«جميلة» بيكاسو

00:25 صباحا
قراءة دقيقتين

أثار منشور للروائي الجزائري واسيني الأعرج عن مصير لوحات للفنان الشهير بيكاسو، يُعتقد أنه رسمها في الجزائر، وبقيت فيها، ردود فعل واسعة، في وسائل الإعلام المختلفة، خاصة أن منشور واسيني جاء تحت عنوان متسائل هو: «من سرق لوحات بيكاسو في مَدْرِيسَا؟».
زار بيكاسو، المولود في مدينة مالقا الأندلسية، الجزائر عدة مرات بعضها للاستراحة، لكنه أقام فيها لفترة من الزمن هرباً من ملاحقة الشرطة السرية «الغيستابو» التي استفزتها لوحته الشهيرة «جيرنيكا»، حيث وجد في الجزائر بيئة حاضنة له ليواصل إبداعه بعيداً عن أعين الشرطة، وفيها رسم، في خمسينات القرن الماضي، لوحة شهيرة بعنوان «نساء الجزائر»، اعتبرها النقاد والدارسون رداً على الصورة النمطية الاستشراقية للمرأة في العالم العربي وشمال إفريقيا.
منشور واسيني الأعرج طرح التساؤل عن مصير سبع لوحات تمّ العثور عليها في منطقة مدريسا مؤرخة في 1944، وموقعة من طرف بيكاسو نفسه، وهي السنة التي أقام فيها الفنان الإسباني في تلك المنطقة التي شيّدها معمرو الضواحي الفقراء والإسبان، ويقول الأعرج إنه منذ سبتمبر/ أيلول 2009، تاريخ العثور على اللوحات، لفّ الصمت أمرها، هي التي تقدر أسعارها بملايين الدولارات.
ما زال الموضوع محلّ سجال واسع، ولكن الضجة التي أثارتها هذه المسألة لفتت الأنظار مجدداً لا فقط إلى زيارات بيكاسو للجزائر وإقامته فيها، وإنما أيضاً إلى اللوحات التي رسمها عنها، وبينها لوحة «نساء الجزائر» المشار إليها أعلاه.
ولكن هناك لوحة أخرى رسمها بيكاسو تتصل بالتاريخ الوطني للجزائر، ولدور المرأة الجزائرية في النضال ضد المستعمر الفرنسي، هي تلك التي رسمها عن المناضلة الجزائرية جميلة بوباشا التي حكم عليها بالإعدام، وساهم في تدويل قضيتها، رفقة مثقفين كثيرين، منهم سيمون دي بوفار، وجيزل حليمي، والشاعر لويس أراجون، ضد حكم الإعدام الذي صدر بحقها، وهو الحكم الذي نجحت حملة التضامن الأممية الواسعة معها في إسقاطه.
ولدت جميلة بوباشا في 1938 في الجزائر العاصمة، وكانت في نحو العشرين من عمرها حين انخرطت في صفوف جبهة التحرير الوطني والمقاومة الجزائرية، ومارست العمل الفدائي ضد المستعمرين إلى أن تمّ توقيفها في فبراير/ شباط 1960 أثناء محاولة تنفيذها عملية فدائية، وظلت صامدة على موقفها رغم التعذيب الوحشي الذي تعرضت له.
أعجب بيكاسو بشجاعة وصمود جميلة بوباشا، وتعبيراً عن تضامنه مع قضيتها، قام برسم بورتريه شهير لها، حواه كتاب أصدرته عنها المحامية جيزيل حليمي والكاتبة سيمون دي بوفوار سنة 1962.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب من البحرين من مواليد 1956 عمل في دائرة الثقافية بالشارقة، وهيئة البحرين للثقافة والتراث الوطني. وشغل منصب مدير تحرير عدد من الدوريات الثقافية بينها "الرافد" و"البحرين الثقافية". وأصدر عدة مؤلفات منها: "ترميم الذاكرة" و"خارج السرب" و"الكتابة بحبر أسود".

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"