عادي
وزارة الثقافة تصدر أول تقرير أكاديمي عن حال لغة الضاد

237مليون مستخدم على الإنترنت.. و17 مليون تغريدة بالعربية يومياً

14:55 مساء
قراءة 7 دقائق
وزارة الثقافة تصدر أول تقرير أكاديمي عن حال لغة الضاد
وزارة الثقافة تصدر أول تقرير أكاديمي عن حال لغة الضاد
وزارة الثقافة تصدر أول تقرير أكاديمي عن حال لغة الضاد


أبوظبي: نجاة الفارس
أطلقت وزارة الثقافة والشباب تقرير «حالة اللغة العربية ومستقبلها»؛ أول تقرير أكاديمي يرصد حالة اللغة العربية في عدة محاور ضمن فعاليات اليوم العالمي للغة العربية، وشارك فيه 18 جامعة حول العالم، و65 مؤسسة، و10 مجامع لغوية. وجاء إعداد التقرير بناء على توجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، ليكون أساساً ودراسةً موسعة لمقاربة تحديات اللغة العربية بطريقة علمية تساعد على تطوير أساليب استخدامها وتعليمها وتمكينها كوسيلة للتواصل واكتساب المعرفة.
وأظهر التقرير نمو منصات النشر الرقمية باللغة العربية؛ حيث وصلت عدد الروايات المنشورة في إحدى المنصات إلى 2600 رواية، فيما وصل عدد المشاهدات لبعض الروايات إلى 10 ملايين مشاهدة. وأكد التقرير أن اللغة العربية من بين اللغات الأكثر استخداماً على شبكة الإنترنت؛ حيث وصل العدد التقريبي لمستخدمي العربية على الإنترنت إلى 237 مليون مستخدم، و17 مليون تغريدة باللغة العربية يومياً، و72% من التغريدات في الوطن العربي باللغة العربية.
وأشار التقرير إلى إقبال كبير من المتعلمين غير الناطقين بالعربية على تعلمها؛ إذ تشير الأرقام أن 31500 طالب جامعي في الولايات المتحدة درسوا اللغة العربية، واحتلت اللغة العربية المركز الثالث بين أكثر اللغات انتشاراً في مراحل التعليم العالي، كما أن هناك 60 جامعة درّست اللغة العربية في المملكة المتحدة، و46 جامعة درّست اللغة العربية في الصين.
وعن التوصيات والخطط المستقبلية للغة العربية، أشار التقرير إلى ضرورة، رفع مستوى جودة المنتج العلمي العربي، وإنشاء مرصد للكتاب هدفه متابعة حركة النشر العربي، وإنشاء مركز أبحاث لتعليم اللغة العربية وتعلمها، وزيادة مستوى الاستثمار في المشاريع الخاصة باللغة العربية والتكنولوجيا، وإقرار ميثاق إعلامي عربي مشترك يعنى باللغة العربية في الإعلام، وإيجاد مؤسسة عربية علمية موحدة مرجعية توحد جهود الترجمة وتنسقها وتضبط المصطلحات المعرفية، وإقامة مرجعية دولية للغة العربية تعزز حضور اللغة والثقافة العربية في العوالم الجديدة، وتغير المقاربات المتبعة في تدريس اللغة العربية في المدارس.
**إيمان راسخ
وأكدت نورة بنت محمد الكعبي وزيرة الثقافة والشباب، أن التقرير يشكل قاعدة أساسية ونقطة مرجعية؛ لمساعدة صنّاع القرار في الحكومات والمؤسسات الخاصة على مستوى المنطقة والعالم، في كل ما يخص اللغة العربية، وهذا التقرير سيكون اللبنة الأولى في إطار مشروع دائم لدراسة حالة اللغة العربية والعمل على تعزيز حضورها واستخدامها بأشكالها المتنوعة.
وأشارت الكعبي إلى أن المحاور العشرة للتقرير ركزت على أهم القضايا الأساسية التي تهم صنّاع القرار العاملين في قطاع اللغة العربية، واخترنا أن يتضمن التقرير إضافة إلى العمل البحثي، مقالات رأي من مختلف الفاعلين في القطاع من مختلف أنحاء العالم، إضافة إلى دراسة حالة مختارة ضمن مختلف المحاور.
وأوضحت الكعبي: إن هذا العمل هو جزء من التزام الإمارات بهويتها الثقافية وبدورها كمساهم فاعل في الهوية الثقافية لمنطقتنا.

