عادي

الإمارات مستعدة لمواجهة أي أخطار صحية مستقبلية

23:27 مساء
الصورة
1

تحقيق: إيمان عبدالله آل علي

شبح فيروس كورونا مازال يخيم علينا، ويأمل العالم بأسره غياب الفيروس عن عالمنا قريباً، لنعيش الحياة التي اعتدناها، ولكن مؤخراً أطل علينا بشكل مختلف، بعد أن تمحور الفيروس بطريقة ما، ليرعب العالم من جديد، وتتوقف الحياة من جديد في عدد من مدن العالم، فهل أنظمتنا الصحية على استعداد لفيروس أشد شراسة من الذي قبله؟

طرحنا العديد من التساؤلات في هذا التحقيق على المعنيين، هل فيروس كوفيد19 مجرد البداية؟ وهل الأنظمة الصحية الحكومية بالدولة مستعدة لأزمات صحية وأوبئة أخرى مستقبلاً؟ وكيف تستعد المستشفيات الخاصة لأوبئة صحية؟ وهل تخصص ميزانيات لذلك؟.

أكدت وزارة الصحة ووقاية المجتمع، أن الموازنة الجديدة لعام 2021 التي أقرها مجلس الوزراء، وتقدر الميزانية المخصصة للرعاية الصحية عام ٢٠٢١ للرعاية الصحية ب ٤٠٩٧ مليار درهم، أضيف إليها لأول مرة بند جديد، حيث خصصت ميزانية منفصلة للتعامل بكفاءة مع كوفيد-19، للاستمرار بتقديم المبادرات الوطنية المتواصلة في مكافحة فيروس «كورونا المستجد»، وتنفيذ الخطط الوطنية المتكاملة للتعامل مع «كورونا»، خاصة أن الوزارة لديها منظومة وقائية شاملة، وجاهزية للتعامل مع هذا التحدي بكل جدية وكفاءة، وأنفقت ما يزيد على مليار و400 مليون درهم تقريباً من ميزانية 2020 لمواجهة كورونا، وأوجه هذا الإنفاق تتمثل في: الأدوية والعقاقير والمستشفيات الميدانية، وتوظيف كادر طبي، وتجهيز بعض المستشفيات لتصبح ملائمة للتعامل مع «كوفيد-19»، وتجهيز مراكز الفحص من السيارة.

وأكد الدكتور حسين الرند وكيل وزارة الصحة ووقاية المجتمع المساعد للمراكز والعيادات رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة الجائحات، أن الإجراءات التي اتخذتها دولة الإمارات منذ بداية ظهور فيروس كورونا المستجد- كوفيد 19 مبنية على الاستعداد الجيد للأزمات والطوارئ، والتجهيزات والخطط والاستراتيجيات التي وضعتها الدولة للتعامل مع جائحة كورونا كانت جديرة بالتقدير، وجعلت الدولة قادرة على مواجهة هذا الوباء، وستكون قادرة على التحديات الجديدة.

وقال الرند: الإمارات وضعت خططاً استباقية للتعامل مع الجائحات، وتمتلك نظاماً متكاملاً للتعاطي مع الأوبئة، والقطاع الصحي سارع في اتخاذ جميع التدابير اللازمة، حيث تم توفير المستلزمات الطبية والوقائية بجانب الكوادر الطبية ذات الكفاءة العالية، وتوزيع الدليل الطبي على المنشآت الصحية الحكومية والخاصة، والتحديث مستمر في القرارات والإجراءات.

وأكدت هيئة الصحة بدبي أن قوة الإمارات في التصدي لجائحة كوفيد-19، مستمدة من الرعاية الكريمة التي توليها قيادتنا الرشيدة للناس، وصحتهم وسلامتهم، حيث تمتلك بنية تحتية وتقنية قوية تعزز قطاعها الصحي الأكثر تطوراً في العالم والذي تديره مجموعة من السياسات والبروتوكولات عالية المستوى، وتقوم عليها كفاءات وخبرات طبية مميزة.

وشددت على أن هناك العديد من الدروس المستفادة من جائحة كوفيد-19، منها: أن تكون دائماً مستعداً، إلى جانب الانفتاح والتعاون العلمي والبحثي وتبادل الخبرات والتجارب، وأهمية إنشاء معاهد متخصصة للصحة العامة وطب الأسرة في الدول العربية، وتوفير شبكات رصد قوية للوبائيات والأمراض المعدية، وإدراج مواجهة الجوائح ضمن أجندة التنمية المستدامة للدول العربية.

بنية متقدمة

قال شريف بشارة، الرئيس التنفيذي للمستشفى الأمريكي في دبي: «إن الإمارات أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك أنها تتمتع ببنية تحتية صحية متقدمة تفوق مثيلاتها في دول العالم، ولذلك نجحت في الحد من تداعيات انتشار فيروس كورونا المستجد».

