عادي

الموظفون «النجوم».. كيف تساعد أوقات الأزمات على بزوغ المواهب؟

22:02 مساء
قراءة 4 دقائق
1

لم يشهد عالم الأعمال يوماً تغييرات بهذا القدر، وبهذه الوتيرة. فسرعة وحِدَّة تفشي الفيروس التاجي أرغمت الشركات على إدخال تغييرات جذرية على أساليب تنظيم قواها العاملة. وأمام «إلحاحية» هذه المسألة، استحثت الشركات الخطى لإسناد أهم المهام - ألا وهي تحقيق استدامة الأعمال ونموها وتعزيز الابتكار - إلى نخبة مواهبها.

في أوقات الأزمات، تظهر المواهب. يقول توم دي وايلي، الشريك والمدير الإداري في «بين آند كومباني» مكتب الشرق الأوسط، وجوست سبيتز، الشريك في «بين آند كومباني» مكتب بوسطن ودان شوارتز، الشريك في «بين آند كومباني» مكتب واشنطن.

ساعدت أزمة كوفيد-19الشركات على اكتشاف الموظفين الذين يضيفون قيمة بدرجات متفاوتة عن غيرهم. ومن خلال إعتاق الموظفين الموهوبين من الأدوار غير الرئيسية وإيكالهم مهمة مواجهة المواقف الصعبة، حفزت سلاسل المطاعم العالمية خدمات التوصيل، وصوبت شركات السلع الاستهلاكية تركيزها نحو إيصال السلع الأساسية للعملاء، فيما بدأت الفنادق برسم معالم جديدة لمفهوم الضيافة، وكل ذلك بالتوازي مع تبني مفهوم «العمل الافتراضي».. والآن، جلّ ما ينبغي التركيز عليه هو التأكد من أن الموظفين الموهوبين والموظفين الذين يصنعون فرقاً، يتقلدون أدواراً لا تتجاوز حدود قدراتهم، وطاقاتهم، كي لا يفقدوا زخمهم بعد اجتياز الأزمة.

أداء الموظف

 وأثناء إجراء البحوث لإعداد كتابهما (الوقت، المواهب، الطاقة)، وضع زميلانا مايكل مانكنز وإيريك جارتون، تحديداً كمياً للاختلاف بين أصحاب الأداء المتوسط، والموظفين المتميّزين في عدد من أنواع الأعمال المختلفة. ووجدا أن أفضل المحامين في الشركات يحققون أداءً يفوق المتوسط، بما يعادل 12 ضعفاً، بينما يتفوق أفضل مطوري البرمجيات بتسعة أضعاف على المتوسط ،ويتفوق أداء أفضل جراحي القلب على المتوسط بست مرات. كما وجدا أن أفضل الشركات تستفيد من أفضل الموظفين لديها على الوجه الأمثل، إذ يشغلون 95% من الأدوار الحيوية الأساسية لسير العمل، بينما تخفق الشركات الأخرى في تركيز جهود أفضل موظفيها على أهم أعمالها، فتنيط بموظفيها النجوم جميع الأدوار بالتساوي.

ولا تكون كفاءات المواهب متوازية، فغالباً ما تتفوق أفضل المواهب بأشواط على بقية المواهب من حيث مستوى الكفاءة. ومن البديهي أن تتم الاستعانة بأصحاب الأداء المتميّز ليأخذوا عل عاتقهم المهام الرئيسية، والحرجة. ولكن كم مديراً خائب الظن ما لبث أن اكتشف «موظفين نجوماً» بوسعهم قيادة مبادرات استراتيجية حتى وجد نفسه أمام صعوبة تحرير هؤلاء الموظفين «النجوم» من المناصب الأقل أهمية التي يشغلونها؟

يُظهر الموظفون «النجوم» وفرق العمل التابعة لهم قدراً كبيراً من الحماس، والالتزام بتحقيق النتائج

ويتمثل أحد الحلول الشائعة في الإضاءة على المناصب، أو الأدوار الجديدة كفرصة جيّدة للتقدّم لا تتطلب من الموظفين «النجوم» سوى تخصيص 10% من وقتهم فقط. في البداية، يُظهر الموظفون «النجوم» وفرق العمل التابعة لهم قدراً كبيراً من الحماس، والالتزام بتحقيق النتائج، ما يدفعهم إلى السير بخطى حثيثة على درب التقدّم والنجاح. ولكن مع مرور الوقت، يتباطأ التقدم وتبدأ الطاقة والتركيز بالوهن، فيجد الموظفون «النجوم» أنفسهم أمام أكوام من المهام التي تتطلب جهداً كبيراً لتأديتها ما قد يستنزف كلّ إمكاناتهم.