وحول أهم المخرجات والتوصيات قالت نورة الكعبي: «رصد التقرير إيماناً راسخاً لدى شرائح واسعة من الشباب الجامعيين في العالم العربي بأن العربية هي أساس هويتهم الوطنية والعربيّة والدينية، وبأنّها ضروريّة في حياتهم، وبأنّ لديهم رغبة في استخدامها بشكل أكبر في حياتهم وفي تعليمها لأولادهم، ممّا ينمّ عن عمق العلاقة بين هؤلاء الشباب ولغتهم. كما أظهر ارتفاعاً ملحوظاً في أعداد متعلّمي العربية من غير الناطقين بها في بلدان متعدّدة استطاعوا بلوغ مستويات عالية من الكفاءة في اللغة العربية أتاحت لبعضهم فرص الانخراط في ميدان تدريس العربية كلغة أجنبية، ما يثبت أنّ تعلّم العربية ممكن وفي متناول كل من يمتلك الحافز للتعلّم».
وأشارت إلى أنه تم تحقيق قفزات نوعية في عدد من الفضاءات التكنولوجية تمثلت في التقدم الذي حققته لغات البرمجة العربية، وظهور الكثير من التطبيقات باللغة العربية، وتمكّن العربيّة من شقّ طريق لها إلى كثير من تطبيقات الذكاء الاصطناعي.
**ركيزة حضارية
وقالت أودري أزولاي المديرة العامّة لمنظّمة الأمم المتّحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونيسكو) في كلمتها بالتقرير:
 اللغة العربيّة واحدة من أكثر لغات العالم انتشاراً، وهي لسان ما يربو على 422 مليون نسمة، وبها يتواصلون ويتفاعلون، كما أنّها لغة دين الإسلام الذي يعتنقه ما يربو على المليار ونصف المليار إنسان، وبها يمارسون عباداتهم، والعربيّة ركيزة من ركائز الحضارة الإنسانيّة، وهي لغة الابتكار والاستكشاف في مجالات العلوم والطبّ والفلك والرياضيّات والفلسفة والتأريخ، على مرّ العصور، وكانت ولا تزال جسراً للمعرفة، عبر الزمان والمكان، وأسهمت عبر القرون، مع بقيّة ثقافات العالم، في تراكم إرث الإنسانيّة.
وأشارت إلى أن التقرير ينبّهنا لحاجتنا إلى جمع مزيد من البيانات حول الموضوعات المتعلّقة باللغات، بما يكفل المحافظة عليها وصونها واستمراريّتها ويعزّز حضورها الهامّ، وهي مهمّة تزداد إلحاحاً في عالمنا الرقميّ الراهن؛ حيث يمكن لتطبيقات الذكاء الاصطناعيّ والتكنولوجيا الإسهام بدورها مع لغات العالم في نشر المعرفة ونقلها وإتاحتها.
وشكرت المديرة العامة لليونيسكو دولة الإمارات على نشر هذا التقرير، الذي يجسّد تعاونها الكبير مع منظّمة اليونيسكو في هذا المجال والتزامها نحو الارتقاء بدور ومكانة اللغة العربيّة؛ الأمر الذي انعكس على قرار اليونيسكو بتسمية مدينة الشارقة عاصمة عالميّة للكتاب في عام 2019؛ تقديراً لجهودها في نشر وتشجيع ثقافة القراءة.
وأضافت: إنّني أرى اللغة العربيّة اليوم مثل بوّابة عبور إلى تراث ثقافيّ غاية في الثراء والتنوّع، وأجد فيها مقدَّرات هائلة نحو توطيد أواصر التعاون بين الشعوب وتحقيق السلم فيما بينها؛ لذلك ارتأت منظّمة الأمم المتّحدة، في عام 1973، أن تكون اللغة العربيّة واحدة من لغاتها الرسميّة المعتمدة، ولسوف تواصل اليونيسكو جهودها في حسن استغلال إمكانات هذه اللغة لتكون حلقة وصل وجسراً نحو تحقيق مبادئ الكرامة والنزاهة والتحرُّر والمساواة بين المرأة والرجل، وما هذا التقرير إلا لبنة قويّة متينة في بناء تلك المساعي المحمودة.
**تشريف وتكليف
وقال الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة في المملكة العربيّة السعوديّة في كلمته بمقدمة التقرير: «حظيت اللغة العربيّة باهتمام كبير من خادم الحرمين الشريفين في جميع خطبه وخطاباته وكلماته وتوجيهاته؛ حيث يؤكّد أنَّ خدمة اللغة تشريف وتكليف لإنسان هذا المكان، ويوجِّه دائماً بالاهتمام بها، في تجسيد كريم لاهتمام المملكة العربيّة السعوديّة وصلتها العميقة باللغة العربيّة؛ حيث أنزلتها منزلة كبرى في جميع أنظمتها ولوائحها، بدءاً من النظام الأساسيّ للحكم، مروراً بأنظمة القضاء والثقافة والتعليم والإعلام وغيرها، إلى أن تجلَّت في رؤية 2030 التي أطلقها وليّ العهد صاحب السموّ الملكيّ الأمير محمد بن سلمان - وللّغة العربيّة مكانة كبرى في وجدان العرب والمسلمين؛ وذلك بالنظر إلى العامل التاريخيّ والثقافيّ والجغرافيّ، حيث يجد العرب فيها تاريخهم الثقافيّ العميق».
