«5 جي» ليست علاجاً سحرياً

أعلنت الحكومة الإسبانية أن خطتها للتعافي ستعطي الأولوية لرقمنة المدن والشركات والبيئة الريفية حيث تتطلع إلى إصلاح اقتصاد البلاد في أعقاب الوباء. وبهذه الروح، ستهدف صناديق التعافي الأوروبية الأخرى إلى مواجهة تحديات تحسين الرقمنة.
وهناك جدول أعمال مشترك في جميع أنحاء القارة يدعو إلى محاربة هجرة السكان، والانتقال إلى قطاع طاقة أنظف، وتحديث الأعمال التجارية ومواصلة الابتكار في قطاع التكنولوجيا.
لا يمكن إنكار أن التكنولوجيا تلعب دوراً رئيسياً في إدارة أزمة مثل جائحة «كورونا» اليوم، ويمكن أن تسهم في الانتعاش الاقتصادي. فهناك أجهزة أكثر ذكاءً في السوق أكثر من أي وقت مضى، وتطبيقات لربط الأشخاص وتتبعهم، والخدمات السحابية، وحلول الذكاء الاصطناعي والقائمة تطول.
لكن الحقيقة هي أن التطبيق العملي لكل ذلك لا يتماشى مع الاحتياجات الحالية للسكان والشركات، الذين يحتاجون جميعاً الآن إلى تحسين قدرتهم التنافسية ليس للمضي قدماً، بل لمجرد البقاء.
الأتمتة ليست هي الهدف، بل يجب أن تكون وسيلة لتحقيق الإنسانية. علينا ألا ننسى أن الهدف النهائي هو تحسين حياة الناس.
وفي حال تم استثمار الأموال العامة في شبكات الجيل الخامس فقط، فسنجد أنفسنا مرة أخرى على اتصال جيد ولكن من دون تواصل. نعم، الاستثمار في شبكات «5 جي» ضروري، لكن لا ينبغي أن يذهب بمفرده.
يجب على هذا الاستثمار العام أن يأخذ في الاعتبار نشر المعدات اللازمة للرقمنة التي ليست مجرد هواتف محمولة وأجهزة كمبيوتر. ستوفر شبكات الاستشعار البيانات التي سيتم تحويلها لاحقاً إلى معلومات مفيدة لاتخاذ القرار.
على سبيل المثال، يتضمن تحسين نشاط المحاصيل الزراعية والثروة الحيوانية لتعزيز تنمية الاقتصاد المحلي ربط هذه المناطق من خلال أجهزة الاستشعار بالإنترنت، من بين أمور أخرى. ومن هنا جاء اسم «إنترنت الأشياء». لقد ركزنا على الإنترنت لكننا نسينا الأشياء التي يجب توصيلها في المقام الأول. يمكن تطبيق هذا النموذج على أي قطاع كان، بدءاً من المصانع وحتى أنظمة المرور المتصلة التي تدعم نماذج المدن الذكية.
«الرقمنة» ليست زراً يتم تشغيله كيفما اتفق وفجأة يعمل كل شيء. «الرقمنة» تتطلب عملية تدريب واستشارات ومشروع يتبلور من خلال الاستثمار العام وتضافر الجهود. ولن تنمو أي صناعة أو مدينة لمجرد وصول الـ «5 جي».
تقنية الـ «5 جي» ليست الحل، بل هي جزء منه. صحيح أنها العنصر الأكثر شيوعاً في سلسلة ستعزز مستقبلنا المتصل، ولكن من المهم أن نتذكر أنها تظل حلقة واحدة فقط، أما بقية السلسلة فمتنوعة للغاية وتتطلب تنسيق الجهود بتشجيع من التمويل الحكومي. وهذا يعني تمويل حزم الاتصال الكاملة، وليس الشبكات فقط.
* آي أو تي نيوز