ما الذي حدث؟

على الشركات أن تسعى بالتوازي إلى تسيير أعمالها، وإحداث التغيير في أعمالها، ولكن عندما يتعلق الأمر بالموارد البشرية، فإن مشاريع النمو التي تنطوي على أهداف ترمي إلى «إحداث التغيير» غالباً ما تُسلب فرصة الحصول على ما تحتاجه من مواهب. فتخصيص عشرة في المائة فقط، من وقت الموظفين النجوم، والذين يتولون أصلاً أدواراً هامة في تسيير الأعمال، ليس كافياً. وعندما تصل الأمور إلى أقصى حدودها، يفرض تسيير الأعمال أولويته دوماً. ولهذا فمن غير المفاجئ أن جهود «إحداث التغيير» نادراً ما تؤتي ثمارها.

4 جوانب 

وتمكنت بعض الشركات من الخروج من هذا النمط من خلال التركيز على أربعة جوانب:

  1. معرفة أهم الأدوار: يجب أن تكون لدى قادة الشركات فكرة واضحة عن المناصب ذات الأهمية الحرجة لسير العمليات («إدارة الأعمال») والابتكار («تغيير الأعمال»)، إن أرادوا وضع الشخص الأفضل في المكان المناسب في كلا الجانبين.
  2. معرفة أفضل المواهب: من هم أفضل الأشخاص في المؤسسة؟ 
  3. معرفة العمل الذي يتولى أمره أفضل الموظفين: ينبغي أن يكون هناك رؤية واضحة لكيفية توزيع الموارد البشرية تماماً كالرؤية المتعلقة بتوزيع الموارد المالية. وسواء توافر نظام متطور لإدارة الموارد البشرية يحتوي على كل الخصائص المتقدمة، أو اقتصر الأمر على جداول بيانات بسيطة، يمكن توزيع رأس المال البشري بطريقة دقيقة، وواضحة، ومُمنهجة. أما في حال غياب تلك الرؤية الشمولية، فلن يكون بمقدور القيادة وضع أفضل الأفراد في المواقع الهامة.
  4. قبول المفاضلة غير السهلة: من النادر أن يكون تخصيص عشرة في المائة من وقت موظف ما كافياً. والأشخاص الموهوبون يحتاجون لخفض وقتهم المخصص لأعمالهم المعتادة، إذا أرادت الشركات إنجاح مبادرات النمو التي يتولون مسؤوليتها.

المنتجات الاستهلاكية 

تمكنت إحدى شركات المنتجات الاستهلاكية من اتباع هذه المنهجية بنجاح، فهي بشكل عام تحافظ على رشاقة وظائفها المركزية، وتؤمن بأن معظم الأعمال يجب أن تتركز في الأسواق المحلية. ولكن عند إطلاق مبادرات الابتكار على مستوى الشركة ككل، أرادت الإدارة استقطاب أصحاب الأداء الأفضل في الأسواق المحلية لقيادة تلك المبادرات. ولاستقطاب هؤلاء الأفراد النجوم، حرص المديرون على أن تكون الخطوة المقبلة لهم، بعد إنجاز عملهم المتعلق بالابتكار، هي العودة إلى عملياتهم المحلية، ولكن بمناصب ذات صلاحيات أكبر. وبعد إطلاق مبادرة ابتكارية بنجاح، يبدأ قادتها بنقل مسؤولية مواصلة نموها إلى السوق المحلية، ما يمكّن القادة من الانتقال إلى مهام أخرى. وقد حققت هذه المنهجية نتائج بارزة، كما حققت الابتكارات التي أطلقت حتى الآن نجاحاً ملموساً، فيما تمكنت الشركة من وضع نموذج محكم قابل للتكرار لاستقطاب أفضل الموهوبين لإدارة المبادرات الهامة، من دون تأخير تطورهم المهني على المدى الطويل.

وفي ظل التغيرات السريعة التي تفرضها جائحة كوفيد-19، شعرت العديد من الشركات بالزخم، وحققت فهماً متجدداً للإمكانات المتاحة لها. فعالم الأعمال يشهد تحديات وفرصاً متواصلة، وتعتمد الاستجابة السريعة والناجحة على استشفاف الموظفين الذين يضيفون القيمة الأكبر والقدرة على إيجاد السبل الملائمة للاستفادة منهم. ويستتبع ذلك المفاضلة لوضع الموظف المناسب في المكان المناسب.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"