وأضاف: «تعامل الدولة من خلال الجهات الصحية والمعنية مع الجائحة كان ولايزال مثالاً يحتذى، حيث استطاعت الدولة السيطرة على انتشار المرض عن طريق تقليل معدلات وأعداد الإصابات وخفض معدل الوفيات، وتقليل الحالات المحتاجة الى العناية المركزة أو الفائقة».

وأشار الى أن العالم يتعرض كل فترة من الزمن الى انتشار وباء معين، قد يكون جديداً يظهر لأول مرة، وقد يكون إعادة ظهور وانتشار لفيروس معروف سابقاً، وبالتالي فإمكانية ظهور أوبئة جديدة وارد، لكن قد يكون ذلك بعد فترة زمنية ليست بالقليلة.

وأكد شريف بشارة، أن هناك عمليات تطوير مستمرة لنظام الرعاية الصحية في الدولة مما سيجعلها مستعدة دائماً للتصدي للأخطار الصحية المستقبلية ولا ننسى الوعي الصحي الذي راهنت عليه الهيئات الصحية عند أبناء المجتمع فكانوا عند حسن ظن القيادة بهم وأبدوا مسؤولية كبيرة.

وأكد أن الإمارات أثبتت أن التصدي للمشكلات الصحية الطارئة يعتمد بالدرجة الأولى على نظام رعاية صحية متقدم وعلى الوعي المجتمعي والتحلي بالمسؤولية.

وقال: «القطاع الصحي الخاص في دولة الامارات بصفة عامة وفي دبي بصفة خاصة يتمتع بإمكانيات وقدرات كبيرة جداً، تؤهله لمواجهة أي تحديات تواجه منظومة الرعاية الصحية بالدولة، والدليل على ذلك، جائحة كورونا التي لعب القطاع الصحي الخاص دورا بارزا في تجاوزها والتقليل من آثارها».

وأضاف: أيضاً من المهم أن يظل القطاع الصحي الخاص في حالة تطوير وتحديث لمواكبة المتغيرات والتحديات الصحية العالمية، ومن هنا تظهر أهمية العمل المستمر على الاستعداد للمستقبل لمواجهة أي جائحة باستخدام أحدث تقنيات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي وتعزيز دور البحث العلمي.

وأكد بشارة، أن التعاون والشراكة الحقيقية بين القطاع العام والقطاع الخاص لعبا دوراً أساسياً في رفع مستوى الخدمات الصحية المقدمة لمواطني ومقيمي دولة الإمارات العربية المتحدة، وكان هذا التعاون جلياً خلال مواجهة جائحة كورونا من خلال تبادل المعلومات والخبرات في تخفيف النتائج السلبية لهذه الجائحة.

وقال «العمل في الرعاية الصحية يستلزم منك الاستعداد الدائم للتعامل مع أي متغير أو ظرف طارئ، ويكون التعامل شاملاً سواء مادياً أو مهنياً أو إدارياً، ونحن نضع خططاً طويلة المدى واستراتيجيات لسنوات ممتدة، لاستشراف المستقبل، وهو ما يجعلنا مستعدين بنسبة كبيرة لتفادي التحديات».

وشدد على أن تخصيص ميزانيات ليس هو القضية الوحيدة أو الأهم في التعامل مع التحديات الصحية، مؤكداً أن الأمر أشمل وأعم ويستلزم الكثير من الأمور التي يجب توفيرها للنجاح في التعامل مع أي مستجدات قد تؤثر في صحة المجتمع.

وقال د.مازن صواف (د ماكس) مؤسس ومدير مستشفيات ومراكز نوفومد الطبية: لا أتوقع أن تتم السيطرة على وباء كوفيد 19 حول العالم حتى نهاية ٢٠٢١ وخاصة في البلاد ذات الجو البارد ولكن ستتم السيطرة أسرع في الدول التي تتبع السياسة الصحية المتطورة كدولة الإمارات، والتباعد الاجتماعي والأقنعة المتطورة قد تصبح جزءاً من حياتنا لفترات طويلة لأن الفيروس قادر على تطوير نفسه وتغيير تركيبته الوراثية وبالتالي سنحتاج لتعديل وتطوير اللقاحات لنواكب هذا التطور، وفعلياً قامت الإمارات باستثمار المليارات في رفع الوعي الصحي في المجتمع وجعله مسؤولية مشتركة بين المواطن والدولة، كما استثمرت في أنظمة التعقب الذكية والمستشفيات الميدانية وصناعات الأقنعة والوقاية الشخصية ومواد التنظيف والتعقيم. كما استثمرت عدة شركات تابعة للدولة وأخرى خاصة ورجال أعمال إماراتيون وأجانب في شركتي صناعة اللقاح الرائدة في الصين وكذلك بروسيا، وهذا بدوره انعكس إيجابياً على الدولة من الناحية الاقتصادية، وخلق فرص عمل جديدة، إضافة إلى إمكانية توفر اللقاح في الدولة قبل باقي الدول.

