هل يعيد بايدن أمريكا إلى الشراكة عبر الهادئ؟

22:49 مساء
قراءة 3 دقائق
جو بايدن

د. عبدالعظيم حنفي 

تقود الصين اتفاقية تجارة آسيا-المحيط الهادئ المعروفة باسم الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة بمنطقة آسيا المحيط الهادئ (RCEP). ويوم 15 نوفمبر/ تشرين الثاني عقد قادة دول في منطقة آسيا المحيط الهادئ قمة على شبكة الإنترنت للدفع قدماً بالمفاوضات للتوقيع على الاتفاقية بحلول نهاية العام الجاري. والدول الخمس عشرة المنخرطة هي: اليابان، والصين، وكوريا الجنوبية، وأستراليا، ونيوزيلندا، والأعضاء العشرة في رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان). إلا أن الهند التي تمثل أحد أكبر اقتصادات المنطقة لم تشارك. وكانت مفاوضات الشراكة بدأت في عام 2012، وانقطعت الهند عن المشاركة في اجتماعاتها منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2019. وقد ذكرت أنها ربما لا تريد أن تكون جزءاً من اتفاقية للتجارة الحرة قد تضر بالقطاعات الصناعية المحلية. أما اليابان فهي ترى الأمور بطريقة مختلفة. فمن شأن اتفاقية كهذه أن تصبح أول اتفاقية شراكة اقتصادية مع الصين التي تعد أكبر شريك تجاري لها. ويعني هذا لبعض المراقبين مؤشراً إلى أن بكين تحاول كتابة القواعد الاقتصادية في المنطقة. وقد قفز حجم التبادل التجاري بين الصين والآسيان خلال العقد الماضي إلى 443.6 مليار دولار.

وكان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في أوائل حكمه عام 2017 قام بتوقيع أمر تنفيذي بالانسحاب من اتفاقية الشراكة عبر الهادي، المعروفة اختصاراً بالحروف «تي بي بي»، التي سبق أن تم التوصل إليها في أكتوبر/ تشرين الأول من عام 2015 في عهد الرئيس أوباما، وكانت مكونة من 12 دولة مطلة على المحيط الهادي، وهي: أستراليا، بروناي، كندا، تشيلي، اليابان، ماليزيا، المكسيك، نيوزيلندا، بيرو، سنغافورة، وفيتنام. 

وهذه الدول يبلغ مجموع عدد سكانها 800 مليون نسمة، وتمثل بالتالي سوقاً هائلة تبلغ نسبتها ربع حجم التجارة الدولية. وروجت لها إدارة أوباما بقوة، لإدراكها أن الكثير من تاريخ القرن الواحد والعشرين سوف يكتب في آسيا. وأن هذه المنطقة سوف تشهد أكبر نمو اقتصادي تحوّلي على وجه الكرة الأرضية. وسوف تصبح معظم مدنها مراكز عالمية للتجارة، والثقافة. فهي اتفاقية لخدمة الاستراتيجية الأمريكية بالأساس. ومن شأنها أن تزيد الفرص التجارية، وأن تجلب فوائد عظيمة على البلدان المشتركة، بل إن تلك الاتفاقية ستغير مسار الاقتصاد على مدى العقود القادمة. لأنه من المتوقع أن يتم إنشاء سوق إقليمية ضخمة تشمل قارتي أمريكا، وآسيا. «وتضع معياراً يضمن أن تكون التجارة حرة ونزيهة في تلك المنطقة الأسرع نمواً، والأكثر اكتظاظاً بالسكان في العالم، ويمكنها أن تحقق فوائد هائلة وتساعد في ضخ المليارات من الدولارات في مجال التجارة، وتوفير الملايين من فرص العمل». 

وسبق للرئيس السابق باراك أوباما أن قال مرات عدة: «إذا لم تتبن الولايات المتحدة تلك القواعد والمعايير الجديدة في تجارة المستقبل، فإن الصين سوف تسبقها إلى ذلك، وهذا لا يصب في مصلحة العمال الأمريكيين». وأنه: «عندما يعيش أكثر من 95 في المئة من زبائننا المهمين خارج حدودنا، لا يمكننا أن نترك المجال لدولة مثل الصين لأن تفرض قوانينها على الاقتصاد العالمي، بل يتحتم علينا أن نضع تلك القوانين بأنفسنا، وأن نفتتح أسواقاً جديدة أمام المنتجات الأمريكية، في الوقت نفسه الذي نفرض فيه معاييرنا العادلة لحماية العمال والحفاظ على البيئة».

وبلغ الناتج الإجمالي المحلي الاسمي للدول ال12 في الشراكة عبر الهادي 26.6 تريليون دولار ليمثل 38.0% من الناتج الإجمالي المحلي في العالم. ويكون ذلك أكثر من الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة (19.9 تريليون دولار التي تقودها الصين ورابطة دول جنوب شرق آسيا،) والاتحاد الأوروبي (17.6 تريليون دولار). ووصل حجم التجارة للدول المشاركة في TPP إلى 10.2 تريليون دولار بأقل قليلاً من الاتحاد الأوروبي (11.7 تريليون دولار)، ولكن يشكل 27.8% من حجم التجارة الإجمالية في العالم. 

* أكاديمي مصري

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

​كاتب مصري - أستاذ للعلوم السياسية والاقتصادية

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"