جردة حساب

23:32 مساء
قراءة دقيقتين

فيصل عابدون

على الرغم من طابع الغرابة الذي اتسمت به فترته الرئاسية، فإن دونالد ترامب ليس عنصراً طارئاً في السياسة الأمريكية، وقد أضفى ظهوره المفاجئ على المسرح الأمريكي والدولي كثيراً من الإثارة على العملية السياسية في بلاده وفي العالم.

 أضاف ترامب وهجاً إلى سباقات الرئاسة المملوءة بالحيوية أصلاً. فالانتخابات الأمريكية تُرضي حماس الناس وأهواءهم وغرورهم، فهي محتشدة بالنشاط والحركة وبكثير من العنف والخشونة على عكس انتخابات بريطانيا الباردة برودة الثلج، أو انتخابات أوروبا الرتيبة والمملة، أو انتخابات شبه الديمقراطيات في الشرق والغرب التي لا يأبه لها أحد.

وترامب هو أحد أبناء المؤسسة الأمريكية التي تصنع الإثارة والأحداث والأجندة الدولية. وقد طرح نفسه مرشحاً، وقدم برنامجه الانتخابي مثلما يفعل كل المرشحين، لكن أسلوبه الصاخب فتح أمامه أبواب البيت الأبيض، فقد كان العديد من الأمريكيين يحتاجون إلى أن يسمعوا صوتهم يتردد من حنجرة الرئيس، بعد الفوضى التي خلفها جورج بوش الابن في عملية غزو أفغانستان والعراق التي حطمت صورة القيادة الأمريكية، ثم بعد مرحلة حكم أوباما الهادئة إلى حد الملل.

راهن ترامب على المشاعر الوطنية ومنطق القوة، وعلى الاقتصاد والوظائف والرفاهية، وتحدث عن إخضاع خصوم الولايات المتحدة أو سحقهم. تعهد بسحب الجنود من المناطق الساخنة في العراق وأفغانستان وتقليص حجم القواعد العسكرية في الخارج، وأكد في برنامجه الانتخابي، الحزم إزاء الصين في مجال المبادلات والمعاهدات التجارية واستعادة الشركات المهاجرة إلى الأراضي الأمريكية، وارتكز برنامجه على مبادئ «أمريكا أولاً» و«أمريكا قوية من جديد»، وتعهد بغلق أبواب الهجرة المفتوحة عبر إجراءات صارمة تطال ملايين المهاجرين غير الشرعيين.

والمرشحون في العادة يطرحون برامجهم للناخبين على أمل الحصول على ثقتهم. وبقدر ما تكون هذه البرامج جذابة، وتخاطب مصالح الناخبين، تكون أرباح المرشح. وفي حال فوزهم، فإن الرؤساء يحققون ما تيسر من برنامجهم الانتخابي بنسب نجاح متفاوتة، ثم يغادرون المنصب.

بدأ ترامب فترته الرئاسية باندفاع هجومي في قضية المهاجرين، وأحدث إرباكاً كبيراً، لكن خطته لبناء الجدار الحدودي الذي تدفع المكسيك كلفته سقطت على الطريق، كما أن القضاء الأمريكي أبطل بعض قراراته المتعلقة بطرد المهاجرين.

قضية العلاقات التجارية مع الصين تأرجحت بين النجاح والفشل من دون أن تحقق تقدماً لافتاً، ولكنه أعلن الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، وفرض عليها عقوبات متدرجة. وبينما كان محاصراً بمسألة التدخلات الروسية في الانتخابات، فقد حافظ على علاقات ودية مع رئيسها فلاديمير بوتين.

وحول تعهداته الانتخابية حول الشرق الأوسط، فإن خطته المعروفة ب«صفقة القرن» فشلت بشكل عملي في الحصول على موافقة دول المنطقة، أو رضى الجانب الفلسطيني، لكن تطبيع العلاقات بين عدد من الدول العربية وإسرائيل اعتبر إنجازاً مهماً لفترته الرئاسية، ولم يكن ذلك مدرجاً أيضاً في برنامجه الانتخابي.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"