وأضاف: اللقاح الأمريكي من شركة فايزر ولقاحات كثيرة مشابهة تتطلب نقلاً جوياً وتخزيناً بدرجة سبعين تحت الصفر، لذلك قامت شركة طيران الإمارات والاتحاد بتحويل قسم كبير من أسطولها الجوي الى شحن متخصص بالشحن المبرد وكذلك استثمرت في مستودعات مجمدة (فريزر) تعتبر الأكبر في العالم لتصبح بذلك قادرة على لعب دور الناقل الأول في العالم للقاحات بحكم أسطولها الكبير وموقعها الاستراتيجي. وهنالك حسب الإحصائيات تخمة كبيرة في عدد الأطباء وعدد المستشفيات الخاصة في الإمارات والنجاح سيكون حليف المؤسسات ذات الإدارة المميزة القادرة على جذب الأطباء وإرضاء المرضى الذين أصبحوا أكثر وعياً واعتادوا على الخدمات المميزة وعدم الانتظار، وهنالك تركيز وتحفيز لإدارة أغلب المستشفيات بعد الجائحة على زيادة الواردات أو حجم العمل بدون أي اعتبار لحجم المديونية وللأرباح الصافية، وهذا أمر مؤقت وغير مستدام. وأخيراً فإن القوانين الجديدة التي استحدثتها الدولة بشأن تشجيع الاستثمار الاجنبي، وإعفاء الكثير من القطاعات بما فيها المستشفيات والعيادات من شرط وجود كفيل، وإعطاء الإقامات الدائمة وتحديث قانون الإفلاس، من شأنها أن تجذب أصحاب المهن الطبية للاستثمار والإقامة بشكل دائم، مما يرفع من مستوى الخدمات الطبية وخاصة أثناء الجوائح والكوارث الطبيعية كالزلازل والأعاصير او التسونامي، أو غير الطبيعية كالحروب العسكرية التقليدية والنووية والبيولوجية.

وأكد الدكتور محمد مكي شلال، ممارس عام ومدير قسم الطوارئ في المستشفى الكندي التخصصي أن ظهور الأوبئة بشكل عام وإذا ما نظرنا إلى التاريخ القديم والحديث، فإنها تحدث في فترات متباعدة زمنياً قد تمتد لمدة 100 إلى 200 عام تقريباً. وبشكل عام، الفيروسات تتحور وتتغير مع مرور الزمن، وهذا ما يجعل احتمال ظهور أوبئة جديدة قائماً دوماً.

وقال إن الأنظمة الصحية بالدولة مستعدة تماماً، وخير دليل على ذلك أن ظهور فيروس كوفيد 19 كان مفاجئاً، وأدى إلى تدمير الأنظمة الصحية في أكثر الدول تقدماً، لكن في الإمارات تمت السيطرة الكاملة على الوباء وتحسن الظروف الصحية بشكل تدريجي، ونحن حالياً بمرحلة التعافي من الوباء، والمستشفيات الخاصة هي جزء لا يتجزأ من النظام الصحي الحكومي الشامل للدولة.

موقع متميز لمواجهة الأزمات

قال الدكتور ديباك دوبي، أخصائي الطب الباطني، المستشفى الدولي الحديث دبي: كوفيد 19 هو أحد الأوبئة التي واجهها العالم مؤخراً. بالطبع يمكن أن يكون هناك المزيد من هذه المخاطر في المستقبل، ومع ذلك، يمكننا أن نكافحها بنجاح من خلال التحضير المدروس و المسبق المناسب إضافة الى الوعي الصحي، وقامت دولة الإمارات بعمل رائع في معركتها ضد كورونا، من خلال الاختبارات المكثفة والرعاية الطبية المناسبة، فانخفض عدد الحالات الإيجابية تدريجياً وأصبح معدل الوفيات منخفضاً مقارنة بالدول الأخرى. ويضع النهج الاستباقي لوزارة الصحة وخدمة الرعاية الصحية والبنية التحتية في موقع متميز لمواجهة أي أزمة صحية وغيرها من الأوبئة، إذا ظهرت في المستقبل.

وأكد أنه يمكن للمستشفيات الخاصة تجهيز مناطق عزل محددة لاستيعاب وعزل الناس، ويجب أن يكون لديهم عدد كافٍ من العاملين الطبيين والمتطوعين ليحلوا محل الطاقم الطبي خلال فترة الأزمات، وتعد إدارة الميزانية ضرورية لإدارة الكوارث والتعامل مع الأزمات مثل كوفيد١٩.