**تشكيل الوعي
من جهتها، قالت الشيخة مي بنت محمد آل خليفة رئيسة هيئة البحرين للثقافة والآثار في كلمتها بالتقرير: «اللغة أيضاً، أمٌّ. غير أنّها أمّ للكامن فينا من تشكّل هذا العالم والوعي به، لسيرة الأشياء التي تصعد بداخلنا سيرة حياة نسمّيها (نحن). واللغة هويّة، هويّة الوطن الذي إليه ننتمي، الثقافات التي نصنع، والمعنى الذي هو مقصد تشكّل اللغة لصناعة الطريق إليه. لذا، فاللغة حافظة الهويّة، وحضنها الأوّل، إنّها الكلمة الأولى التي نستيقظ عليها في هذا العالم، في هذه الجهة من الأوطان تحديداً، ولأجلها يتحسّس القلب ويشعر، ولذا فإنّ أوّل ما تقوله الأمّ لطفلها: أمٌّ أيضاً، ولربّما ضمن وقع العالم وإيقاعه، الذي أوجد لغات تواصل عدّة لا حصر لها، وفي عالم فرضت فيه حركة العولمة والتطوّرات التكنولوجيّة والمعرفيّة استخدام عددٍ محدودٍ من اللغات، لا بُدّ لنا من الاستناد إلى جذر اللغة التي إليها ننتمي؛ اللغة الأمّ: اللغة العربيّة.
وأضافت الشيخة مي بنت محمد آل خليفة:
هذه اللغة التي أبهر جمال بيانها وإتقان نظمها وإبداع خطّها كلَّ من اطّلع عليها، فالعربيّة لم تكن يوماً مجرّد أداة تواصلٍ ما بين مجتمعاتنا العربيّة فقط؛ بل رسّخت على مدى القرون في وجدان الإنسان العربيّ وعبّرت عن هويّته الثقافيّة، وأصبحت علامة فارقة تميّزه عن غيره من شعوب الأرض، حتّى صارت وسيلته للتعرّف إلى الآخر وإطلاعه على ما يمتلكه من مكتسبات حضاريّة واستخدامها خلال رحلة بحثه وتقصّيه عمّا يشكّل هويّته والعالم من حوله، ولأجل ما تؤمن به الأوطان من أهمّيّة اللغة في صياغة مضمون حضاريّ، وإيداع التاريخ الإنسانيّ صنائعها وحصائلها، فإنّنا نجد أنّ عالمنا العربيّ اليوم يواصل اشتغالاته رسميّاً وأهليّاً ومدنيّاً من أجل إحياء اللغة العربيّة، واستدامتها لدى أبنائها وأجيالها، كي تكون أداةً يستعيد بها العربيّ دوره ومكانته في إثراء الحراك الثقافيّ العالميّ، وقد تمكّنت جهود الدول العربيّة من نيل الاعتراف العالميّ بمكانة هذه اللغة فأصبحت لغة رسميّة لمنظّمة الأمم المتّحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو)، ومن بعدها أقرّت المنظّمة عام 2012 اليوم العالميّ للّغة العربيّة.

**خلفية
كانت وزارة الثقافة والشباب قد تبنت مشروع تقرير حالة اللغة العربية ومستقبلها وشكّلت فريقاً بحثياً يضم باحثين وخبراء من جامعات عربية مختلفة بدأوا عمليات البحث والاستقصاء وجمع البيانات ضمن المحاور العشرة التي تضمنها التقرير.
وجاء تبني الوزارة للعمل على التقرير بعد توجيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، في 18 ديسمبر/ كانون الأول 2018، بالعمل على إطلاق تقرير «حالة ومستقبل اللغة العربية»، ليكون أساساً ودراسةً موسعة لمقاربة تحديات اللغة العربية بطريقة علمية تساعد على تطوير أساليب استخدامها وتعليمها وتمكينها كوسيلة للتواصل واكتساب المعرفة.
وشارك في التقرير أكثر من 75 شخصية تضمنت الفريق البحثي بقيادة الدكتور محمود البطل، أستاذ اللغة العربية في الجامعة الأمريكية في بيروت، إضافة إلى باحثين وأساتذة جامعات من أنحاء العالم، وقادة مؤسسات إعلامية وتقنية محلية وعالمية.
 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"