوجيهات راعي الثقافة في الشارقة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، فاستمرت التحضيرات لإقامة المعرض في موعده دون إلغاء أو تأجيل. وجرى الاستعداد لاتخاذ كافة التدابير الضرورية لنجاح المعرض، بالتقيد بالتوجيهات والقواعد الاحترازية الموضوعة من الجهات المسؤولة في الدولة في مواجهة جائحة «كورونا».
ها هو المعرض يفتتح اليوم في دورته الجديدة، معلناً انتصار الكتاب على «كورونا»، في شارقة الثقافة، لا من حيث كونه رفيقاً لنا في ظروف الجائحة فحسب، وإنما من حيث هو طقس غالٍ على قلوب محبي القراءة والكتب والاطلاع، بكل ما لمعرض الكتاب من مهابة وجاذبية، لتؤكد الشارقة، بذلك، تمسكها بتقاليدها في تنظيم هذا المعرض، وإظهاره بالوجه اللائق، وأن إرادة الحياة والعطاء والإبداع قادرة على اجتراح السبل الكفيلة باستمرارية الفعل الثقافي في الظروف الراهنة، التي نتطلع لأن تنجلي غمتها في القريب، وتعود الأمور إلى ما كانت عليه.
لكي ندرك مغزى افتتاح المعرض اليوم، لنا أن نتصور مقدار الأسى والتحسّـر الذي سيصيب جمهور المعرض لو أنه لم يقم، وما يبعثه ذلك في النفوس من شعور بالخيبة، فإقامة المعرض لا تسجل فقط انتصاراً للكتاب والثقافة في الشارقة وفي الإمارات وفي المنطقة كلها، لا بل لحركة معارض الكتب العربية عامة، وإنما هي أيضاً تحفيز للإرادة وباعث على الأمل الكبير في قدرتنا جميعاً على أن تحدي الصعاب غير القليلة التي فرضتها الجائحة على العالم أمر ممكن.
بهذه الخطوة تصبح الشارقة رائدة في إقامة معرضها للكتاب في ظروف اليوم، وبذلك ستصبح قدوة لمعارض الكتب العربية القادمة، لأن خبرة إقامة هذه الدورة من المعرض ستكون مفيدة لمنظمي تلك المعارض، في وضع قواعد وضوابط نجاحها مع الحرص على شروط السلامة، والتقيّد بالضوابط.
وبهذه الخطوة أيضاً تؤكد الشارقة مجدداً أنها عاصمة الكتاب، وعلى صواب رهانها على الثقافة لا بصفتها طريقاً للحوار والتسامح والتنشئة السوية للأجيال وتطوير الذائقة الفنية وتطوير المهارات الثقافية فحسب، وإنما بصفتها وسيلة لشحذ الهمم وصناعة الأمل في القدرة على تحدي الصعاب.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب من البحرين من مواليد 1956 عمل في دائرة الثقافية بالشارقة، وهيئة البحرين للثقافة والتراث الوطني. وشغل منصب مدير تحرير عدد من الدوريات الثقافية بينها "الرافد" و"البحرين الثقافية". وأصدر عدة مؤلفات منها: "ترميم الذاكرة" و"خارج السرب" و"الكتابة بحبر أسود".

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"