عام الإنجاز والأمل

01:25 صباحا
قراءة 3 دقائق

د. عبدالله السويجي

رغم أن انتهاء عام، والدخول إلى عام جديد، هو مجرد تغيير في التقويم، وقلب أوراق في الروزنامة، إلا أن اللحظة الفاصلة تشكّل زمناً مهماً على الصعيد الفردي والجماعي، يبني عليها الفرد آمالاً كثيرة، إذا ما قرّر وضع خطة جديدة لحياته. وتبني عليها الدول برامج واستراتيجيات جديدة، إذا ما أرادت مواصلة البناء، وفي الحالتين هي لحظة استعادة الأنفاس التي تنطوي على وقفة تأملية تُمارس فيها عمليات النقد والنقد الذاتي، بحيث تكون المكاشفة والشفافية ضروريتين لتقييم ما مضى والاستعداد لما سيأتي. هكذا يفعل الجديرون بالحياة الذين يقيمون وزناً لإدارة الأزمات، ولا يتركون أنفسهم للاحتمالات والانفعالات الوقتية وردود الأفعال اللحظوية.

لا شك أن العام 2020 كان ثقيلاً بكل ما تحمله الكلمة من معنى، على الأفراد والدول، حمل معه أحداثاً جساماً كان للإنسان يد فيها، وأحداثاً أخرى من فعل الطبيعة، إذا ما اعتبرنا أن كل الأوبئة هي من صنع الطبيعة، والإنسان بريء منها، وسنضع هنا نظرية المؤامرة جانباً، لكيلا ندخل في متاهات توجيه الاتهام لأحد، في ظل عدم وجود أدلة ملموسة تدين طرفاً محدّداً. وما يهمنا هنا، في ظل مراجعة الذات، تسليط الضوء على الكيفية التي أدارت فيها دولة الإمارات الأزمات، وكيف استندت على التخطيط المحكم والتنفيذ المتقن للاستراتيجيات، وعلى الجهود المخلصة التي بُذلت في هذا الشأن.

   لقد ألقى فيروس كورونا على العام حضوره وجبروته، وكان من الطبيعي أن يُقابل بجبروت أكثر لمواجهته، من خلال تطبيق السياسات الصحية، رعايةً وعلاجاً، إضافة إلى جهود البحث عن حلول. وقد استطاعت الإمارات منذ اليوم الأول التعامل بجدية مع الفيروس على جبهتين مهمتين، الأولى، الاعتراف بحقيقة وجود فيروس خطير، والثانية، جبهة الاحتياطات والإجراءات، وشملت الأخيرة دوراً اقتصادياً وصحياً وتنظيمياً ونفسياً، ساهم في طمأنة المواطنين والمقيمين، وقد زاد من نسبة الارتياح، المبادرات التي أطلقها الهلال الأحمر، والخاصة بتكفّل أسر من قضوا بالوباء. وقد لاقت هذه الإجراءات استحساناً عالمياً، وتم تصنيف الإمارات من بين الدول الأولى التي استطاعت التعامل مع الوباء بقدرة واقتدار.

يعني أن استراتيجية التعامل مع المخاطر التي تتبعها الدولة للتعامل مع الأزمات كانت ناجحة، بدأت بالاعتراف بوجود مشكلة، ثم الشروع في احتوائها ومواجهتها، وهذه الاستراتيجية تشكل العمود الفقري والقاعدة الذهبية لتجنّب المفاجأة، وترتبط أيضاً بالرؤى ذات الصلة بالتخطيط للمستقبل، فكل حادثة في الحاضر تلقي بظلالها على الخطط المستقبلية، فتؤخذ الدروس منها، وتُحسب من ضمن التجارب والخبرات في إدارة الأزمات وتسيير الحياة.

   لا شك أن أحداثاً أخرى واكبت التعامل مع فيروس كورونا، بعضها سياسي إقليمي وعالمي، وبعضها اقتصادي محلي وإقليمي، فكان لا بد من التعاطي الحذر مع الملفات، لوجود خيوط رفيعة تربط بينها، لكن الإمارات استطاعات إدارة المحاور والملفات بجدارة.

  هنالك دور مهم لعنصر رئيسي في مفردات إدارة الأزمات وهو الإنسان، بوصفه الأداة والهدف، فمن دون وعيه والتزامه وانتمائه تصبح الخطط جميعها بلا معنى.

وبقراءة سريعة للمشهد في الإمارات، أثناء الأزمة، نكتشف إخلاص الإنسان وحرصه على إنجاح السياسات والمبادرات، من خلال تطبيقها تطبيقاً واعياً، بل والتطوّع ليساهم في تجربة الخروج من المأزق، بخضوعه للتطعيمات وإيجاد نسبة لا بأس بها من الملقحين السليمين، ما خلق انفراجاً ولو جزئياً، سبق بدء عملية التطعيم الرسمي، وعمّم إحساساً بالثقة والأمان والطمأنينة، وهو ما جعل المسؤولين يشجعون إقامة معرض للكتاب على سبيل المثال، كما حصل في الشارقة، وكان إشارة ناصعة على الالتزام والطمأنينة والثقة.

الأزمة لم تنته بعد، وإدارتها تسير بخطى ثابتة، وستكون الإمارات، بإذن الله، الدولة الأولى التي تعلن خلوّها من الوباء وانتصارها عليه، كما انتصرت في ملفات كثيرة.. ونرجو أن يكون عام 2021 عام الإنجاز والأمل المتجدّد، وأن تبقى الإمارات واحة للأمان والازدهار، وكل عام وأنتم بخير.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"